أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: مزاميرُ الغُروب

  1. #1
    الصورة الرمزية جهاد بدران شاعرة وناقدة
    تاريخ التسجيل : Jun 2019
    الدولة : فلسطين
    المشاركات : 624
    المواضيع : 40
    الردود : 624
    المعدل اليومي : 0.35

    افتراضي مزاميرُ الغُروب

    مزامير الغروب..

    على الحافة الأخرى، انتظرت أحلامي وهي تتراقص على شفة الرّيح، بأشلائها المنزوية في قلق خلف الأفق، بحِمَمِ اللهفة هي تشاطر أصابع الزّمن المرتعشة، وهي تعضّ نواجذها شوكاً، ويسيل من ريقها العلقم؛ تلوّح للمرايا تفاصيلها الباهتة، وتسرق من الذاكرة نبوءتها في لحظة انكسار الرؤيا وهي في غفوة الصراخ. لم تتفتح معها أزرار الفجر، ولم تفتّق ثياب الضوء عند أقدام الشروق، والانتظار يضحك ملء فمه باستعارة المساء من مزامير الغروب.

    تبعثرني مسافات الليل الطويل، وأنا أردّد حكاية النجم الذي يهذي بمواعيده المهترئة معي، كي يجمعني مع البدر عند تمامه. صوته يشبه حزني، حين أقشّر ابتساماتي مع هطول المطر، وحين أرسم قصيدتي على جبين الوجع. وأنا أنا أسمع دبيب خطواته في أفق الذاكرة، ومرايا الروح تلمح سرّ خفاياه المعتقة ما بين حنيني وشوقي للقاء، وهو يذيب بملحه البارد كل أنفاس الحروف، ويطفئ نارها المتهالك في الغربة فوق مسافات القلق.

    لا تلمني وأنا أغرد بصوت مبحوح، وجناحي مكسور، وبيتي العالي قد هدّته الغربان والصقور. وحدي أناجي الأماكن من الركود، والنخيل من السقوط، والبحر من الهدير، والرياح من الزمهرير. ألملم حروفي في عبادة مع خلوتي، في عباءة الجروح، وأنا الكسيح عن أرضي، وأنا كل الهذيان في كلّ ذاكرة التاريخ. وقد تأتي في ليل غاب عنه ضوء القمر، فترسم من هوامشه بمساحات القلق، وشماً تعلّقه على أكتاف الوقت، تلملم فيه مسافات النور وهي تعجّ بالوجل بملء الألم، من عيون الأمل. تأتي ومرايا الخطى تسري لدهاليز الغد وهي مشحونة بالذكريات المؤجلة، ولكن بصمْتها الرّجيم، المدجّج بعصارة الأيام المؤلمة، تُغرق الوقت بوحل الاستفهام من عنق الجواب المهترئ من قوة الرياح الجريئة.

    ماذا يفعل الحلم بابتسامته التي خبأها خلف خيوط الشمس؟ أيكتبها وشماً في أحضان الورق، أم يجبل ذكرياته باستفهام الملح وهو يقطر حبره خلف قضبان الشكوى؟ قد علّمته الدروب فنّ القهقهة في أروقة الأيام وهي تعتصر الغربة في عقارب الزّمن. وتقشّر الضحكات سخريةً لصهيل المسافات وهي تستقبل سلالة التطبيع في مأتم صامت خال من الصرخات، عارٍ لا يرتدي إلا ناي الرصاص بأقدامه بمعزوفة إثم تلهث من أنفاس أعجمية. فاعزف يا حلم، وارسم جراحات الأرض على الأفق البعيد، وغنّ لصدأ القلوب حكاية التاريخ التائه ألف عتمة، القادم من حيث الغروب.
    .
    .
    .
    جهاد بدران
    (أم صهيب)

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,131
    المواضيع : 318
    الردود : 21131
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    حين يتلون الحرف بحزن القلوب وعطش الروح يرسم لوحات
    تبهرنا بعمقها وحسن تصويرها..
    عبرت عن واقع أليم بفيض من الأحاسيس الجياشة، وبحرف معبر وصارخ
    انطلقت منه زفرات الألم والقهر.
    مزامير الغروب.. نص يستحق الوقوف على ضفافه ، والغوص في أعماقه
    بين سمو المعاني، ورقي الأسلوب وثراء اللغة المبهرة حد الإدهاش
    بوح شفيف يخترق الوجدان، عميق بمفرداته وأحاسيسه التي تحمل
    االجروح فينزف القلب ، وتنزف المزامير على أوتار الوجع.
    لا حرمنا الله نبض قلمك.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    الصورة الرمزية ناريمان الشريف أديبة
    تاريخ التسجيل : Mar 2009
    الدولة : في بلاد ٍ الموت فيها معجون بالحياة
    العمر : 65
    المشاركات : 1,387
    المواضيع : 61
    الردود : 1387
    المعدل اليومي : 0.25

    افتراضي

    حيثما حلت الأنيقة جهاد ( أم صهيب ) لا بد لي أن أكون هناك
    ففي كلماتك مستراح للقلب، وأشعر أنها تشبهني
    بورك نبضك أيها الغالية
    ناريمان