أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: الأمور الواجب مراعاتها عند وضع نظرية عَروضية منافسة لنظرية الخليل

  1. #1
    أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2022
    الدولة : الاردن
    المشاركات : 111
    المواضيع : 23
    الردود : 111
    المعدل اليومي : 0.18

    افتراضي الأمور الواجب مراعاتها عند وضع نظرية عَروضية منافسة لنظرية الخليل

    الأمور الواجب مراعاتها عند وضع نظرية عَروضية منافسة لنظرية الخليل
    الباحث العروضي/ أبو الطيّب ياسر بنُ أحمد القريـــــــني البلوي القُضاعي
    هناك قاعدة عقلية تمنع العقلاء من الركض وراء كل مغامر، إلّا إذا اثبت هذا المغامر أقواله طبعاً، والقاعدة هي: أنّ كل نظرية هي ظن، ولكل نظرية نواة وغلاف؛ لكن الحكم الظنّي المستوفي للشروط المعتبرة، أي له براهين وقرائن معتبرة وليس عن هوى، هو فكـر صائب، فيظل صائباً حتى يتبـين خطؤه تماماً؛ فإذا تبـيّـن خطؤه فعندئذ فقط يـُحكم عليه بالخطأ؛ أمّا قبل ذلك فلا. ونظرية الخليل العروضية لم يتبـين خطؤها تماماً، بل أنّ هناك فرقاً بين الخطأ والبطلان، فالخطأ فيه بعض من الصواب، أمّا البطلان فخطأ محض. فمازالت نظرية الخليل قادرة على تبيان قواعد العروض العربي على الرغم من كم الانتقادات الواسعة والوجيهة التي وجهت لها منذ ظهورها، و على الرغم من التذمر من صعوبة القياس بمسطرتها.
    فإبداع نظرية أقوى من نظرية الخليل العروضية تتعامل مع نفس الواقع الذي تعامل معه الخليل، أي حصره بعصور الاحتجاج المعتبرة؛ لا يتأتى إلّا بالخروج على أساسات نظريته التي تقوم عليها نواة النظرية، فمن يظل أسيراً لها فلن يستطيع أن يأتي بأفضل مما أتى به الخليل، وجميع المحاولات للخروج على نظامه، قديماً وحديثاً؛ تشهد بذلك. فليست القضية رصف تفاعيل وراء بعضها، ولا التعبير عن العروض بأرقام؛ ولا اعتبار السبب الخفيف أصل لها جميعاً، ثم حذف ساكنه وتحريكه فتظهر جميع القوالب.
    فاعتباره كذلك دون تفسير صوتي وإيقاعي قوي، هو مثل اعتبار أنّ الأصل في العروض العربي هو الحروف المتحركة ثم بتسكين متحركات مخصوصة الموضع في السلسلة الصوتية، فستظهر جميع القوالب بهذه الطريقة أيضاً. بل حتى لو اعتبرت الأصل في العروض العربي هو السواكن، وبّررت ذلك بطريقة فلسفية بكون الحركة طارئة على الوجود؛ ثم بتحريك سواكن مخصوصة الموضع، فستظهر جميع القوالب بهذه الطريقة أيضاً.
    فالقضية هي إيجاد نظام متكامل مترابط شامل، وله مسطرة قياس؛ حتى لو كان النظام معقّداً وصعباً، وحتى لو كان به ثغرات في الظاهر؛ فالثغرات التي في نظام الخليل المترابط الشامل إنما سيراها الباحث المتعمّق عند النظر لنظامه من خارجه؛ أمّا إذا نظر إليها من داخل نظامه فهي متوافقة مع أساسات نظامه؛ فالخليل العبقري أذكى من أن يترك أحداً يستدرك عليه، فقد أقفل ثغرات نظامه القاتلة، ولم يترك وراءه إلّا ثغرات هامشية استحال عليه إقفالها؛ لا يضره من اكتشفها من بعده، لأنهم إمّا سيعجزون عن إقفالها فيستسلمون للأمر الواقع؛ وإمّا سيكون إقفال هذه الثغرات متعلق بغلاف النظرية وليس بنواتها؛ وهذا التعديل في غلافها لن يزحزح نظامه الخليل عن مكانته المستحقة، لان التعديل لم يمس نواته. (1 )

