أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: سبحانك ربي ما أعظمك.

  1. #1
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Nov 2019
    المشاركات : 3,456
    المواضيع : 237
    الردود : 3456
    المعدل اليومي : 2.15

    افتراضي سبحانك ربي ما أعظمك.

    سبحانك ربي ما أعظمك!

    هدى عبدالرحمن النمر
    رأيت مشهدًا عجيبًا أثار في نفسي الكثير من التأملات والحقائق، ولم أملك إلا أن أردد أمامها: "ألا سبحانك ربي ما أعظمك"!
    رأيت كلبين يتعاركان في الحديقة المقابلة لنا، أحدهما كلب مقيم منذ فترة والآخر كلب ضال جاء يتعدى على ملكيته، بل ويضايق أنثاه!
    فما كان من الأخير إلا أن أنشب أظفاره وأسنانه في عنق الأول وجسمه، حتى رحمتُه وأشفقت عليه أن يهلِك، وما زال الكلب المسعور يعارك الضال حتى أجلاه في النهاية عن أرضه.
    فتأملت كيف توجد معاني النخوة والحرص على الملكية حتى عند من لم يُكرّم بالعقل، بل إنَّ ممن كُرّموا بالعقل من لا يغار على حِماه ولا يُنكر مُنكرا بين أهله،
    فحقًا إنْ أولئك إلا كالأنعام، بل هم أضل سبيلا.

    ولم يلبث الجمع الهائج إلا قليلا حتى دخل الحديقة شيخ مسن، أزعجه عواء تلك الكلاب المتعاركة، وانحنى يلتقط حجرًا صغيرًا،
    فما عجبت إلا للكلاب جميعها ولّت هاربة في غمضة عين، بما فيهم ذلك الكلب الهائج، ولّى وهو يعوي عواء استرحام، وقد كان منذ قليل ينبح الكلب الآخر في غطرسة وتجبر.
    فتأملت في حال الإنسان كيف كرمه الله ووضع له الهيبة في قلوب بقية المخلوقات، حتى وإن بلغ من العمر أرذله، ولكن أكثر الناس لا يشكرون.

    ثم تأملت كيف أنه هو هو ذلك الإنسان قد يقف عاجرًا أمام بَقَّة أوعُثَّة، يَجوس خلال الفراش بحثًا عنها فلا يفلح،
    وكيف أنَّ قرصة بعوضة صغيرة قد تلزمه الفراش أويتورم منها جسده وهو يتأوه ألمًا، "ذلك تقدير العزيز العليم" .

    وتأملت كيف أن الكثير قد يتقمص -أعزكم الله- دور ذلك الكلب الهائج، فتراه ينبح من هو أضعف منه بغير رحمة أو سماحة،
    ثم هو أمام أولي الأمر منافق مُداهن يمرغ أنفه بتراب الزلفى إليهم، فيعوي في استعطاف، ويُهان فلا يزيد ظهره إلا انحناء.

    ورأيت كيف أنَّ من البشر من يقبل أن يعيش كالكلب الضال، يُضرب على خدّ فيدير الآخر في ذلة وانكسار، يقبل المهانة والذل،
    يرضى أن يمد إليه الآخرون أيديهم ليقبّلها في خنوع، ويقتات من فتات المُنعِمين عليه، وما يملكون له من الأمر شيئا.

    وحضرني قول محمد إقبال: "لو رأى الظالم على جنب المظلوم سيفًا لما أقدم على الظلم"،
    وقوله كذلك لأبناء الهند إبان الاحتلال الإنجليزي: "إنكم ملايين عديدة من البشر ولو كنتم ملايين الذباب لأوشك طنينكم أن يَصُم آذان الإنجليز".

    وكذلك عجبت لأمر أنثى الكلب إذ كانت أول من لاذ بالفرار لما أبصرت الشيخ تاركة خلفها جراء صغيرة تتعثر، وعجبت لعظيم حكمة الله وإعزازه للإنسان
    إذ لم يُكرّمه بالعقل فحسب، بل وحتى في الغرائز الطبيعية التي يتشارك فيها مع غيره من المخلوقات، ومنها هنا غريزة الأمومة،
    فلا نرى أمّا تؤثر نفسها بالسلامة على أولادها، أوتَطيب نفسها إذ تفر من الخطر دون حتى أن تلتفت خلفها، وقس على ذلك غرائز أخرى كثيرة
    كإشباع الجوع والذهاب إلى الخلاء، "وقليل من عبادي الشكور" .

    ألا سبحانك ربي ما أعظمك!
    سبحان ربي الأعلى الوهاب
    "رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ"

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,137
    المواضيع : 318
    الردود : 21137
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    ألا سبحانك ربي ما أعظمك!
    سبحان ربي الأعلى الوهاب
    "رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ"

    عميقة هذه الشذرات وفي هذا العمق ما يحرض العقل
    على التأمل والتدبر لكلمات تنبض بالحكمة تخترق القلب بدهشة.
    سلمت أسيل وسلم اختيارك وجميل تذوقك
    شكرا لك ولك تحياتي.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي