أحدث المشاركات

بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»»

النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: المجموعة العاشرة: قنابل الثقوب السوداء

  1. #1
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Feb 2023
    المشاركات : 49
    المواضيع : 22
    الردود : 49
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي المجموعة العاشرة: قنابل الثقوب السوداء

    فهمان يرى الشيطان باستخدام الفيزياء النووية ج5
    ودخل كاجيتا المعملَ ونصب ذرات الرابيديوم الثلاث بطريقة تمكنه من ضربها جيدا، وقال: الآن أفعل ما أشاء دون أن يصل إليّ أحد لأنه لا يمكن تتبع مصدر الضرب.
    وظل ينظر إليها نظرة الضبع الجائع لإحدى فرائسه، كل أوصاله ترتعد، وعيناه ترميان بشرر كأنه يتأجج من لهيب الجحيم.
    بعد بضع لحظات أمسك هاتفه، ونصبه تلقاء وجهه، وظل يحدق به لأكثر من عشر ساعات، وهو واقف لم يجلس قط، وأخيرا همس: هيا، اتصل أيها الداعر الماجن.
    وفور أن انتهى من قوله رأى اسم رئيس الوزراء على هاتفه، وكان شعر بنشوة من رنة الجرس، حتى قال: أروع ما سمعت في حياتي.
    وما لبث أن رمى الهاتف كأنه قطعة من جمر بعد أن فتح الاتصال، وأمسك جهاز الليزر بكلتا يديه يضرب في ذرات الرابيديوم رغم أنه لم يسمع أمر التنفيذ منه.
    أما الهاتف فملقى على الأرض تسمع منه قول رئيس الوزراء وهو يردد قوله: كاجينا نفذ، كاجيتا ألم تسمعني! نفذ.
    ضربها بحزم الليزر من ثلاثة أجهزة لمدة ثمان ساعات بقوّة واحد جيجا وات لكلٍ منهما، انتقل الفعل مباشرة إلى باقي العائلة المتمرّكزة في القنابل الثلاثة بخاصية التواصل الكمومي لشرودنجر ففعّلت القنابل وجذبتْ الأساطيل الثلاثة.
    وبحسب معادلة قنابل الثقوب السوداء التي وضعها كاجيتا فإنه بعد تحولهم إلى قنابل ثقوب سوداء ثلاث جذبت مياها حجمها ثمان كيلومتر مكعب وقعت في أفق أحداثهم الثلاثة على مدار الثماني ساعات.
    **
    بعد فترة وجيزة من تفعيل القنابل الثلاثة انقطعتْ وسائل الاتصال بالأساطيل الثلاثة، فظنّ المتصلون أن شبكات الاتصال فيها عطب وتحتاج لإصلاح وصيانة، فاتصل بعضُ القيادات من غرفة عمليات بقادة الأساطيل الثلاثة وربان سفنها بيد أن الهواتف لا تعطي أيّ إشارة.
    فأصاب الجميع الحيرة والدهشة والهلع، على الفور تمّ نقل الحالة إلى القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية.
    ***

