سيناريوهات المخرج للحرب الروسية الأكرانية

بتاريخ: 24 فبراير 2022م غزت روسيا أكرانيا من أجل تحقيق أهداف معلنة.
أُعْلنت الحرب على أكرانيا فغزتها روسيا ولم تزل مستمرة في غزوها إلى تاريخ كتابة هذا المقال.
لقد ظن بوتين أن غزو أكرانيا مثل غزو شبه جزيرة القرم، ظن أن الغرب سيتصرف مثلما تصرف معه حين ضم القرم.
بوتين يعتبر أكرانيا دولة مستقطعة من روسيا إذ هي التي أقطعتها لها من أراضيها لتشكيل دولة أكرانيا ودعمتها بــ: 150 مليار دولا، ولكن حين استبدل الحكم فيها والذي اعتبره بوتين انقلابا تغيرت مواقفه واستبدلت بمواقف أهمها منع أكرانيا من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، غير أن الغرب بزعامة أمريكا لم يقبل إلا بتضييق الخناق على روسيا وجعل أكرانيا دولة تابعة له وعضوا في الناتو وبالتالي تصبح دولة مهددة لروسيا تهديدا عمليا.
لطالما صرح بوتين بضرورة إعطائه الضمانات الأمنية في أوروبا كجعل أكرانيا في وضع حيادي ولكنه لم يطلب ذلك من أوروبا، بل طلبه من أمريكا وفي هذا استخفاف بالأوروبيين وإهانة لهم أكبرها رده على ماكرون حين عرض عليه الوساطة صرح قائلا: فرنسا لا تقود حلف الناتو، وهذا التصريح فيه استعلاء واضح، وإبراز نفسه ندا لأمريكا وليس لأوروبا.
دخل بوتين الحرب إما بقراءة مستقبلها الذي أطالها وسيطيلها، أو دخلها بغير قراءة مستقبلها، فإن لم يسرع إلى إنهائها بسرعة فستستفغن وفي ذلك هزيمته وإخفاقه في تحقيق أهدافه الاستراتيجية، ومن الغباء السياسي تقليد العدو، فبوتين حين رأى أن متطوعين أجانب يرغبون في المشاركة في الحرب إلى جانب أكرانيا بادر إلى الإعلان والقبول بمتطوعين من الشرق الأوسط ليقاتلوا إلى جانب روسيا ناسيا أن أمريكا تريد إطالة الحرب، وهذا هو الغباء الأعمى ويظهر ذلك في الانسياق وراء مخططات عدوه والاستدراج الذي دفعه إلى تقليده، فبدل أن ينهي الحرب ويحسمها سقط مرة أخرى في مصيدة عدوه.
وسيناريوهات الإنهاء تفاديا لهزيمة الروس وخروجا من المستنقع الذي أوقعته فيه أمريكا كالتالي:
أولا: تدمير كييف في أقرب وقت ممكن تدميرا حقيقيا حتى لا تبقى مقاومة ولا يبقى أثر لحاملي السلاح في المدينة.
ثانيا: المناورة السياسية كوقف إطلاق النار وإطالة أمد المفاوضات وجعلها لكسب الوقت والسكوت المؤقت عن شروطه مثل نزع سلاح أكرانيا والاعتراف بسيادة روسيا على القرم مع إبقاء جيشه في مكانه لا يبرحه ولا يخفف من تطويقه لكييف ولا يسمح بالممرات الإنسانية إلا بفحص حقيقي ودقيق لكل مارّ منها حتى لا يهرب الرئيس والمسؤولون فيتم اعتقالهم.
ثالثا: الإعلان عن حكومة أكرانية جديدة يبرزها إلى السطح ويسوّقها بالعمل السياسي حتى تكون بديلا لحكومة زيلينسكي بعد مقتله أو هروبه أو اعتقاله.
رابعا: دفع بوتين إلى زاوية ضيقة تضطره إلى استعمال السلاح النووي أو تدفع ضباطه للانقلاب عليه وإزاحته من السلطة.
خامسا: تنحّي بوتين عن السلطة صوريا كما فعل مع مدفيدف ريثما تتهيأ الظروف المناسبة لحسم الأمر بنفس الأهداف التي أعلنها أعلاها وأهمها جعل شرق أكرانيا جزءا من روسيا فهي أهداف روسية وليست أهدافا بوتينية.
سادسا: إذا تم الضغط على روسيا وتبين أنها منهزمة فعلى بوتين أن يعلن انسحابه من جميع المناطق التي احتلها بشرط ألا تحل محلها قوة عسكرية أكرانية أو أجنبية لتصبح المناطق حيادية وتحت رقابتها وفي قبضتها عند إرادة الانقضاض بذريعة عدم الخضوع لشروط الانسحاب الروسي من أكرانيا مع جعل أكرانيا كما هي عليه في وقته لا تستقدم قطعة سلاح واحدة ولا قطع غيار.
سابعا: عند رفض أكرانيا بضغط أمريكي لمثل هذه الشروط الموجبة للانسحاب من أكرانيا؛ على الروس أن يبدو جدية حقيقية تدفع أوروبا وهي مؤمنة بالتهدئة وخائفة من الحرب ومستعدة للتخلي عن أكرانيا بل والمجر وبولندا وجميع الدول التي كانت تحت الاتحاد السوفييتي سابقا، أوروبا يمكن أن تقبل على مضض بعدم الانسياق مع أمريكا فتعزل روسيا أمريكا عزلا حقيقيا بضمانات كتابية وهي إعلان روسيا عن استعادة تركة الدولة السوفييتية وإظهار أعمال تكشف جدية المطالب الروسية فتهاجم من الأراضي الأكرانية سلوفاكيا أو المجر أو رومانيا هجوما محدودا ليس الغرض منه الحرب الحقيقية التقليدية أو الحرب النووية، بل القصد منه إرهاب أوروبا وتخفيف الضغط على روسيا ورفع يد الغربيين عن أكرانيا واليأس من ضمها إلى الناتو وإلى الاتحاد الأوروبي، ولا يسار إلى ذلك إلا بتصريحات مجنونة من مثل: إما أن تعيش روسيا آمنة كما أنتم آمنون، أو لا يأمن واحد منا ولنمت جميعا، فحياة الدولة الروسية هي حياة العالم الغربي والعالم أجمع، وموت روسيا هو موت العالم أجمع، وبهذه التصريحات المقرونة بعمل عسكري محدود في دولة بأوروبا الشرقية تابعة للناتو تنكشف حقيقة المواقف الأمريكية وجديتها فلسنا في عهد حافة الحرب العالمية الثالثة يدفع إليها الوزير جون فوستر دالاس، وفي رأيي أن الأوروبيين هم المعنيون وليس أمريكا، فأمريكا يمكن أن تحرقهم ولكن إذا عقلوا تخلوا عن أمريكا على الأقل عند حماقة شكلية أو حقيقية للقيصر بوتين.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
محمد محمد البقاش
طنجة بتاريخ: 12 مارس 2020م على الساعة الثالثة صباحا بتوقيت غرينتش
mohammed.bakkach@gmail.com