ماذا فعلت بمِصْرَ يابْن العاهِرَةْ
ماذا فعلت بمصر هَٰذِي القاهرةْ
أين اخْتفَتْ مصر التي لا تختفي
ولو اختفت كل الشُّموس الظاهرةْ
أين التي تَفْنَى البلاد جميعها
وتظل مصر مع الخُلود مُثابرةْ
أين الأبِيَّة منذ أن خُلق الوَرى
حتى تُسَلِّم نفسها لِلْآخرةْ
أين التي تَحمي العُروبة كلها
وهي التي تُفْنِي الجُيوش الجائرةْ
مَن سامها سوء العذاب وإن بَدا
مُتَجَبِّرًا أخَذَتْهُ أَخْذ القادرةْ
أو ساءها صَبَرتْ عليه بعِزَّةٍ
فإذا تَمادى أسْكنَتْهُ مَقابرهْ
ومَن ادَّعَى زُورًا عليها أنَّها
مِلْكٌ له جعلتْه ذِكْرى عابرةْ
هي مصر مَن هلك الطُّغاة بأرضها
دومًا على مَرِّ العُصور الغابرةْ
هي مصر من لا تُسْتَرَقُّ بِذِلَّةٍ
حتى وإن دارتْ عليها الدَّائرةْ
هي مصر في القرآن خُلِّدَ ذكرها
أَفَتَنْحَنِي أبدًا لِأَيَّةِ فاقِرةْ
اقرأ عن الفرعون جَدِّكَ مَن طَغى
وبَغى وقَتَّلَ كُل نفْسٍ طاهرةْ
ماذا دهاه وأين قارون الذي
مَلَك الجَواهر والكنوز النادرةْ
أين الجبابرة الطغاة وأين من
بُلِيَتْ بهم مصر السَّلام السَّاحرةْ
فَنِيَ الجميع بأرضها وبِحارها
فهي التِّجارة للعَدُوّ الخاسرةْ
ماذا فعلت بشعب مصر وما الذي
أنْساك يابن الكَلْبِ أنْتَ مَآثرهْ
ومن الذي أغْراك أن تنسى سُدًى
تاريخ مَن صَنَعَتْ يَداه مَفاخِرهْ
هل يَصْنع التاريخ إلَّا شَعْبها
مَنْ عَلَّم الدُّنيا الْحَياة الماهرةْ
أتَظُن صَبْر الشَّعْب هذا ذِلَّةً
بل إنَّه صَبْر الأُسُود الكاسِرةْ
فمن الذي أغراك أن تَرْمي بهم
للموت في شَتَّى السُّجون العامرةْ
ولِمَ اسْتَبَحْت دماء كلِّ مُخالِفٍ
وقتلتهم بِيَدِ الْخَؤُونِ الغادرةْ
أَلِأَنَّ جَيْشَكَ قد حَماكَ وأطْلَقوا
فيهم كِلابَك مِن جُنُودٍ كافِرةْ
ألِأَنَّ شُرْطَتَكَ اللعِينة ذَبَّحُوا
مَن عارَضوك كما الخِراف الذَّاعرةْ
واسْتَرْهَبوا حتّى النِّسَا وصِغارَهم
بفَيَالِقِ الفَجْر المُخِيف الزَّائِرةْ
لَمْ يَفْعل الفِرْعون فيهم مُنْكرًا
مثل الذي تفْعَلْه يابن الفاجِرةْ
يابن اليَهود ألَسْتَ مْن أصْلابهم
مَن أَوْصَلُوك لعَرْشِ مِصْر القاهرةْ
افْعَلْ بمصر وشَعْبها ما تَشْتهي
فَغَدًا سَتَطْحَنُكَ الضُّروس الصَّابرةْ
وغَدًا سَتُدْفَنُ تَحْت أقْدامٍ هَوَتْ
حِقْدًا عَليْك من الجُموع الثَّائرةْ