    أرسلت القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية طائرة استطلاع من أحد حاملات الطائرات القريبة إلى تلك المواقع، فلم يجدوا أي أثر للأساطيل الثلاثة.
    فحلقت عند موضع أحد الأساطيل الثلاثة، فلم تجد الطائرة أي أثر للأسطول.
    شاهد رائد طيار سفينة فرنسية على بعد من موقع الأسطول المختفي فنزل بالبراشوت على متنها.
    لم يكد يلامس جسده متن السفينة إلا وكر عليه حرس السفينة، شهروا الأسلحة في وجهه، قال قائد الحرس: «انبطح أرضا وضع يديك خلف ظهرك وتكلم من أنت.»
    فرفع يديه إلى الوراء وقال: «أنا رائد من القوات الجوية الأمريكية.»
    قال قائد الحرس بحزم: «ولم نزلت على متن سفينتنا بلا إذن؟ ألم تر العلم الفرنسي يرفرف عليها؟»
    قال الضابط: «أهلا بكم، نزلت عليها لأنكم حلفاؤنا، جئت لأستكشف عن الأسطول البحري الذي كان على بعد بضع كيلومترات منكم.»
    كبلوه وساقوه إلى العميد الفرنسي البحري، وهو ربان السفينة.
    عندما رآه عرف سبب هبوطه على متن السفينة، ومع ذلك سأله في غضب وحزم: «كيف تنزل على متن سفينة حربية بلا إذن أيها الرائد؟»
    أجابه: «أنا رائد كما ترى في القوات الجوية الأمريكية، وجئت أستكشف عن أسطولنا البحري الذي كان على مقربة منكم سيادة العميد.»
    هزّ العميد رأسه وقال: «اِئْتُوني بكشافة السفينة ليسمع بأذنيه عما حدث لسفينتهم الحربية، ويعلم ماذا حدث لنا أيضا؟»
    جاء رئيس الكشافة المسئول عن رصد ما حول السفينة من خلال رادارات السفينة فقال له: «لقد رصد لنا الرادار اختفاء الأسطول بالكامل وما حوله في حجم قدره ثماني كيلو متر مكعب على مدار ثماني ساعات، ولدينا جهاز لقياس تسارع الجاذبية الأرضية، وقد سجل لنا مقدارا من الجاذبية من الموقع الذي اختفى منه الأسطول، كنا نراقب الأسطول عن كثب وكلما زادت الجاذبية كنا نبعد بسفينتنا إلى الوراء، ولما انقضت الثماني ساعات اختفى كل شيء، الأسطول وما حوله في المساحة وزالت الجاذبية، كانت المياه حول السفن والفرقاطات وحاملات الطائرات الخاصة بكم تنقص شيئا فشيئا وكأن ثمة مجموعة كبيرة من الحيتان كانوا يبلعون ذاك الماء.»
    صعد الرائد إلى طائرته، أصابته الدهشة وسيطر عليه الفضول الذي كان يدفعه نحو معرفة سبب ذلك.
    استقل الطائرة مجددا وذهب إلى الموقعين الآخرين لكن لم يجد أحد يمكن أن يزوده بأي معلومات.
    كتب تقريره حول المواقع الثلاثة إلى القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية.
    ***

    بعد وصول تقرير رائد طيار أرسلت الإدارة الأمريكية إلى وحدة تكنولوجيا الفضاء لاستكشاف الأمر عن الأساطيل الثلاثة المختفية.
    بعد بضع ساعات فقط جاءتهم صور الأقمار الاصطناعية بملفين فيديو عن أسطولين فقط، أما الأسطول الثالث فقد كان خارج نطاق الأقمار الصناعية أثناء عملية الاختفاء.
    وجلس قادة وزارة الدفاع مع قادة القيادة المركزية للقوات البحرية، وشاهدوا على مدار ثماني ساعات اختفاء الأسطولين شيئا فشيئا والماء يُسحب إلى أسفل.
    حاملات طائرات عملاقة وسفن حربية وفرقاطات وغواصات، كل هذا اختفى في ثلاث حوادث مجهولة.
    وكان ثمة مساحة من اليابسة بجانب الشاطئ تقع تحت تأثير أفق الحدث (هو جزء من المساحة 8 كم مكعب) عليها بعض الأطفال يلهون بالرمال فاختفوا أيضا، ابتلعتهم الأرض، لكن تساءلوا أين الأرض نفسها؟
    والإجابة أن تلك المساحة من الأرض اختفت معهم، وكأنّ قطعة أرض نقصت من مساحة الكرة الأرضية.
    وهذا من أعجب ما شاهدوه.
    وتساءلوا فيما بينهم: أنقيد الحوادث الثلاث ضد مجهول؟!.
    وتساءلوا: لماذا لم يهرب الأطفال عندما شاهدوا ما يحدث في البحر؟
    وقرروا عرض الأمر على الاختصاصيين لحل هذه الألغاز.