    ..........
    (1) : في رواية لتلميذ الخليل النَضر بن شُمَيل عن حادثة حصلت مع الخليل، قال: جاء للخليل رجل من أصحاب يونس يسأله عن مسألة، فأطرق الخليل يفكر وأطال، حتّى انصرف الرجل فعاتبناه، فقال: ما كنتم قائلين فيها..؟ قلنا كذا وكذا. قال: فإن قال كذا وكذا. قلنا: نقول كذا وكذا. فلم يزل يغوص حتى انقطعنا وجلسنا نفكر، فقال الخليل: إنّ المجيب يفكر قبل الجواب، وقبيحٌ أن يفكرَ بعده. وقال: ما أُجيب بجواب حتّى أعرف ما عليّ فيه من الاعتراضات والمؤاخذات} (شذرات الذهب، ج 2 ص 322).
    ......
    ثم إذا لم يتمكن المغامر من كسر الحلقة الأصعب في نظام الخليل وفي عروض الشعر العربي؛ ألا وهي تفسير ظاهرة الزحاف التي حيّرت الجميع بمن فيهم الخليل؛ فلن يلتفت لمحاولته احد، أقول هذا بحسب معرفتي بالتفاعلات الجارية في الساحة العروضية قديماً وحديثاً. فظاهرة الزحاف هي سبب الصعوبة المزمنة فيهما، فلو أنّ عروض الشعر العربي قام على وجه من الإيقاع دون تغيير، أي لو خلا من الزحاف، لَما ثارت ثائرة الجميع على نظامه، ولا انبرى الأصواتيون لمحاولة حلها ففشلوا فشلاً ذريعاً. ولكان تنعيم شيخ المدينة حينها، الذي كان يعلم الخليل رواية التنعيم، ومع تعديل بسيط عليه، مغنياً عن جميع النظريات العروضية. ( 2)
    ....
    (2) : فقد روى أبو بكر محمد القضاعي، قوله: {وتكاد تجزئة الخليل تكون مسموعة من العرب، فإنّ أبا الحسن الأخفش روى عن الحسن بن يزيد أنه قال: سألتُ الخليل بن أحمد عن العروض، فقلت له: هلّا عرفت لها أصلاً..؟ قال: نعم، مررتُ بالمدينة حاجاً، فبينما أنا في بعض طرقاتها، إذ بصُرت بشيخ على باب يعلّم غلاماً، وهو يقول له، قُل: نعم لا نعم لا لا نعم لا نعم نعم ... نعم لا نعم لا لا نعم لا نعم لا لا. قال الخليل: فدنوت منه فسلمت عليه، وقلت له: أيـّها الشيخ، ما الذي تقوله لهذا الصبي..؟ فذكر أنّ هذا العلم شيءٌ يتوارثه هؤلاء الصبية عن سلَفِهم، وهو علم عندهم يسمّى(التنعيم)؛ لقولهم فيه: نعم. قال الخليل: فـحجَجتُ ثم رجعت إلى المدينة فأحكمتُها}. (دراسة في التأسيس والاستدراك لمحمد العَلمي، ص 37).
    .....
