خذوا من شعري الجميل، وضعوه حيث تشاؤون، في المفضلة أو على عرش كلمتكم، لكن ليس أقل من أحدهما!

[line]

غنائيّة الفتى الغريب
إلى الكبير الذي ألهمني أن أجعل من الأسطورة شعرا دفاقا ، أهدي هذا العمل.
**


[line]

وليداً أطلَّ
فما كان شيئا ً
سوى فرخ ورقاء حتى أبلَّ
**
تمر الرياح على وجههِ
وتذروا رمال النفود على عينهِ
**
ويرمق أظفار كفيهِ
وردية هي ، شفافة فوق جلدٍ بلون الدمِ
**

طويل الأظافر طوعا فعفواً
لما كان يمليه خوف الطفولة
**
ولم يلق أما تقص الأظافر أو خصلة الشعر خلف القفا
فأغراه وقع السنين بأن يقِفا
مديدا مديدا ً
كساق الصنوبر ْ
سريعا سريعا ً
كأعشاب بدء الربيعِ
وأخضر كالآس عند الأصيل ِ

فيغدو يشــِبُّ
ويمسي يُحــِبُّ

**

ويصغي للحن البعوض المغني
وللبكرات على البئر تشكو زحام الرعاة برنّ ِ

تهتّك للنهر يُلقي
عليه بأثوابه ثمّ يلقي :

" أبرّ بمائك برّاً أشدّ
أشد من البر بالأولياء

فُتِنتُ
بمرآة وجهك يبدو عليها القمر ْ
عليلاً
تلوّى هلالاً
قلامة ظفرٍ
بها الريح تلهو
يمينا شمالاً

" ولو كنتُ ظبيا
لكنت أجيءُ
أُحاذر ذئب الفلا وأغيبُ إذا اكتمل القرص بدراً
حِذار حشود العواءْ

أزور هلالاً عليلاً
تنصّبَ رحّالةً قبل آدمَ لكنه ما استقرّ ْ

" ولو كنتُ ظبيا
ــ ويا ليتني كنتُ ظبيا ــ
لما كنت أدرك زجر البشر ْ
لأنيَ ألقيتُ عندك هذا الرداءْ
وأهديت عريِي لهذا العراءْ
لأنيَ أنساب ُ، أسبح ثم أغوصُ
أغوصُ
لأنيَ أنشد منك الرواءْ

**

أحبّ ابنة النهرِ..
يروي لديها
أقاصيص طفلٍ كشيخٍ
وشيخ كطفلٍ
أقاصيص كالشمسِ بعدا وقربا
ترانيم تعترك الروح منها
... احتوتها النخيلُ
شهورا سنينا قرونا

**

وذات مساءٍ
يريح الغمامُ عليهِ
ملاءة طلٍّ خفيفٍ
تراوغ تلك الفتاةُ أباها العجوزَ الضريرَ
تقول:
" سأخرجُ يا أبتاهُ ..
لأحتلبَ النوقَ ثم أعودُ "

وتخرجُ تهوي
تهرول شوقا وتوقاً
ويومضُ نجم السها ثم يخبو
ويعجبُ عذراءُ تصبو ؟!

ويأتي الفتى البدويّ الشجيُّ
يمدّ ذراعين ..
مهزولتين
ولا ينطفي من هواه الأوارُ

فيحكي ويبكي
ويبكي ويحكي

إلى أن يميت الظلامَ النهارُ

**

يقولُ:
" خذيني إليكِ
فما عاد يجدي فراري
سأهربُ منكِ إليكِ
غصصتُ بحنظلتي ...
وسئمتُ استعاري
سأهرب ...
منكِ إليكِ
فآهٍ
ستنتابني رعدةٌ كقُشَعْرِيرَتَيْنَا
قُبيل الزفافِ
وإغماءةٌ ...
مثل إغماءةِ النازفين
نزيف الرعافِ
فلا تجزعي
دثريني .. "

فيختفيان ِ
إلى حيث لا يدريانِ

**
ويحكي الفتى البدوي الشجيُّ
يقول لها ..
وهي تشرب من شفتيه الحديث
يقولُ:
"
وجاءوا
على مركبٍ يتهادى
تفرّ التماسيح..
وهي التي لا تفرُّ!
تفر التماسيح ..
وهي التي قبل كانت
تقضّ مضاجع من يرقدون
على ضفة النهر إذ يغفلون
فتخطف أطفالهم
**
"
وفرّ الرجالُ بأطفالهم
وهل لي أبٌ كي أفر بجلدي ؟
كأنّ المجاديفَ ..
أذرعةُ الأخطبوطِ احتشادا
" تركتُ شياهي ورائي
تركت ثيابي ورائي
تركت غراسي ورائي
أصيح ، أصيح ، أصيحُ
ولكنهم يسمعون َ
ولا ينطقونَ
غلاظا شدادا
**
" ويبتعد الشط عني حتى :
كأن البسيطة ماءْ
ويمسك ربانهم غصن زندي
ويهصر ، ينثر شعري
كما قد تبدّد في البحر نهري
ويسخر بحارهم فيقول :
" أتخزن للصيد من قمل شعرِك طعما ؟"
وناولني شربةً من لبنْ
لها لذعة مرّةٌ كالشّجنْ
فقلتُ أغثني بشربة ماءْ
أبلّ بها ريقي المحترقْ
فلست نبيّا
ولست أخاف الغرقْ
ويُلقي الشباكَ
ويأمر :
" ألق الشباك "
( وتبهرني زرقة العين ..
كالماء تحت صباح السماء )
ولكنني كنت أأبى
وأأبى وأأبى
( ويبهره لون عينيّ ..
كالماء تحت ظلام السماء ْ)

ويُبعث فرعون..
يولدُ بعد الولادة ْ
يردّد :
" هل يكفر العبد بعد العبادة ؟ "
وهل يعشق الضعفاء الشهادة ؟"
وهل يُشهر الشعب عندي عناده ؟ "
وفي عينه تتجلى
ميول الإبادة ْ
**
[line]
[/font]