    ***



    فلما عرض الأمر على العلماء ولاسيما علماء الفيزياء النووية وعلماء مختبر سيرن بسويسرا اجتمعوا على أن ما يفعل ذلك إلا ثقب أسود.
    لكن الثقوب السوداء في السماء، وأكثرها قريبة من مركز ثقل درب التبانة، فحاروا أيضا. فعرضوا الأمر على وكالة الناسا.
    فجاءهم رئيس الناسا بصحبة بك، وشاهدا الصور، هنا تفجع رئيس ناسا على الفور وهو يقول بأنها قنابل الثقوب السوداء.
    سألوه مرة أخرى.
    قال: «هي قنابل الثقوب السوداء.»
    قال بكْ : «إذن قد صنعها كلب اليابان كاجيتا أثناء وجوده في مختبر فهمان بالوادي الجديد، وأمريكا كلها في خطر.»
    قال رئيس ناسا: «إذن أمريكا كلها في خطر.»
    سألوه عن شأن الأطفال فأجابهم: «لأنهم كانوا واقعين تحت جاذبية الثقوب السوداء، كانوا يحاولون الهرب لكن أفق حدث قنبلة الثقب الأسود كانت تشدهم نحو مركزها.»
    ثم استطرد رئيس ناسا: «ولن يخلصنا مما نحن فيه إلا جاك، ومن المؤكد أنه في خطر.»
    واتصل فورا بجاك وأعلمه بالأمر.
    كما اتصلوا بجورج رامسفيلد من أجل إعلامه بتلك الأمور.

    ***

    اجتمع الرئيس الأمريكي جورج رامسفيلد بحكومته كاملة لأنها مسألة تخص وجود أمريكا نفسها في هذا العالم.
    واستقروا بعد مناقشات عديدة على النزول الكامل لكلمة رئيس ناسا الذي حدد حجم الكارثة بقوله: «هذه هي قنابل الثقوب السوداء، هو كاجيتا، وقد يستطيع أن ينقص من الكرة الأرضية مساحة الولايات المتحدة الأمريكية في بضعة أشهر.»
    وقد وضع لهم الحل بقوله: «لا يمكن لأحد دفع هذا الشرّ عنا سوى اثنين بحسب علمي، جاك ولدنا وصديقه فهمان، ومن لطف الله بنا أنّه الآن في أرض الوادي الجديد بمصر مع صديقه فهمان صاحب اكتشاف الجرافيتون الملعون.»
    قال الرئيس عندئذ: «إذن نتصل به ونرسل فرقة من المارينز لحمايته فربما بعد هذه الكارثة يكون من مخطط اليابان قتل جاك، وليس جاك فحسب بل فهمان أيضا.»
    وقبل فض الاجتماع جاء الرئيس الأمريكي اتصال، نظر في الهاتف فاضطربت عيناه، قال عندئذ متلعثما: «إنه رئيس وزراء اليابان.»
    وظل ينظر إليه بضع ثوان كأنما يساق إلى الموت وهو ينظر، أما الوزراء فطفقوا يزدردون ريقهم، بعضهم استطاع والبعض الآخر توقف الريق على أبواب حناجرهم.
    وبيد مرتعشة امتدت إلى الهاتف وفتحه.
    قال رئيس وزراء اليابان: «يا عزيزي واحدة بواحدة، ولقد رفقت بكم واكتفيت بثلاثة أساطيل، وأسطول رابع سوف يضرب بالرصاص.»
    قال الرئيس الأمريكي: «أي واحدة تقصد؟»
    قال رئيس وزراء اليابان وهو يقهقه: «واضح أن عندك زهايمر، هو انتقام لما حدث في عام 1945، الحرب العالمية الثانية، أنسيت قنبلة ناجازاكي وهيروشيما؟»
    قال الرئيس الأمريكي: «تكلمني عن ثأر مضى عليه أكثر من مائة عام؟»
    أجابه: «حجم الكارثة يجعلها كأنما حدثت من ساعات، اسمع أيها الرئيس الأمريكي، لا أحب أن أسمع نشاز أصواتكم من بعد اليوم، عيشوا في بالوعات المجاري كالجرذان حتى لا أرى وجوهكم مرة أخرى .»
    ***