    ومع ذلك، فالباب ليس مغلقاً على كل محاولة جادة للإتيان بنظرية أقوى من نظرية الخليل؛ لها مسطرة أسهل من مسطرة نظام الخليل؛ فسنة التدافع في الأرض ستظل قائمة بين الأفراد وبين الأفكار على السواء. لكن هناك أمور يجب أخذها بعين الاعتبار عند وضع نظرية عروضية منافسة لنظرية الخليل، أو حتى عند تأصيل القوالب في نظام الخليل؛ بحيث أنّ الباحث العروضي الـمُجِد إذا لم تغب عنه هذا الأمور؛ فيمكن الركون إلى الاستنتاجات العروضية التي توّصل لها؛ وبما يجعل تبعية أيّ مخالفة لهذه الاستنتاجات يقع وزرها على قريحة الشاعر وليس على النظرية العروضية.
    فأوّل ما يجب أخذه في الاعتبار، هو الانتباه للفرق بين الإيقاع المجرّد والإيقاع العربي، وهذا يستلزم أن تكون المادة الشعرية الخام محل الدراسة، محصورة بالعصور قبل الخليل [100 - 174 هـ]؛ أي الجاهلي والمخضرم والإسلامي والأموي؛ تماماً كما فعل الخليل.
    والأمر الثاني الذي يجب أخذه بعين الاعتبار، هو المنهج البحثي الذي غلب على الباحث سلوكه عند استنتاج التقريرات العروضية، وهل كان لفن المنطق الخَطر دور مخرّب أم بنّاء في استنتاجاته. ويجب أن يحرص العروضي كذلك على أن تكون نظرته للعروض العربي، نظرة صوتية إيقاعية وليس نظرة لُغوية؛ لأن هذا هو واقع العروض العربي. فمن كانت نظرته لغوية فسوف يعامل شواهد الشعر معاملة شواهد اللغة؛ وهذا خطأ قاتل قد يجرّه إلى تقنين كثير من المخالفات كجوازات.
    ومما يجب أخذه في الاعتبار كذلك، هو الظروف التي طرأت على عملية نقل المنظوم من فم الشاعر العربي المعتَـدّ بنظمه إلينا؛ ذلك أنّ هذا هو المادة الخام محل الدراسة العروضية. فيدخل في ذلك تعدّد روايات الأبيات [الأبيات الحائرة]، إذ لا يمكن تصوّر أنّ الشاعر قالها جميعاً. ويدخل فيه كذلك أوهام المحققين لدواوين الشعراء في هذا العصور المستهدَفة؛ فقد تجر عدم معرفتهم العميقة بأحكام العروض العربي والقافية العربية، إلى تقريرات عروضية خاطئة.
    وعلى الباحث بيان الرأي الذي يتبناه في الترجيح بين الأبيات الحائرة عروضياً وصوتياً؛ فالخطأ في الرأي المتبنّى بهذا الشأن، سينعكس على صوابية التقريرات العروضية المستنتجة. فما يهم قريحة الشاعر المطبوع الناظمة شعورياً وليس عقلياً، هو إصابة الوزن والمعنى معاً، فهذا هو الأصل فيها رغم افتراقهما على ندرة لمصلحة المعنى على الوزن.( 3)

