الأكرانيون يلحسون جراحهم
في ظل الإبقاء على العالم بقطب واحد

لقد انسحب "فلاديمير بوتين" من "خيرسون" باتفاق سري مع أمريكا، وقد ضمنت له هذه الأخيرة الانسحاب دون خسارة تذكر إلى الضفة الأخرى من نهر "دنيبرو"، حتى المعدات العسكرية التي بقابلية الصيانة ساقوها معهم فلا خسارة في المعدات ولا جندي روسي واحد فُقِد، وقد غلف الانسحاب بالشكوك وأنه خديعة روسية، ثم لما بدأ الأكران في التقدم نحو "خيرسون" زيد من التضليل الإعلامي أن هناك ألغام حتى يتم الانسحاب، وها هم الأكران الآن في "خيرسون" لم يصب واحد من جنودهم أو مدينييهم بأي لغم، هاهم يعلنون النصر المطبوخ من أجل المفاوضات التي لن تكون إلا بشروط روسية ومكاسب روسية.
وأخيرا وبوقاحة وعجرفة يبيع الرئيس الأمريكي "جو بايدن" أكرانيا ويهينها ويهين شعبها، فالأكران يلحسون جروحهم نتيجة لحربهم مع روسيا، وهم الذين وثقوا بأمريكا لا رئيسهم، فـ"زيلنسكي" رجل أمريكي يخدم أجندتها وهو جزء من الصفقة الخبيثة.
يا له من وصف بليغ من رجل يزعم دعم الأكران ضد روسيا، يا له من بيع رخيص للأكران من أجل مستقبل الولايات المتحدة الأمريكية، الأكران باتوا يلحسون جراحهم وكأنهم كلاب، فالكلب إذا جرح لا يذهب إلى الطبيب ولا يلتجأ إلا إلى لسانه لتضميد جروحه.
إن ما ذهبت إليه أمريكا من رغبة في تفاوض الروس مع الأكران مع تنازل أكراني وانتصار شكلي ووهمي باسترجاع "خيرسون" ووجود الروس على بعد كيلومترات قريبة آلتها العسكرية تطال وجود الجيش الأكراني، مع كل ذلك؛ عين أمريكا ليست على التفاوض والتنازل، عينها ليست على ما جنت شركاتها من أموال جراء التلاعب بأسعار الطاقة عالميا وتريد المزيد، عينها ليست على تركيع الأوروبيين ودفعهم إلى الإفلاس لأنهم بقابلية التمرد على أمريكا والوقوف إلى جانب مصالحهم وقد ظهر الانشقاق في المواقف الأوروبية تجاه العقوبات على روسيا خصوصا الغاز الروسي، عينها ليست على إعادة العالم إلى ما قبل الحرب الروسية الأكرانية وقد ظهر للعيان عدم إعادة العالم إلى ما قبل كورونا، بل عينها على ما أسفر عنه اللقاء مع الرئيس الصيني "شي جين بينغ"، فرئيس الصين يراد عزله عن روسيا وإزاحته كحليف لروسيا، كما أن إلهاءه باستمرار التعاون، بل وإدراة الخلاف على حد تعبير "بايدن" بينه وبين الصين، وأن التنافس بينهما يمكن إدارته دون صراع، ما كل ذلك إلا لغرض أسمى تستميت الولايات المتحدة الأمريكة في الإبقاء عليه والدفاع عنه، وقد صرح "بايدن" على هامش الاجتماع السابع عشر لمجموعة العشرين الذي انعقد في بالي في إندونيسيا في 15 - 16 نوفمبر 2022 بعد لقائه بالزعيم الصيني عقب اللقاء قائلا: أن أمريكا عادت إلى قيادة العالم.
إن ما يفهم مما يجري أن الأمريكان أرادوا إيقاف التقدم نحو تغيير وجه العالم، نحو تغيير الموقف الدولي ليصير على غير ما هو عليه الآن، وقد كانوا واهمين لأن الروس والصينيين ليس لهم رغبة حقيقة في ذلك لأنهم بلا مبدأ، غرضهم فقط ألا يضرب مصالحهم أحد، وألا يعيق تجارتهم عائق، ومع ذلك وخوفا من الوهم سعت أمريكا لتعزيز موقفها الدولي بمناوراتها السياسة حتى تتفرغ لوضع مخططات لما يعيق إزاحتها عن قيادة العالم، وتعيد النظر في أسلوب تعاملها مع الإسلام الذي إذا ساد أزاحها فعلا عن قيادة العالم فضربت ثلاثة عصافير بحجر واحد والرابع هو الإسلام الذي سيظهر أسلوب التعامل معه وطريقة إدارته قريبا ولن يكون الأسلوب والطريقة يصبان في إنجاح الدين الإبراهيمي الذي ولد ميتا، بل سيكون في غير ذلك:
ـــ تضرب الولايات المتحدة الأمريكية الصين بالاقتراب منها وإيهامها بإدارة التنافس والخلاف مع الحرص على عزلها عن أن تكون حليفة لروسيا علما بأن الصين مثل روسيا دولة وطنية، والدولة الوطنية ليس لها طموح في تغيير العالم لأنها ليست مبدئية، بل مصلحية، وقد نشرنا فيديوهين سابقين بتاريخ: 27 أبريل 2020م بعنوان: صراع الصين وأمريكا على قيادة العالم هذا رابطه لمن أراد الاطلاع عليهما: .
وفيديو ثان بتاريخ: 12 يونيو 2020م بعنوان: متى تسقط الإمبراطورية الأمريكية؟هذا رابطه:
ـــ وتضرب الروس بإيقاف رغبتهم غير الجادة في تغيير القطب الواحد بعد أن صرح "فلاديمير بوتين" مع "شي جين بينغ" في خضم الحرب الروسية الأكرانية بضرورة تعدد الأقطاب ، فالروس وطنيون لا يحملون مبدأ يراد نشره في الشعوب والأمم وقد أشرنا إلى ذلك في فيديو منشور لنا بتاريخ 26 مارس 2022م هذا رابطه:
ـــ وتضرب أكرانيا بقتل طموحها في الانضمام إلى حلف الناتو والاتحاد الأروبي لأنها بذلك تنسلخ من ابن عمها من السلاف، وتنفلت من قبضته أملا في أن تصبح دولة منافسة للدول النووية في أوروبا الشيئ الذي لا تقبل به أوروبا ولا أمريكا ولا روسيا، لأن أكرانيا مؤهلة لتكون دولة نووية فعلا وقد كانت ترسانة الاتحاد السوفييتي في أراضيها والعقليات الفيزيائية لا تزال تملكها، بل ستصبح قائدة لأروبا ضد روسيا في المستقبل إن هي حققت طموحاتها في الاستقلال عن روسيا والتحرر من تبعيتها.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
محمد محمد البقاش
طنجة في: 15 نومبر 2022م