    فهمان يرى الشيطان باستخدام الفيزياء النووية ج6
    إبراهيم أمين مؤمن/مصر

    وأرسل الجيش الأمريكي على الفور فرقة من المارينز هي أكفأ رجال الجيش الأمريكي في الفنون القتالية على الإطلاق، ومهمتها الرئيسة حماية جاك من أجل أن يصنع لهم قنابل الثقوب السوداء.
    واتصل الرئيس الأمريكي بالرئيس المصري وأعلمه بأن فهمان في خطر، وأن خطة اليابان تقتضي بقتل كل من لديه قدرة على صناعة القنابل السوداء.
    وطلب منه السماح لفرقة المارينز التي في الطريق إلى الوادي الجديد بالسماح لها بالدخول، ولم يجد الرئيس مهدي مانعا في ذلك إذ إن جاك ملازم لفهمان، وهذا يعني أن فهمان هو الآخر في مأمن من الاغتيال.
    ***
    اكتفى مهدي بأن أرسل فرقة من قوات الصاعقة حماية لحياة فهمان، وهذا لم يكفِ مطلقا لتقدير الموقف؛ فالموضوع أكبر بكثير من ذلك، رغم أنه يسمع الآن ويشاهد البث الياباني بشان ما أحدثته اليابان بأمريكا. ومما سمع نقلا عن وزارة الخارجية اليابانية: «إنّ اليابان أعظم إمبراطورية في العالم، وإنّ الجنس اليابانيّ أرقى جنس فيه، وما كان لها أن تسكت عن ثأرها طوال كلّ هذه العقود الماضيّة.»
    وقيل أيضًا: «إنّ رئيس وزراء اليابان يحذّر أمريكا من أيّ عمل متهوّر، وسيكون الردّ عنيفًا بقدرٍ لم يتصوره عقل، وردّنا إزاء أيّ عمل متهوّر هو حذفهم من الخريطة الجغرافية.»
    تساءل مهدي عندئذ: من أين لهم بتلك القوة؟ تمحي أمريكا كلها!
    وقرر في نفسه شيئا وقال: عندما يأتي وقته سأنجزه.
    ***

    وجاء نفس الاتصال ليعقوب إسحاق، فجلس يفكر. وفتح هاتفه فسمع ما سمعه مهدي، فاجتمع بإدارته على الفور، فالموقف جد خطير، بل أنه
    قدر حجم الأمور جيدا، وتأكد أنها قد تكون لحظة فارقة في حياة دولة إسرائيل.
    وتمخض الاجتماع عن عدة قرارات منها هو وجوب التحرك للحصول على ذاك السلاح المدمر بأي طريقة، لأنه تراءى لكل من في الاجتماع أن الحصول على ذلك السلام المدمر سينهي الصراع العربي الإسرائيلي، إذ إن العرب جميعا سيدركون أن إسرائيل قادرة على محوهم من الخريطة إذا ما شمخوا بأنوفهم لها.
    كما قرروا إذا حصلوا على تلك القنابل بأن ينتزعوها من اليابان بأي طريقة، وأن يحولوا فيما بعد دون إيصالها لأي دولة غيرهم.
    ومن ضمن القرارات هو السيطرة على المصادم FFC-2 وتسخير كفاءتي جاك وفهمان لصالح إسرائيل، فإن فشلوا في تسخيرهما وجب قتلهم على الفور.
    ***
    وكان صدى الأخبار التي تبثها اليابان على آذان الشعب الفلسطيني من أعزب الأصوات على الإطلاق، فأمريكا هي التي تسعى دائما بتثبيت اليهود على أراضيهم بالطرق المشروعة وغير المشروعة.
    وسقوط أمريكا المدوي بهذه الطريقة يعتبرونها بمنزلة أول طريق للتحرير.
    فاجتمعت كافة الفصائل الفلسطينية ليضربوا ضربتهم من أجل أن يحرروا فلسطين.
    ***