    .....
    (3): إلمام الباحث العَروضِي بالروايات المتعددة للبيت بلهجات قبائل العرب، في تلك العصور المستهدَفة، فلعل الشاعر قال اللفظة موضع الخلل المتوقع بلهجة قومه، فاستقام له وزن البيت مع الجودة المقصودة، لكن تلك اللفظة بلهجة غير قومه [المستبدلة في رواية الديوان]، هي من تسبب بذلك الخلل. فهذه القضية ليس لها كثير قيمة في البحث العروضي..؟ ذلك أنّ المقطوع به أنّ الذي وصلنا من شعر الجاهليين والمخضرمين على الأخص، قد جاءنا في لغة أدبية موَحّدة في شكلها العام، وهي قضية شملت شعراء أصقاع الجزيرة العربية كلها؛ بل تعدّتها لأعراب العراق والشام في ذلك الوقت.
    .....
    ويدخل في ذلك الاهتمام بعمق بموضوع القافية العربية، والتركيز على قضية الإطلاق والتقييد في القوافي؛ لأنه قد ينتج عنهما زيادة في كثيرة من الأوزان، خاصة إذا تم تجنّب الإقواء بالتقييد على طول الخط (دراسة في التأسيس والاستدراك، ص 197). فالرأي الذي سيتبنّاه الباحث العروضي في هذه القضية، له تأثير مباشر على مواصفات القوالب العربية وعلى التقريرات العروضية.( 4)
    .....
    (4): فبعض الأصواتيين العرب كإبراهيم أنيس مثلاً، والذي حاول الخوض في العروض العربي لكنه عاد بخفي حنين؛ يرى أنّ جميع الأمثلة التي ذكرها العروضيون للإقواء، ليست من قبيل الخطأ الموسيقي، وإنّما من قبيل الخطأ النحوي. إذ لا يعقل بزعمه أنّ الشاعر الفحل يخطئ في الموسيقى، لكن المعقول برأيه هو أن يخطئ في النحو. (موسيقى الشعر، ص 88). ويشاركه بهذا الرأي أحمد مختار، فهو الآخر يظنّ أنّ الشواهد في بطون الكتب القديمة الخارجة عن القواعد التي وضعها النُحاة، ثم التمسوا لها تخريجًا بعد ذلك، ومن ضمنها شواهد الإقواء؛ إن هي إلّا بقايا من اللغة العربية في مراحلها الأولى قبل أنْ تنضُج..! (البحث اللغوي عند العرب: ص 82). وإلى هذا الرأي ذهب رمضان عبد التواب أيضاً (فصول في فقه اللغة، ص 91). أقول (أبو الطيب): الأمثلة اللغوية على صدق فكرتهم يجب أن لا تكون من الشعر، بل من كلام تفاصيل الحياة اليومية الخالي من الضغوط؛ وهو الذي لا دليل لهم عليه..؟ ذلك أنّ اللغة في جملة الشعر العربي، هي كلام مصفوف بطريقة مخصوصة تتوافق مع الأنساق والطوالع، ومع عمل القوانين الصوتية عليها، ومتوّج بقافية غير منفصلة عن الإيقاع؛ وكل هذا يضغط على قريحة الشاعر؛ ما يجعل احتمالية حصول الإقواء واردة وليس بمستحيلة، فسلامة اللغة العربية، نحواً وصرفاً؛ مقدّمة على سلامة الإيقاع؛ فولا ذلك لَما ظهرت لهم أمثلة الإقواء رغم قلتها. وفي ذلك يقول ابن جني: {**، فإنَّ العربَ قد تحملُ على ألفاظها لمعانيها حتى تُفسد الإعراب لِصحّة المعنى} (المحتسب، ج2، ص 211). فإذا كانت العرب تفعل ذلك في كلام الحياة اليومية كما قال ابن جني، فما بالك إذا كان ذلك في كلام الشعر الضاغط على القريحة الشعرية.
    .....
    ويدخل في هذا أيضاً، ولنفس السبب؛ الرأي الذي يتبنّاه الباحث في قضية إشباع حركة نهاية الكلمات، حشواً وفي نهاية السلسلة، وفيما يسمّى بالضرورة الشعرية. ويدخل في ذلك كيفية تصنيفه لهذه المخالفات الإيقاعية، أهي كسر نغم أم كسر وزن. فمن المهم أن ينتبه الباحث لكون القرائح العربية غير معصومة من الزلل؛ فمن سيعتبرها معصومة، فهذا سيجرّه إلى أخطاء في تقرير النواحي العروضية واللغوية على السواء.
    ويدخل فيه ذلك نظرة الباحث لعدد المخالفات الإيقاعية، هل كان تقديره لها تقديراً شخصياً، أم بناءً على الإحصاء الموثّق. أم هو على أساس مدلول القلّة والكثرة اللغوي، أم على أساس كـمّ ما يقاس وهو الصواب. فالخرم مثلاً وإن بدا في أعين البعض كثيراً بحقّ بحر الطويل على الأخص، لكنه في دراسة محمد العلمي التي شملت 191 ديواناً، قد بلغت نسبته مع التساهل 0.9 % فقط (عروض الشعر العربي- قراءة نقدية توثيقية).
    ويدخل في ذلك نظرة الباحث للندرة إن ثبتت، أهي عنده دليل على رفض للشيء أو الحكم بقبحه على طول الخط، أم هي عنده مجرّد قرينة تحتمل كلا الأمرين؛ فلا يجوز أن يتم التلاعب بهذه القرينة مزاجياً. فلا تكون قرينة الندرة دالة على البطلان، على اعتبار أنّ القرائح غير معصومة؛ إلّا في حالة واحدة، وهي إذا انكشفت القوانين الناظمة للعروض العربي حقاً، وبشهادة ذوي الاختصاص.

