من عاش قصة حب سيئة وتعقد منها ثم كتب عن الحب فإنه سينظر اليه غالبا نظرة سوداوية فللأسف نحن نكتب عن الحب من خلال أنفسنا لا من خلال الحب نفسه فنسقط ما بأنفسنا مما نتج عن تجاربنا عليه ونقول هذا هو الحب وكان يفترض أن ننظر اليه بتجرد.
قد لا يلام هؤلاء لأن تجارب الحب أحيانا قد تكون تجارب قوية تهز الإنسان وتزلزله فتترك فيه أثرا لا يمحى مع مرور الزمن فيتكون عنده انطباع سيء عن الحب يتحول الى رأي يتبناه ويدافع عنه.
المشكلة ليست في الحب المشكلة فيمن يحب وهنا كلامي يدور حول الحب الطاهر العفيف.
الحديث حول أهل هذا الحب يطول ولذلك سأتحدث عن بعض النقاط وباقتضاب ويكفي أن أشير اليها فقط :
الاهتمام _ الجاذبية _ الإعجاب _ تفسير المشاعر
لو ربطنا بين هذه العناصر الأربعة وقمنا بالتحليل فإننا سنستنتج أننا قوم نجهل الحب ولا نعرف كيف نحب فكثير منا قد يفسر الاهتمام بالحب وأنا أعذرهم فهو شيء قد لا يتجنب إذ أن الحب يشترك مع أشياء أخرى في الاهتمام لكن ينبغي للمرء قبل أن يفسر الاهتمام بالحب أن يتأكد حتى لا يقع في الحب ثم يصدم بأن من أحبه لا يحبه.
أما الجاذبية فهذه تتعب صاحبها إن كان عنده ضمير إذ أن الوقوع في حبه من الآخرين أمر شديد الاحتمال فالحب يتجه نحوه أكثر بكثير من غيره فهو كالنور يجذب الفراشات والفراشات يتجهن نحوه على مراكب الحب وهن لا يعلمن أن الشخصية الجاذبة تنجذب اليها النفس وليس شرطا أن يكون هذا الانجذاب هو الحب.
وأما الإعجاب فهذا الذي يحدث فيه الخلط بين العشق وأنواع الحب الأخرى ولاشك أن الإعجاب هو أول العشق فقد يفسر المرء إعجابه بشخص ما أنه عشق ثم بعد فترة يكتشف أنه حب آخر غير العشق فكثير من أنواع الحب تبدأ بالإعجاب.
وأما تفسير المشاعر فهذا هو بيت القصيد كيف نفسر مشاعرنا تجاه الآخرين كيف نستقبل مشاعر الآخرين تجاهنا وكيف نفسرها وكيف نتعامل معها.
خلاصة القول أن الحب مثل النور والقلب مثل الزجاجة فكما أن النور يخترق حاجز الزجاج فكذلك الحب يخترق حاجز القلب حتى يصل الى سويدائه بعلمنا أو بدون علمنا وأحيانا رغما عنا فحسب تعاملنا معه وإدارتنا له تتكون العلاقات التي تنشأ فيما بيننا في جميع أنواع الحب فإن حصل لشخص ما مشكلة فيه فإنه قد يقع في خطأين الأول النظر الى الحب من خلال تجربته الفاشلة والثاني التعميم ومن ثم يستنتج آراء خاطئة ويتبناها ويناضل للدفاع عنها.
والله أعلم