أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: سأريكم ابا ابراهيم

  1. #1
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : May 2016
    الدولة : الأردن
    المشاركات : 560
    المواضيع : 166
    الردود : 560
    المعدل اليومي : 0.19

    Lightbulb سأريكم ابا ابراهيم

    ........سأريكم جمعة القطامي -ابوابراهيم -

    .

    الذي مات اليوم
    -.....الذي نزلَ عن الجبل وأنقذني من الغرق -"
    .
    ..........................................كان شخصا مرتبطاً بالأرض ..هل ترى الأرض بلا زهرة بريّة ...!!وأيضا لا تراها بدونه ...هو مع الشجر والجبل وجدول الماء ...لا أراه إلّا وأتذكر اصالة الإنسان ونزوعه إلى الصداقة مع كلّ شيء ...

    .
    ...ولقد تغيّرنا جميعا وهو لم يتغيّر ...فكنتُ أرى الناس كأنّهم يخرجون من أنفسهم إلى صوَر لا تدلّ عليهم - يكذبون -...لو نزعتَ عنهم أغلفتهم التي يتزيّنون بها ...لا تجدهم .....!!-..وهو لا يخرج من نفسه ولا يكذب ....كانت رؤيته تُعيدني دائما إلى أنفسنا الأولى التي خرَجتْ معنا من أوطاننا ...تكافح الشقاء ....حتى لو ألقيتها في النعيم ....

    .
    ...كنتُ أحاول العوم في بركة ماء عميقة ..قد تجمّعتْ فيها مياه الشتاء ..ولم أكن أعرف السباحة في ذلك الوقت ...وانزلقتُ إلى العمق وصرتُ أسفل الماء وامتلأتْ رئتيّ بالمياه....كنتُ أحاول المشي في أرض البركة للخروج مشياً ويُعيدني ضغط الماء إلى العمق دائما ...حتى يئستُ وأيقنتُ بما يسمّونه ---الموت -.....وصرتُ استعدُّ لأرى وأراقب وأعرف ماهو الموت الذي ذاقه اليوم أبو ابراهيم ....!!

    ..وأنا في الماء كنتُ أسمعهم ...في الأعلى أولئك الذين لم يموتوا بَعدُ ....وما زالوا في الحياة يركضون في الطرقات والحقول وفي طريقهم مازالوا يُذنبون ,,,حتى اسودَّتْ نفوسهم واعتادوا الظلام ...فالذنوب ظلامُنا وليست القبور ....

    .
    ...يقول أحدهم : لا أجازف بإنقاذه ..يموت واحد ولا يموت اثنان - وكان هذا صاحبي الذي ألعب معه وكان عمري وقتئذٍ تسع أو ثمان سنوات - ..هُم أناس بوجهين كعصاة موسى :"فألقاها فإذا هي حيّة تسعى ..قال: خذها ولا تخف ..سنعيدها سيرتها الأولى " ..هؤلاء لا يعودون إلى خيرهم إلّا قبل لقاء الله بساعة ..!!..........
    .....وسمعتُ آخر يقول : نرمي اليه حبلاً ..قالوا : سيتمسّك بالحبل ويشدّك اليه : فالغريق يمسّك بأيّ شيء ليقبض على الحياة .....!!!...ورَفَقوا بأنفسهم ولم يرموا الحبل .....لا أحد يرمي لك حبلاً لنجاتك ...ويُخدَشُ بسببك خدشاً.....!!..إلّا نفرُ بريدون الإقتراب من الله ...!!
    .
    ..وإذا بواحد يقول : انظروا هذا جمعة يركض ينزل من أعلى الجبل - كعادته دائما ..هو مع الجبل كزهوره البريّة - ..لا تهمّها الثلوج ولا الرياح ..يحرث ببغلته الأرض أو يرشّ الأشجار .........وبدون أن يسأل سؤالا أو يعرف مَن هذا - فهو صادق كالأرض أيضا - يفهم الخير بطريقته الخاصّة - أن يساعد أينما كان ومَن كان ....لأنّ لحظة الخير هي فقط التي تعيدنا الى الله ...!......وهناك وهو وحده فوق الجبل تعّلم الكرَم والشهامة ..لأنّه وحده ............................!!..وكلّما اقتربتَ من الإنسان ...كذبتَ وتلوّنت ...وتغيّرتَ ونسيتَ نفسك الأولى .....................!!..

    .... أوسمة الإنسان صفاته ...وهي التي يمشي بها في الحياة وتضيء له .......وأمّا وظيفته فهي تُلقيه ويُلقيها بعد حين ...!
    .
    ....قفز في الماء وغطس وأمسك بي وعام إلى حافّة الأرض وأنا أشدُّ بيديّ الإثنتين على رقبته ...!!لقد كان بالنسبة لي في تلك اللحظة هو الحياة ,,,,!!....وأريد أن أعود إلى بيتنا والطريق والأصحاب ......ولا أريد ظلام هذا الموت ...

    ..وألقاني وبدأ يضغط على صدري ليُخرج من رئتيّ قرَبَا من الماء ...ليدخل الى رئتيّ الهواء كما كان يدخل من قبل ..!!.....يفعل كلّ شيء صامتا يتحرّى الإخلاص كما علّمه الجبل .........
    .
    ...ومشيتُ الى البيت وأنا ذاهل كأنّي خارج من الموت يوم البعث ...أقول في نفسي ما أسهل أن يحيينا الله فنحيا وما أسهل أن يُميتنا فنموت ...!!..نحن قطعة لحم بيد الله يفعل بها ما يشاء :..في وجهي قطعة لحم ترى وقطعة لحم تشمُّ وقطعة لحم أخرى تفكّر ..!!
    ..وكلّ وظيفة في آلة جسمي تقوم بها قطعة لحم من الشحم واللحم ...!!.....نحن أسرى لأجسامنا ما ندري ما يحدث فيها وما يفعل الله بنا ....!!..إلّا عقولنا حرّة :تفهم وهي ترقب الحياة ...ما تشاء فتشقى ......أو ما يشاء الله ....فتأوي الى سلامه والنعيم
    .