    انتهى هذا الموضوع، وازعم أنّ كاتب هذه المقالة قد حقّق كل هذه الشروط، وقهر نظرية الخليل فجاء بنظرية أقوى منها، أسميته (علم عَروض قُضاعة). وسيأتيكم نبأه قريبا. فأنا الآن أقوم بإعداد كتيب هو بمثابة مدخل للكتاب الأم لعروض قضاعة الصادر حديثاً، يتضمن جوهر نواة نظرية قضاعة، وملامح مهمة وكافية عن غلاف نواة النظرية.

  2. #2
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.27

    افتراضي

    أرحب بك وبما طرحت هنا من منهج رزين رصين وأسلوب متين يمني النفس بطرح مفيد ومنهج جديد لرؤية موضوعية وعلمية لموسيقا الشعر العربي عروضا وإيقاعا.
    وأحب هنا أن أؤكد على أننا منفتحون دوما نحو كل طرح علمي منهجي يتناول قضايا الأدب شعرا ونثرا وفنا فليس ثمة قداسة ولا عصمة لأحد، وإنما يكون الرأي لما له الرأي والاتباع لما يقنع بالاتباع وما كان العقل والفهم إلا لمثل هذا.

    ولعلني وأنا أمدح لك ما قرأت هنا من تمهيدك وأحضك على أن تتفضل بما عندك من علم بوعد منا أن نكون ممن يحسن الاستماع ويمحض القول صدقا وتناصحا وحكما لأجدني ومن باب تأكيد الجدية في التعاطي والاهتمام بكل شاردة وواردة هنا أرغب في أن أشير إلى بعض ما جال بالخاطر بينا أنا أقرأ ما كتبت:

    أولا ... نعم نرحب كما ذكرت آنفا بكل طرح رصين وليس ثمة عصمة ولا قداسة عندنا إلا لكلام الله ورسوله وما ثبت من الشرع الحكيم فاطرح ما عندك بكل أريحية غير مذمم بل مشكورا على الجهد أصبت أم جانبت.

    ثانيا ... لم يتضح لي تماما إن كنت ممن يريد أن يحكم العروض على الشعر أم أن الشعر يحكم على العروض، وإن ما طمأن ظني وطيب خاطري لفظة "المعتد" التي سقتها في قولك ... فالشاعر المعتد المطبوع وبمجمل شعره هو من يجب أن تعتد الدراسات بقوله وفنه، وكذا في سياق حديثك عن بعض هفوات الشعراء النادرة وفي سياقات لغوية أو حرص على معنى فريد مما لا يصح القياس عليه.

    ثالثا ... لست كباحث متهم كي تبرر لنفسك بل أنت مشكور في كل أمر وجهدك يجب أن يكون محل تقدير خصوصا حين يتسم بالجدية والرصانة، وكذا فالخليل ليس متهما أو مجرما كي نتهم نواياه ومقاصده ولا يجب أن يشوه أو يشوش على ما قدم. وإن من يملك الصواب لا يحتاج لأكثر من طرح الصواب بعيدا عن اتهام الآخرين بالخطأ وسوء النية.
    ستقول ومن قال لك أنني أتهم نفسي أو أبرر لها؟ سأقول لك لم تقل ولكن سياق الطرح قال بشكل واضح لكل لبيب. وستقول أنا لم أتهم الخليل بما تقول. وأقول: سياق طرحك يقول عموما فأنت تريد أن تهدم بناء الخليل كي تبني أنت مكانه وهذا مما لا ضرورة له ولا أرب منه، وكذا خصوصا عند قولك مثلا "فالخليل العبقري أذكى من أن يترك أحداً يستدرك عليه، فقد أقفل ثغرات نظامه القاتلة، ولم يترك وراءه إلّا ثغرات هامشية استحال عليه إقفالها؛ لا يضره من اكتشفها من بعده، لأنهم إمّا سيعجزون عن إقفالها فيستسلمون للأمر الواقع؛ وإمّا سيكون إقفال هذه الثغرات متعلق بغلاف النظرية وليس بنواتها؛ وهذا التعديل في غلافها لن يزحزح نظامه الخليل عن مكانته المستحقة، لان التعديل لم يمس نواته.".

    وثق أنني هنا لا أتهمك ولا أدافع عن الخليل وإنما أردت أن أكون مرآة مستوية وصافية تعكس ما يحمل الطرح من إيجابيات وسلبيات. أما عني فإني أقول صادقا بأن طرحك الرصين هذا قد شدني وقدم لي إنسانا أحترمته قبل أن أعرفه وأنتظر بشغف ما يطرح وأنا كلي أمل وانفتاح على أن ما ستطرح سيجد عندي حرصا على التفهم والقبول والمناقشة الصادقة البناءة.

    أهلا ومرحبا بك وفي انتظار طرحك المفيد الماتع.