    فتح جاك الخط ليستقبل مكالمة رئيس ناسا، بالطبع لم يصل الخبر إلى مسمع جاك بعد ولاسيما أنه مستغرق في التجارب مع فهمان.
    قال رئيس ناسا بصوت متهدج: «ضاعت أمريكا يا جاك، ضاعت يا جاك الولايات المتحدة الأمريكية.»
    قال جاك في هلع: «ضاعت! كلنا سوف نضيع وليست أمريكا فحسب، فعلها ثقب سحابة أورط إذن، يا للكارثة!»
    - «بل فعلتها ثقوب كاجيتا يا جاك.»
    وقع في روع جاك بأن شرا مستطيرا حاق بدولته فسأله بصوت غضوب مرتفع: «ماذا حدث بالضبط ؟»
    - «الذي حدث أكبر من أن يُروى، شاهده أفضل من وسائل الإعلام، ولاسيما وسائل إعلام اليابان منها.»
    طرح جاك بالهاتف أرضا وهو في قمة الغضب، وظل يزمجر ويتوقد، حتى مد يده إلى الهاتف مرة أخرى ليشاهد الأخبار، فرأى شاشة الهاتف قد تهشمت، فأسرع نحو الشاشة وفتحها.
    وفور أن شاهد وسمع الأخبار أدرك أن كاجيتا قد تمكن من صنع قنابل الثقوب السوداء عندما كان فهمان مريضا في غرفة العناية المركزة يصارع الموت.
    انتفض جسده، وتشنّجتْ كلّ أعضائه، وتدلى رأسه وارتجف رجفة الزلزلة، عبثًا حاول فكّ أعضائه لكنه ما استطاع.
    حاول أن يستنهض مصادر قواه الداخليّة لكنّها نائمة تغطّ غطيط السكارى، فأيقظها بعزيمة لا تُقهر فنهضت.
    عندها أدرك ما حوله فتذكّر تحذيره لفهمان بإغلاق FFC-2، ثمّ صرخ مناديًا: فهمان، فهمان، مهديّ، فهمااااااان.
    فأسرع فهمان لتلبيته، ولم يكد يرى ملامح وجهه -التي تحول كل ما فيه إلى اللون الأحمر- حيث انقض عليه جاك كالانقضاض على الفريسة، بدأ بجندلته فوقع على الأرض، ثمّ قفز فوقه وبدون وعي منه أخذ يكيل له اللكمات، وفهمان يتلقى الضربات التي سرعان ما تسببت في فقد الوعي بعد إحداث إصابات بالغة في وجهه، ورغم ذلك لم يكف جاك عن لكمه، لأنه فاقد الوعي هو الآخر.
    وتوقف عن الضرب، ليس لشيء سوى أنه انهار تماما بسبب ما حدث لأمريكا، نظر إلى فهمان الذي لم يبد أي حراك فتفككت أوصاله على الفور، وتفجع فجيعة الأم على ولدها عندما قتلته بدون قصد.
    مد جاك أذنه -فارغ القلب- إلى صدر فهمان ليتسمع دقات قلبه، فوجده بخير.
    نظر إليه فرأى سقوط بعض أسنانه، وتحطم أرنبة أنفه، والدم ينساب من فكيه وشدقيه على وجنتيه، بل لامس الأرض من غزارته.
    هزه بكلتا يديه من كتفيه هزات رقيقة وهو يقول بصوت منخفض فيه هلع وألم: فهمان، أفق، أفق يا فهمان.
    فلما يأس منه رفعه من الأرض بيدين مرتعشتين ووضعه في مضجعه بتؤدة ثم اتصل بطبيب على الفور.
    بعد ذلك جلس بجانبه ودموعه تنهمر خوفا عليه، يمسح عنه دمه المسال، وينظف في وجهه، فامتزجتْ دموعه بدمائه فغدا يمسح دموعه بدمائه ودماؤه بدموعه.
    جاء الطبيب وطمأنه على حاله ثم غادر.
    فحمد الله، ثم انزوى في الحجرة ونظر إلى أعلى وهو يحدق بسقف الحجرة الذي لم ير منه سوى خياله وحديث نفسه وقال: إن كانت أمريكا ذُلّت فلا يجب أن أخسر كلّ شيء، علىّ بالانتقام من كاجيتا أوّلاً ثمّ من مهديّ.
