يوسفان
كنت في بداية المرحلة الجامعية بالأسكندرية وكان يدرس لنا علم الحيوان الدكتور (يوسف عز الدين عيسى ..رحمه الله )المفكر والأديب المعروف وكان رائعا كان كقصيدة شعر بديعة تمشى على الأرض وكنا كطلبة نقيم حفلة وداع آخر العام أحتفاء بالأساتذة لأننا سنغادر المبني إلى مبنى الكلية التي سنتخرج منها يتقدم لكل دكتور طالب وطالبة منا بطوق من ا(لورد ومصحف )كهدية رمزية شكرا وعرفانا ..وكتبت للدكتور يوسف عز الدين تلك القصيدة أكتبها كما أتذكرها
إلى الأستاذ الدكتور والأديب المفكر العالم(يوسف عز الدين عيسى)
,,
منـــّا الزهور تحيـــــة قــد قــدما
بل بالقلـــوب أجلُّ ممـــــــا قــدما
..
يا سائرا كل القـــلوب تحيطـــــه
وهواه فيها جاريا جري الدَمــا
..
أجهدت نفسك كي تُـخَلِّق فتيةً
للمجــــد أدنى أو أبرّ وأقْـــوما
..
فرســمت للإخلاص أرْوَعَ صورةً
وحشدت جهـدك راضيا متبسما
..
ما سّـر إعجاب الجميع وحبهــم
إلّا سـِـــمات تفـــتن الـمتوسِّـمـا
..
مـحــبوبُ منــَّــا إن تكلم باســـما
مـحبوبُ حتى إن قسا وتَـجَهَّمــــا
..
لالست أنسى حين هَلَّ بوجهـــــه
ورنـــا لنـــا بفــــؤاده وتكلَّمـــــا
..
لم يـبـــق منَّـــا بالـمدرَّج واحـــــدٌ
إلّا وغـنَّـــى فـــرحــــةً وترنـَّمــــا
..
واليـــوم نأسى للــوداع وكلُّنــــا
قلـــب يذوب تأسفـــــا وتألمــــا
..
فسلمت للوطن الذي ألبســته
بالعلــــم والآداب عزا دائمــا
ثم بعد ثلاثين عاما في غربة لم تكن وثيرة الفراش ولا لينة الجانب نزرة المطر إلا بما يرد العطش ويحفظ الرمق ولم يكن ذلك إلا من شطط وشح التقدير يَـحْدث اتصال تليفوني بيني وبين الدكتور (يوسف عز الدين السامرائي..رحمه الله) الشاعر والأستاذ الجامعي القدير فأجد صوتا يربت على قلبي لإنسان يتصف بكل معاني النبل وجمال الإحساس ورقي المشاعر فهزني ما لمست فيه من رقي وحسٍّ إنساني رفيع فكتبت له تلك القصيدة
إلى الأستاذ الدكتور (يوسف عز الدين السامرائي)
,,
(بحر العطاء)
يا بحر عطاءْ
يا نـهرا للودّ يفيض
ويغمر كل الأنحاءْ
يا نبع صفـــاءْ
يا ظلاً عم على كل الأرجـــاءْ
يا غيث وفاءْ
يا نجما فيّاض الأضواءْ
تعرفه كل سماءْ
يشتاق إليه كل مكانْ
يشرق في كل أوانْ
يا قلبا يخفق بالإيمانْ
...
أحتاج لتصوير صفاتك ريشة فنانْ
أبرع فنانْ
لم تنجبه بعد الأزمانْ
أحتاج لرسم عذريٍ
لم تَـمْسَسْه أبدا عينانْ
أحتاج لمعنى سحريٍّ
لم ينشدْ أبدا في ديوانْ
أحتاج لإيقاع عذبٍ
تـهتزّ له كل الألحانْ
أحتاج لحرف ماسيٍّ
تَـنْـبَهر وتـهفو له العينانْ
أحتاج لحبرٍ قمريٍ
يغرق ماء الخلجانْ
ودفاتر تسبك من مرجانْ
وفؤدا موْهوبا يقظانْ
كي أقدر أن أرسم صورا
لخصال يحملها أرقى إنسانْ
تحسده الأنـجم والقمرانْ
....
أحتاج لتصوير راقٍ
لم تَـنْـقشْه من قبل يدانْ
لم يشرق في لغة وبيانْ
لم يخطر في عقل وجنانْ
لأعبر عن بعض صفاتك
قدر الإمكانْ
....
إن العالم أصغر من رجلٍ
يحمل أرقى أوصاف الإنسانْ
قاموسي صفرٌ وصفاتك بحرٌ ملآنْ
يا أفق الحبِ وأرض الخصبِ
ونور الدربِ
ويا هديَ الفكر الحيرانْ
يا عز الدين وعز العلمِ
وعز الأدب وياعزّ جميع البلدانْ
عفوا عفوا إن قصرت فإني
لا يمكنني
عد جميع الأوراقِ على كل الأغصانْ
لا يمكنني
أن ألمس وجه الشمسِ
وأحصيَ كل الأنجم حين أشاءْ
لايمكنني
حصر صفات ترتفع لأعلى
غايات العلياءْ
قاموسي قد كلَّ وما زالتْ
أوصافك بحرا
يستوعب كل بيانٍ دون عناءْ
لايمكنني
أن أحصر ماء البحرِ
بكوب أو فنجانْ
وسفيني مهما أبحرت فلنْ
ترصد في بحرك أية شطآنْ