أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: فعل فاضح

  1. #1
    الصورة الرمزية محمد نديم شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    المشاركات : 917
    المواضيع : 188
    الردود : 917
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي فعل فاضح

    فعل فاضح
    قصة بقلمي
    قضيت أوقاتا صعبة، ورأسي كصفيح يدق بعنف ،،؛ لأجد تفسيرا لمعنى المصطلح القانوني ( فعل فاضح في الطريق العام).
    $$$
    فتاة جميلة وشاب فتي لآباء بلغوا سن المعاش منذ عقود، بلغا الفتيان مبلغ التزاوج منذ سنوات ، وأحصنة الرغبة تركض في العروق، ونار الشهوة تشعل الدماء احتياجا، والبيوت المسكونة بالعجز والعوز ضيقة،
    فاسترقا أحضانا خاطفة ، وتبادلا قبلات على قارعة طريق.
    هبت كل الجهات الرسمية في حماس غير معهود، لتسحق أولئك الجناة.
    @@@
    ليست البيوت وحدها ضيقة ؛ والمعاشات ضيقة والنفس ضيقة ، والمصانع المعطلة ليس بمقدورها استقبال عمال جدد.والطرق إلى الحصول على عمل أو وظيفة ضيقة أيضا!
    والناس مكبلون بالديون.يسهرون في بيوتهم طوال الليل مع همومهم ، ويقضون نهارهم نياما وكأن البيوت قد استحالت إلى قبور.
    @@@
    هزم فريقي المفضل بالأمس في أسوأ مباراة يؤديها في تاريخه؛ نمت ونام شارعنا على حزن مقيم.
    @@@
    كم كان الطريق العام متسعا لنا نحن صبية المدارس الابتدائية ، للعب كرم القدم بسعادة بالغة؛ كنت انتعل حذاءا رياضيات لا يتعدى ثمنه الجنيه الواحد. وكنا نصنع الكرات بأنفسنا ، بأن ندس قطع الاسفنج وما تيسر من الخيوط ونكورها في جورب قديم.!!
    $$$
    كان رجال من الشرطة يمسكون بنا متلبسين بلعب الكرة في شوارع المدينة. إذن فهو فعل فاضح!!
    $$$
    لكن ظل ذلك المفهوم ملتصقا بوجداني ومتصلا بشيء من العري والانكشاف لأجزائنا السفلية!
    لماذا لم نقترف الأفعال الفاضحة في الطريق العام ؟ هل لأن معلمينا وآباءنا كانوا يضربوننا بعنف في الصغر، كي يحفروا في نفوسنا أشياء لا تثبت بغير العصى؟؟
    @@@.
    كنت دائم الحياء والخجل من أن أتبول جوار جدار في الشارع العام. فأطير منحنيا محصورا، حتى أصل إلى بيت أمي وأبي. وهناك ألقي بكل متاعبي في حمام منزلنا.
    وحين أتأخر هناك، كانت أمي تصرخ علي بأن طعام الغذاء جاهز وسيبرد لو لم أتناوله الآن.
    كان بيتنا معبأ ببخار حميم للأطعمة والابتسامات الوردية.
    (تناول طعامك ، وقم لعمل واجبك المدرسي)
    كانت الغصة تدركني حين أتذكر واجب الحساب!
    @@@
    ما زالت أذكر وقفة ذلك المعلم أمام اللوح الخشبي الأسود، مشرعا عصاه الخيزراني، يكيل لنا الضربات على أكفنا الصغيرة ومؤخراتنا ، لأنه قد سقط سهوا من ذاكرتنا شيئا تافها من شرحه المطول في حل مسائل القسمة القميئة، والضرب المزدوج.
    كان حفل الصباح الدامي ، في العلن وأمام الجميع.يمر ناظر المدرسة وفراشوها ، يلقون بتحية الصباح على الأستاذ دون أن يلقوا بالا إلى ما يفعله ذلك الوحش بأولئك المعذبين!
    كنت ساعتها أتمنى لو أمسكت بركبتي واحد منهم مستنجدا ، لأفر معه بعيدا عن أيدي ذلك الوحش الغبي.
    مالي ومال الحساب؟؟
    كان حفل العقاب الجماعي، وصرخات التلاميذ وبكائهم مدعاة لي ولهؤلاء المساكين، ليس فقط لأن نكره درس الحساب والأرقام ، بل أن نتمنى زوال ذلك الأستاذ تحت عجلات قطار.
    لكن من العجب العجاب، أن الأستاذ كان يزهو في مشيته بحرية، وكأنه يفخر بفعلته، أمام كل الناظرين في الطريق العام.
    رغم أني كنت أشعر بالغضب والخجل ، بانتهاك عصى ذلك الأستاذ وفعلها بمؤخرتي بين الحين والآخر!!
    @@@
    (فعل فاضح في الطريق العام)
    ما زال المفهوم يتقلب في ذهني ،ويثير في ذاكرتي صورا لأفعال كثيرة ربما تبدو لي فاضحة.
    ربما ذلك من ألم جوع شتوي يعض معدتي ،ويوجع أمعائي!
    $$$
    حين سمعت ثمن الغذاء، ذلك الشيء الذي اعتدت واعتاد ملايين البسطاء مثلي منذ فجر التاريخ أن يطعموه،دوت الصرخة داخلي ، لكنني تذمرت في صمت بليغ مستنكرا ، وكان البائع ينظر لي نظرة حزينة. مرحبا بي وموضحا بأنه مضطر لفعل ذلك..
    (الكبار يا عزيزي هم من يحدد أسعار كل شيء من فوق.)
    كانت المحلات في الطريق العام فارغة، والدكاكين التي اعتادت أن تغص بالزبائن قد بدت خاوية الا من أصحابها وشيء يسير مما تيسر من بضائع.
    في حين ،كانت الشاشات وأمام الجميع في الطريق العام ليلا ونهارا ،تغص بالمسئولين، ينصحون الناس بالامتناع عن شراء كل ما يرتفع ثمنه.
    وبعضهم يشرح لنا ضرورة الاستغناء.
    كان علي إذن أن أن أصوم عن الطعام .. وبعد دفع فاتورة المياه ... كان لابد لي أن أفكر جديا في أن أموت عطشا وبمحض إرادتي، لأرحل بهدوء واطمئنان، سعيدا بأنني كنت ملتزما طوال سنين عمري ، دون أن ارتكب فعلا فاضحا في الطريق العام.
    $$$