    اعتدلت رأسه ونظر إلى فهمان يحدق بملامحه البريئة وهو يقول: أمّا هذا المسكين فلا ذنب له ولا جريرة.
    وظل جاك مع حديث النفس إلى أن أفاق فهمان، فانكب عليه جاك مستعطفا إياه أن يسامحه ويغفر له.
    قال فهمان في فراسة: «أو فعل كاجيتا شيئا أثناء مرضي؟»
    هز جاك رأسه بكل حزن وأسف وحسرة.
    قال فهمان وهو يحاول النهوض: «إذن علينا بتدارك الأمر قبل أن يقدم على فعل كارثة.»
    قال جاك: «استرح، قد فعل الكارثة بالفعل، لقد أنهى على أمريكا وألبسها ثياب العار.»
    قال فهمان: «ماذا فعل بالضبط؟»
    نهض جاك وفتح شاشة الحجرة وهو يقول له: «رَ.»
    لقد شعر فهمان بالذنب بعد أن سمع وشاهد كل شيء، وانفجر في البكاء وهو يلوم نفسه على صنع هذا الجبار العنيد FFC-2 الذي شيده من أجل أن تحيى البشرية وها هي البشرية معرضة للانقراض بسببه.
    وظل يصرخ صرخات كتمها ألمه وهو يقول: «رباه ماذا قدمت يداي؟»
    ثم نظر في جاك وقال: «وما الحل إذن؟»
    قال جاك: «الحل أن تصنع لي تلك القنابل الملعونة لندرك ما تبقى من جسد أمريكا ونحفظ العالم من فناء محقق.»
    نظر إليه فهمان نظرات دهشة ضالعة في اليأس ولم ينبس بكلمة بسبب عجزه عن إيجاد حل لتلك الكارثة.
    نظر إليه جاك نظرة عتاب: «ما بك لا تتكلم؟ أريد تلك القنابل.»
    لم يرد عليه فهمان، فلما همّ بإمساكه ليهزه هزا اعتراضا منه على موقفه المخزي تجاه بلده تذكر أنه مريض فكتم عاطفته بداخله وسكت.
    أراد فهمان أن يخرج من المأزق فقال بذكاء: «أظن أن حياتنا في خطر.»
    سكت جاك ليعطي لنفسه برهة للتفكير ثم قال: «أكيد، فكل قوى العالم تتربص بكلينا بعد انكشاف سر تلك القنابل، ولابد من أخذ احتياطاتنا، فلن تترك اليابان أحدا يمكنه صناعتها حتى تظل سيدة العالم.»
    سكت برهة ثم قال مستدركا: «لكن لا أكترث لحياتي، كذلك الذي يحميني ويحميك هي أن نملك تلك القنابل، عندئذ لن يستطيع أحد أن يمسنا بسوء، أي سوء.»
    ثم نظر إليه مجددا وقال: «فهمان، صدقني يا صديقي، لابد أن نصنعها.»
    صرف فهمان بصره عنه ولم ينبس بكلمة.
    وفجأة، دخل حارس FFC-2 العام القائم على إشراف كل حرسه وقال: «دكتور فهمان، حياتك في خطر وقد أرسل الرئيس مهدي لك فرقة من الصاعقة تتمركز الآن في أماكن إستيراتيجية.»
    ثم نظر إلى جاك وقال: «وأنت دكتور فهمان، فرقة من المارينز نزلت بالوادي الجديد وهي في الطريق إليك.»
    رفع سبابته وهو يشير إلى كليهما: «المهم لا يتحرك أيّ منكما حتى يأتي الحرس المكلف به، فخط سير الأحداث يقول إنكما هدفان لليابان وإسرائيل، وربما يكون قد وصل بعض المقاتلين الساموراي وبعض من فرق الاغتيال من الموساد الإسرائيلي ودخلوا جميعا متنكرين.»
    نظر إليه جاك في استياء: «أنا أعرف كيف أحمي نفسي جيدا ولا حاجة لي من حماية أحد لي.»
    ولم يكد يكمل جملته حتى دخل الروبوت الخاص بحماية جاك وقال لرئيس الحرس: «معذرة سيدي، لن يستطيع أحد مس سيدي جاك وأنا موجود، تفضل.»
    وأشار بيده الآلية إليه وقال: «والآن اخرج.»
    ***