    تقديري
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2022
    الدولة : الاردن
    المشاركات : 111
    المواضيع : 23
    الردود : 111
    المعدل اليومي : 0.18

    افتراضي اشكر لك أخي الفاضل تفاعلك مع مقالتي

    اشكر لك أخي الفاضل تفاعلك مع مقالتي هذه، وإني لسعيد جدا بهذا التفاعل.
    وردك كله رزين رصين، يعكس العقلية العالية لقائله، ويعكس خلقاً رفيعاً، بارك الله بك وبأمثالك.
    حتى أني خجلان من التعقيب على ما ورد في الملاحظة (ثالثاً)، حتى انه لا يجب أن يسمّى تعقيباً، إنما هو لفت انتباه للزاوية التي لم يصلها الضوء، فكان حديثي في مقالتي هذه موجهاً لها؛ وأنت نفسك أشرت لها.
    فخلال مسيرتي الطويلة في صقل بنيان علم عروض قضاعة، مبحراً في كتب السابقين واللاحقين؛ في العروض وعلم الأصوات؛ بل وغير ذلك من العلوم؛ وجدت أقواماً يدفعهم التقديس الأعمى للأشخاص، إلى تسفيه آراء الخصوم.
    ووجدت أيضاً أقواماً دفعهم البغض أو الإعجاب بالنفس أو تعويذة "العلمية"، إلى تسفيه أقوال أصحاب العلم السابق. ووجدت أقواماً يتظاهرون باحترام مكانة العلماء لكنهم يطعنون بجهودهم بين السطور بطريقة مقزّزة.
    بل وجدت أقواماً بوعي منهم أو دون وعي، يتخذون من تقديس الشخص سلماً لهم لتأكيد آرائهم الغريبة التي جاءوا بها، فيلصقونها بهذا الشخص ذو المكانة في أعين الجميع؛ فإذا جئت ترد عليه يُوهم نفسه ويوهمك ويوهم المستمعين، بأنك ترد وتنتقص من مكانه هذا الشخص..!
    فأردت في هذه المقالة أن أقول لهم: ليس كذلك يا قوم تورد الإبل، فالاحترام والتقدير هو غير التقديس. والعلوم كلها ظنية، ولذلك فسنة التدافع في الأرض بين الأفكار ستظل قائمة إلى قيام الساعة، وصاحب الظن الأقوى ينتصر. وحتى لو انتصر فهذا لن يقلل من جهود ومكانة الأشخاص السابقين، فلكل مجتهد نصيب.
    وفي الختام أشير لفقرتك الأخيرة (أما عني فإني أقول صادقا بأن طرحك الرصين هذا قد شدني **، وأنتظر بشغف ما يطرح). ومن جهتي أعدك بأن يكون الوقت الذي ستنفقه في قراءة ما سآتي به، يستحق إنفاقه.
    كل التقدير لشخصك الكريم.
    وإذ قد أغراني ردك الرصين على مقالتي هذه، والعقلية الواعية التي لمستها فيك، فاسمح لي بأن ادعوك لقراءة مقالة أخرى لي في منتداكم الطيب هذا، لا علاقة لها بالعروض، وهي (الفطرة والميثاق- محاولة لتفكيك هذا اللغز)، موجودة في القسم الفرعي ( الحِوَارُ المَعْرِفِي).

  4. #4

  5. #5
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.27

    افتراضي

    أيها الراقي:

    إنا نميز المبدعين من المدعين، وندرك الرصين من الهجين، وننتصر دوما للحق والخير والجمال لا يضيرنا من صاحبه ولا متى جاء به، وكل قول البشر اجتهاد ظني لا يلزم إلا من يؤمن به، ولك الحق في طرح ما عندك ولغيرك الحق في تناوله تفنيدا ونقاشا وقبولا ورفضا، وكل منصف لبيب سيحمل لك كما قلت تقديرا كبيرا للجهد والرقي والرصانة.
    فأن كان ثمة ما يتسع له صدرك من نصح محب لك ولرقي حديثك هو أن تشتغل بالخير ولا تنشغل بالغير!

    هذا وسأقرأ حبا وكرامة مقالتك تلك وأنتظر باهتمام نظرينك هذه مع دعواتي بالتوفيق والسداد!

    تقديري

  6. #6

  7. #7