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,131
    المواضيع : 318
    الردود : 21131
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    من أعماق الحياة قدمت لنا صورا ولوحات رسمت فيها ألم المعاناة بأسلوب سلس وبتصوير دقيق
    وصور من عهد الطفولة رسخت في الذاكرة سجلتها بأسلوب كاريكاتيري مبدع مضحك مبكي
    وفي النهاية أيها الكاتب الساخر الناقد اللاذع قدمت صورا ساخرة موجعة من الواقع المعاش.
    لك أسلوب قصي متميز وملفت فمرحبا بك وبأدبك الهادف الراقي
    تقدمه بسرد أنيق متمكن.
    تحياتي وتقديري وودي.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    الصورة الرمزية محمد نديم شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    المشاركات : 917
    المواضيع : 188
    الردود : 917
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    أ. نادية الحالي ..الراقية المتذوقة.

    يا سيدتي كم من الأفعال الفاضحة ترتكب و التي تمس حياة الناس ، وكرامتهم دون أن يتحرك أحد.
    إن ما ارتكبه العشيقان ، رغم فحشه وغرابته، لا يرقى لكثير من الأفعال المقصودة، التي ترتكب فرديا ورسميا ، دون أن يتحرك أحد.
    نحن مجتمعات منافقة؛ لو أن عضوا اشتكي. فلن تتداعى ولن تتحرك له باقي الأعضاء . مجتمعات ترسخ الفساد في جذورها، لا نتحرك سوى نحو ضعيف عاجز ، فنسحقه سحقا ، وأيادينا جميعا ملطخة بدماء بعضنا البعض. الأفعال الفاضحة كثيرة متنوعة، ومعترف بها.
    تحية عطرة بالود سيدتي الحرف الراقي.