    فهمان يرى الشيطان باستخدام الفيزياء النووية ج7

    ومضى على رحيل رئيس الحرس نحو ساعتين، كان فهمان خلالها يتصنع النوم خشية أن يكلمه جاك في شأن القنابل، أما جاك يعلم بتصنعه ولكنه آثر الانتظار رغم أنه يعلم جيدا أن كل لحظة تمر فيها خطورة على حياتيهما فضلا عن اعتلاء اليابان لزعامة للعالم بدلا من دولته.
    ولم يكترث جاك كثيرا لزعامة اليابان وإنما البث التلفزيوني ليل نهار يؤرقه كثيرا ويشعره بالعار، وهذا طبيعي؛ فأي إنسان لديه ذرة واحدة من الكرامة يشعر بالعار أيضا.
    وفجأة سمعا صوت جلبة، أشبه بصوت اصطكاك السيوف، وأزيز أشبه بالصعقات الكهربائيّة، يصدر عن بُعد عشرات الأمتار من الحجرة الموجوديْن فيها -وهي من إحدى المباني فوق المصادم مباشرة والممتدة من أحد البوابات الرئيسة لتلك المباني-.
    فخرج جاك مسرعا ومن خلفه فهمان، فرأيا مقاتلين من الساموراي تبارز حرس المصادم باقتدار ولا يلبث أن يسقط منهم العشرات ما بين قتيل وجريح.
    فلما همّ جاك بالالتحام أعزلا أمسكه فهمان بكل قوة وقال: «اثبت يا مجنون، أنت أعزل، وهم مقاتلون مهرة.»
    وخلال لحظات إمساكه يحفزه على الثبات ويردد على مسامعه: «تريد أن تقاتل الساموراي وأنت أعزل؟ العالم يحتاج إليك، من يدمر الثقب الأسود غيرك يا جاك، أفضل أن تهرب للرسالة التي كلفك الله بها.»
    أما الروبوت فقد كان يكلم جاك ويقول: «أتريد أن تنهي عليهم سيدي جاك؟»
    لم يرد عليه جاك ولا يسمع لاستغاثات فهمان، وظلت عيناه اللتان باتتا كلون حمرة الدم تدوران على إدارة المعركة، وبين استغاثات فهمان وإلحاح الروبوت بالالتحام ظهرت قوات الصاعقة المصرية، عرفهم جاك من خلال زيهم العسكري.
    أما فهمان فقد دهش، إذ كان يجب على الرئيس مهدي أن يرسل الألوف. وعلى ذلك هاتف الرئيس مهدي ليرسل له قوات مدججة بالسلاح لخطورة الموقف -رغم علمه بأن قوانين المصادم صارمة وهو عدم دخول أسلحة نارية تحت أي ظروف لإنهاء هذا الأمر- بيد أن الهاتف مغلق، هنا نظر الروبوت إلى فهمان وقال له: «أعرف أنك تتصل لجلب أسلحة نارية، وبرمجتي تؤكد أن دخول أسلحة نارية في مباني المصادم قد تتسبب في إحداث تلف به قد لا يمكن إعادة إصلاحه، لذلك ليس في جعبتي أنا الآخر السلاح الناري، فور أن جئت هنا قام عالم الروبوت المصري بتغيير برمجتي حتى لا يمكنني من استخدام السلاح الناري.»
    لم ينظر إليه فهمان وإنما واصل محاولات اتصاله.
    تبادلوا التحام السيوف الشعاعية واصطدامها مع قوات الساموراي، ولم يمض سوى دقائق وظهر التفوق الواضح للساموراي رغم أن بقية الحرس تقاتل بجانب قوات الصاعقة كثيرة العدد.
    وأثناء القتال لمح بعض قوات الساموراي جاك وفهمان والروبوت عن بعد، فقذف ثلاثة منهم بسيوفهم الشعاعية التي طفقت تحف كحفيف الرياح وهي تدور في الهواء، بيد أن الروبوت تصدى لها قبل أن تصل إليهم ورمى بها نحو الثلاثة الذين سرعان ما أخرجوا غيرهم وتصدوا لها وأسقطوها أرضا.
    ولا يزال فهمان يحاول سحب جاك والهروب لأن مجريات المعركة ليست في صالحهم بتاتا، بينما جاك يتوقد يريد أن يلتحم مع اليابانيين بيد أنه يخشى أن يخسر معركته فيترك وراءه الكارثة الكونية التي لم يعلم بها أحد غيره وبعض العلماء المقربين له من وكالة الناسا.
    وبين سقوط عشرات القتلى وصراخ القتلى والمصابين، واصطكاك السيوف الذي زادت حدته ظهرت قوات المارينز، كانت كثرة كاثرة فقد كانوا نحو مائة، وانضموا فورا إلى بقية حرس المصادم والعشرات من قوات الصاعقة المصرية.
