للصدقة فضائل عظيمة وردت في الكتاب والسنة.
قال تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ
وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).

وقال تعالى: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ
وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏
(ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما‏:‏ اللهم اعط منفقًا خلفًا
ويقول الآخر‏:‏ اللهم اعط ممسكًا تلفًا‏). متفق عليه.
فالصدقة تبارك المال وتقي من مصرع السوء وتزيد الإيمان وتشرح الصدر
وتسل السخيمة من القلب وتؤلف بين القلوب
وتستر العيوب وتخلف الذكر الحسن وغير ذلك من الفضائل الحسنة.

بيان هذه الممارسات الخاطئة:
1- أن يرائي المتصدق في صدقته ويقصد بها السمعة والثناء الحسن
وهذا في الغالب مخفي لا يطلع عليه أحد لكن هناك أمارات وقرائن قد تدل على أن المتصدق في قلبه مرض

فمثلا إذا أراد أن ينفق في مشروع أقام مؤتمر صحفي ودعاية لعمله.

وبعضهم لا يفعل أي مشروع خيري إلا يعلن عنه في الصحف ويسمع به كل أحد
أما المشاريع التي لا يطلع عليها أحد لا يشارك فيها أبدا.

وبعضهم تجده من أكرم الناس في لقاءات قومه ومجامع الناس
ولكن إذا قصده فقير أو احتاجه قريب له في السر امتنع من العطاء.

والرياء يبطل ثواب الصدقة.
قال تعالى: (كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ
فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا
لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ).

أما إذا اقتضت المصلحة الجهر بالصدقة وترتب على جهره آثار حسنة كالإقتداء به
أو إبلاغ الناس بأهمية المشروع أو إخبارهم بمأساة طائفة
أو نحو ذلك من المصالح فلا حرج عليه في ذلك
وليس ذلك من الرياء لأن قصده حسن رخص به الشرع.

2- ومن الممارسات الخاطئة أن بعض الناس ينفق في مجال معين ليتوصل بذلك إلى منصب أو مركز أو رئاسة
ولا يمكن أن يساهم في عمل أو مجال آخر لا يحقق له مصالح فهذا قد تعجل ثوابه في الدنيا
وقد يحصل له وقد لا يحصل له.
قال تعالى: (وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ).

3- ومن الممارسات أيضا أن بعض الناس قد يتصدق على شخص أو أسرة أو قبيلة لينال من وراء ذلك منفعة معينة
فالناس غالبا عبيد لمن أحسن إليهم ويكون هذا المتصدق قاصدا لذلك.

فهذا إن كانت المنفعة التي يروم الوصول إليها محرمة كالزنا والرشوة فهو آثم في تصرفه
وإن كانت المنفعة مباحة كزواج وبيع وتبادل مصالح فعمله مباح
لكن لا ثواب له في الآخرة لأنه فعل ذلك لأجل الحصول على عرض من الدنيا
لم يقرض الله قرضا حسنا.
لكن لو كان قصده لله ثم عرض عليه قصد دنيوي فشرك في نيته فهذا صدقته لا تبطل
لكن ينقص من ثوابها لأنه لم يخلصها لله.


4- والأخطر من ذلك أن يحابي في زكاته فلا يتحرى المستحق فيها فيبذلها لقريبه غير المستحق لها
لينال ثنائهم ورضاهم أو يبذلها في أناس يرجو منهم منفعة ومصلحة والعياذ بالله.
أو يكون له دين على فقير فيسقط الزكاة منه فهذا آثم في تصرفه والزكاة لم تسقط عنه وذمته لم تبرأ بذلك.

5- ومن الممارسات الشائعة أن يمن المتصدق على من أعطاه بإظهار المنة عليه
كأن يعدد له مواقفه أعطيتك وأعطيتك وهكذا. وسواء كان هذا التصرف منه في مجلس خاص أو عام.
وتعظم المنة إذا أشاع ذلك وأخبر الناس بفعله. والمنة تبطل الصدقة لأنه لم يقصد بذلك ثواب الله
وإنما الانتصار لنفسه. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى).
ولقد كثرت المنة في هذا الزمن لضعف الوازع الديني والله المستعان.

6- ومنها أيضا أن يؤذي المنفق الفقير بأي لفظ أو تصرف مما يهين كرامة هذا الانسان الحر ا
لذي قد يكون أكرم عند الله منه وأحسن رجولة منه لكن نزلت به مصائب الزمان
وضاقت عليه الأحوال. فيأتي هذا الغني فيهين كرامته ويشعره بالحرج والضيق
فيقول له إلى متى تأخذ مني أو آخر مرة أعطيك أو أنت ما تشبع ونحوه أو بالفعل كأن يشير إليه بلسانه
أو عينه أو هيئته.
فهذا يبطل صدقته أيضا لقوله تعالى: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا
وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ)


فأسأل الله أن يفتح علينا في بصائرنا ويرزقنا الشكر في السراء والصبر في الضراء
وأن يملأ قلوبنا زهدا ويقينا وحكمة
ويجرد نفوسنا من حظوظها ونزغات الشيطان وفتنة الدنيا.
منقول للفائدة.