|
تَناوَبُ في قَلبِ المُحِبِّ قَواتِلُه |
وسِيّانِ مَن يُغري القَتيلَ وقاتِلُه |
أَذَبْنَ بأهدابِ النواعِسِ لُبَّهُ |
فنَوَّلنَ مَشغوفاً وهُنَّ نَوائِلُه |
وأَذهَبْنَ ذاكَ اللُّبَّ لا عَوْدَ يُرتَجَى |
ومَن يَدفَعِ المَحتومَ كَلَّتْ وَسائِلُه |
سُدىً كُلُّ رأيٍ ساوَرَ العَقلَ والنُّهَى |
إذا العَينُ لا تُغْضي ولا القَلبُ عاقِلُه |
ألانَتْ بِهِ مَرْضَى الجُفُونِ عَريكَةً |
يَلوذُ بباقِي الحَزْمِ والحَزمُ خاذِلُه |
كَمِثلِ غَريقٍ ضَمَّهُ البَحرُ مُجْهَدٍ |
ولا طَوْفَ مِن مَوجِ المَفاتِنِ ناشِلُه |
يُراوِغُ نَبْلَ الحُبِّ يَرمِي فُؤادَهُ |
فَيُصميهِ سَهْمٌ كان قَبلاً يُخاتِلُه |
بعَينَي غَزالٍ نازعا البَحرَ سِحرَهُ |
له فَرْعُ بانٍ مائِدُ القَدِّ مائِلُه |
يَفيضُ بأنوارٍ فَلا الشَّمسُ مِثلُهُ |
ولا البَدرُ في أدْنَى المَحاسِنِ طائِلُه |
إذا جازَ رَوضاً يَهمِسُ الزَّهرُ ما اسمُهُ؟ |
وعَنْ كُلِّ حَرفٍ جاوَبَتهُ بلابِلُه |
تُكاشِفُهُ لَحْنَ الوِدادِ جَهارَةً |
ويَسألُها كَتمَ الهَوى فتُشاغِلُه |
وأنَّى جَوِيُّ الصَّدْرِ يَكتُمُ وَجْدَهُ |
وأَنْفاسُهُ فِي ما يُكِنُّ عَواذِلُه |
ومَنْ لِسَليبِ القَلبِ يَحفَظُ سِرَّهُ |
وكُلُّ بَريقٍ في النَّواظِرِ قائِلُه |
تَذَوَّقْتَ يا قلبي الغَرامَ وسُغْتَهُ |
وأسقاكَ مِن كأسِ الصَّبابَةِ باذِلُه |
ذَهِلتَ فَما تَدري أخَفقُكَ قَبلَهُ |
وما يَبْهَرُ الأنفاسَ أم ذاكَ حاصِلُه |
عَهِدتُكَ ما يُلفَى لِبابِكَ مَسْلَكٌ |
فَما لِلهَوى التَفَّتْ عَليكَ حَبائِلُه |
مَذاقُ الهَوَى عَذْبٌ وَمُرٌّ عَذابُهُ |
وقُوتُ الهَوى صَبْرٌ وغاضت مَناهِلُه |
ودُونَكَ في حالِ المُحِبّينَ فِعلُهُ |
فلا شَيءَ في سَحْقِ القُلوبِ يُماثِلُه |
وإنْ عَنكَ غابَتْ حالُهم ومآلُهم |
ففيكَ ولو أنكَرْتَ لاحَت دَلائِلُه |
يُخالِطُ كِبْدَ المُبتلى فيُعِلُّه |
ويَحرِمُهُ غَمْضَ الجُفونِ يُخايِلُه |
تَراه سَقيماً تشتكيهِ ضُلوعُه |
وأعضاؤهُ تَذوي وهَمٌّ يُزامِلُه |
كأنَّ فُؤادَ المُستهامِ فقِيدُها |
وأحشاءَه بَعد الهُيامِ ثواكِلُه |
تَحَسَّبْ فإنَّ العُمرَ يمضي شبابُهُ |
ويُحصي عليكَ الشَّيبُ ما أنتَ فاعِلُه |
تأثَّمَ مِن سُود الفِعالِ سَوادُهُ |
فأحرَمَ وابْيَضَّتْ عليهِ خَصائِلُه |
أتُزْلِقُكَ الدُّنيا ويَقتلِعُ الهَوى |
شِراعَكَ في بَحرٍ تَباعَدَ ساحِلُه |
وتُشْغَلُ عَن قَصدِ السَّبيلِ بِرَحْلِهِ |
وهَلْ دامَ في التَّرحالِ رَحلٌ وراحِلُه ؟ |
تَدارَكْ قُبَيلَ الفَوْتِ مالا يُعيدُه |
نَدامَةُ قَلبٍ أو مِنَ الدَّمعِ هاطِلُه |
تُبادِرُكَ الأيّامُ مَرَّ سَحابِها |
إذا عاجِلٌ وَلَّى أَظَلَّكَ آجِلُه |
ويَدنو إليكَ الحَقُّ في كُلِّ ساعةٍ |
وتَهدِمُ أوهامَ البقاءِ مَعاوِلُه |
رُوَيدَكِ يا دُنيا فقلْبي مُغادِرٌ |
مَتاعَكِ مُضْنىً مِن هُمُومِكِ كاهِلُه |
إذا المَرءُ لَمْ يَرجُ المُقامَ سَكينةً |
وإنْ رَحُبَتْ ضاقتْ عَليهِ منازِلُه |
أَغَرَّكِ فِي وَجهي ابتسامَةُ زاهِدٍ |
وهلْ فيكِ مِن خَيرٍ لِذي اللُّبِّ يامُلُه ؟ |
وإنِّي لَعارٍ مِن نَعيمٍ ولَذَّةٍ |
وما كان مِن وِزرٍ فإنِّيَ حامِلُه |
وما كان مِن كَسْبٍ جَنَيتُ ثِمارَهُ |
فإنِّي لمَوقوفٌ أبِالحَقِّ نائِلُه ؟ |
وحَسْبُ امرِئٍ يَومَ الحِسابِ مَغَبَّةً |
بأنَّ الحَسيبَ الحَقَّ في الكَسْبِ سائِلُه |
وما مِن قَريبٍ تُرتَجى حسَناتُهُ |
ولا مِن خَليلٍ بالفِداءِ يُجامِلُه |
هَباءٌ لَدَى المِيزانِ جُلُّ صَنيعِهِ |
سِوَى بَعضِ ذِكْرٍ باقياتٌ فَضائِلُه |
وزادٍ مِنَ التَّقوى وبِرٍّ لأهلِهِ |
وأَخلِصْ لِوَجهِ اللهِ ما أنتَ عامِلُه |
سألتُكَ يا ربِّي بِتَوبي وأوْبَتي |
فَيا غافِرَ الزَّلاّتِ هَلْ أنتَ قابِلُه ؟ |
لَئِنْ كُنتَ عَنِّي يا إلـٰهِيَ راضِياً |
فَكُلُّ بَلاءٍ تُسْتَهانُ غَوائِلُه |
ويَسِّرْ لِقَلبي مِنْ كِتابِكَ حَظَّهُ |
فإنَّ شِفائي في الَّذي أنتَ قائِلُه |
وقَلْبٌ كلامُ اللهِ يَعمُرُ جَوفَهُ |
حَرِيٌّ بأنْ يَحيا ولا شيءَ قاتِلُه |