    ..طلب أبي رؤيته ...صار يضحك :لا يريد جزاء ولا شكورا ....فهو لم ينقذني من أجل أبي ..!!..ولا من أجل آخر رغيف خبز في هذه الحياة - وإن كان ذلك الرغيف هو الذي إن لم يأكله مات - !!!.....هي مروءة الأرض ..كما قلت لكم ...التي لا تنتظر الخير والمطر الّا من السماء .....!!

    ..ستلقى خيرك في مكان ما لا بدّ من ذلك... لأننا لا نفعل الخير إلّا لله ,,,,ولن يضيع خيرٌ والله هو الذي يرقبه ... ..
    .
    وها أنت تُخرِجني من ظلام الموت وتَدخُل فيه ...ورأيتك في ظلام القبر تمشي الى ضوء متلألىء
    ورأيت أن الله أبدلك بشقاء اللّاجىء وصراعه في الأرض والظُلم والفقر ...جنّات النعيم
    .
    .
    .
    .

    .
    .
    عبدالحليم الطيطي
    عضواتحادالكتاب والأدباءالأردنيين والتجمع العربي للأدب./الأردن

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,131
    المواضيع : 318
    الردود : 21131
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    .
    وها أنت تُخرِجني من ظلام الموت وتَدخُل فيه ...ورأيتك في ظلام القبر تمشي الى ضوء متلألىء
    ورأيت أن الله أبدلك بشقاء اللّاجىء وصراعه في الأرض والظُلم والفقر ...جنّات النعيم

    هذه هى خلاصة حكمة الموت والحياة ـ فعندما يفعل الإنسان الخير ولا ينتظر رده من البشر
    بل من السماء ـ فإذا ذهب إلى ظلام القبر وجده متلألأ الضياء وكانه روضة من رياض الجنة.
    نص جميل الفكرة بنسج جميل ولغة شاعرية
    في قصة مدهشة بما حملت من فكرة ودلالاة.
    بوركت ـ ولك تحياتيوتقديري.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Nov 2019
    المشاركات : 3,456
    المواضيع : 237
    الردود : 3456
    المعدل اليومي : 2.15

    افتراضي

    قليل هم من كانوا مثل أبو إبراهيم يفهم الخير ويفعله ويساعد أينما كان ومن كان
    دون أن ينتظر جزاء أو شكورا ـ فهو لا ينتظر الخير إلا من رب السماء
    فإن الله تعالى يعلم عمل العبد، ويحصيه له ويكتبه ﴿ أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ ﴾ [المجادلة:6]
    ويوفيه أجره كاملا غير منقوص ولا مبخوس.
    قصة جميلة وسرد واقعي يقدم فكرا بحس عميق وبأسلوب أدبي مكثف
    تحياتي وتقديري.


  4. #4
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : May 2016
    الدولة : الأردن
    المشاركات : 560
    المواضيع : 166
    الردود : 560
    المعدل اليومي : 0.19

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناديه محمد الجابي مشاهدة المشاركة
    .
    وها أنت تُخرِجني من ظلام الموت وتَدخُل فيه ...ورأيتك في ظلام القبر تمشي الى ضوء متلألىء
    ورأيت أن الله أبدلك بشقاء اللّاجىء وصراعه في الأرض والظُلم والفقر ...جنّات النعيم

    هذه هى خلاصة حكمة الموت والحياة ـ فعندما يفعل الإنسان الخير ولا ينتظر رده من البشر
    بل من السماء ـ فإذا ذهب إلى ظلام القبر وجده متلألأ الضياء وكانه روضة من رياض الجنة.
    نص جميل الفكرة بنسج جميل ولغة شاعرية
    في قصة مدهشة بما حملت من فكرة ودلالاة.
    بوركت ـ ولك تحياتيوتقديري.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    وألف سلام يا استاذة ناديه وألف شكر

  5. #5
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : May 2016
    الدولة : الأردن
    المشاركات : 560
    المواضيع : 166
    الردود : 560
    المعدل اليومي : 0.19

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أسيل أحمد مشاهدة المشاركة
    قليل هم من كانوا مثل أبو إبراهيم يفهم الخير ويفعله ويساعد أينما كان ومن كان
    دون أن ينتظر جزاء أو شكورا ـ فهو لا ينتظر الخير إلا من رب السماء
    فإن الله تعالى يعلم عمل العبد، ويحصيه له ويكتبه ﴿ أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ ﴾ [المجادلة:6]
    ويوفيه أجره كاملا غير منقوص ولا مبخوس.
    قصة جميلة وسرد واقعي يقدم فكرا بحس عميق وبأسلوب أدبي مكثف
    تحياتي وتقديري.

    ولك ألف تحية وألف سلام وألف شكر

  6. #6
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : May 2016
    الدولة : الأردن
    المشاركات : 560
    المواضيع : 166
    الردود : 560
    المعدل اليومي : 0.19

    افتراضي

    ...صدقيني : ليس في الحياة متّسع لألم غير ألم الموت..
    ..وأفراحنا كطيور مقيّدة ..يطلقها الله يوم الخلود..............