    عندما رأى قوات الساموراي ذلك أحسّوا بأنهم قد يخسرون معركتهم بسبب قلة عددهم رغم أنه لم يسقط منهم غير واحد وهم أكثر من خمسين ساموريا، أخرجوا من جعبتهم بودرة وألقوها في المكان، فبدأت تحجب الرؤية عن المقاتلين إلا هم لأنهم يرتدون نظارات تلتف حول عيونهم التفافا محكما.
    وأعملوا فيهم السيف وأسقطوا منهم الكثير فقتلوهم تقتيلا.
    لم يعجب جاك المشهد وأحسّ بدنو نهاية المعركة وحسمها للساموراي بيد أن قوات المارينز فاجأته بأنهم استعادوا الرؤية سريعا بوساطة بعض المواد وضعوها على أعينهم.
    وظل الالتحام مستمرا ساعات يتساقط القتلى من كلا الجانبين، والمقاتل الماهر ذو النفس الطويل وقوي التحمل هو الذي لا يزال يقاتل.
    والمعركة حتى الآن لصالح الساموراي، فقد كانت الكلمة العليا للبودرة التي تسببت في قتل نحو ثلث قوات المارينز وغالبية أفراد قوات الصاعقة.
    قرر جاك الدفع بالروبوت نحو المعركة لعل الكفة تعود إلى التأرجح من جديد.
    ولم يكد يتحرك من مكانه حتى استطاع ثلاثة من مقاتلي الساموراي التسلل من المعركة من أجل الخلاص من جاك وفهمان، وهنا تصدى لهم الروبوت في منتصف الطريق، كانت حركات أفراد الساموراي الثلاثة تدون عبر شريحة الروبوت بسرعة منقطعة النظير، ومما سجلت الشريحة: أسلحة ضوئية مصنوعة من خلايا من بلازما تتدفق من مقبض السيف حتى نهايته قادرة على قطع الفولاذ، تنصهر البلازما بفعل بطاريّة صغيرة ذات طاقة عاليّة جدًا مثبتة في باطن السيف.
    أما عن صفة مقاتلي الساموراي فقد وصفتهم شبكة المعلومات في شريحة الروبوت بأنهم يتميزون بخفّة الحركة وقوّة التسديد وطول النَفَس.
    وبعد أن قرأت الشريحة (عقل الروبوت) صفة الأسلحة وصفة مقاتيلها أصدرت الأوامر الميكانيكية لبقية أجزائه بالتحرك في الجهات المطلوبة وفي الوقت المناسب، فتمّ تبديل ذراعيه إلى سيفين ضوئيين، وتمّ إرسال إشارة تحذيريّة أخرى بتجنب لمس أيّ جزء من جسده من السيوف الضوئيّة وخاصة الجزء الخاص بشريحة الإدخال وموضع بطاريّة الطاقة.
    وقد أحدث فيهم إصابات بالغة في تلك الجبهة الجديدة من القتال، إذ إن شريحة الإدخال يمكنها تحريك كل جسد الروبوت في كل الاتجاهات وبسرعة كسرعة المروحة، فكان يقفز ويدور في الهواء ويسير فيه وكأنه سائر على الأرض، وكاد أن يظفر بهم لكن للأسف قد أدرك بقية مقاتلي الساموراي زملائهم بعد أن أنهوا تماما على قوات الصاعقة والمارينز وحرس المصادم، وسرعان ما التفوا حوله.
    هنا حدث جاك نفسه: طاقة المقاتلين ستتفوق على شريحة الروبوت (وحدة البرمجة).
    وهنا صرخ، وظل يصرخ محاولا إسكاتهم بيد أن اصطكاك السيوف وصليلها كان أعلى صوتا.
    صرخ مناديا الروبوت وكان اسمه حارس: «لن تصمد، يا حارس، ولم يكن في وحدة برمجتك إمكانية خروج الأسلحة النارية.»
    قال الروبوت وهو يقاتل: «هو كذلك سيدي جاك.»
    قال جاك في نفسه: «لا مفر من المغامرة والقتال.»
    هنا أمسك به فهمان مجددا وقال: «الهروب أسلم حل يا جاك.»
    بيد أن شجاعة جاك تأبى الفرار، ولذلك رمى ببصره بعيدا فوجد سيفين ضوئيين ملقين على الأرض، فحاول الوصول إليهما بيد أن أحد أفراد مقاتلي الساموراي خرج من الدائرة وقطع عليه الطريق ثم همّ بضربه بالسيف في قدمه، ولكن جاك استطاع أن يتحاشى ضربة السيف بالوثوب إلى أعلى، وكانت يده مجهزة للكم وهو في الهواء، فوقع المقاتل على الأرض ونهض سريعا يحاول إدراك جاك قبل أن يمسك بالسيفين؛ لكن جاك أمسك بالسيفين وقتله ثم فقز من بعيد حتى سقط في وسط الدائرة بحيث كان ظهره ملاصقا للروبوت بينما وجهاهما تلقاء الدائرة السامورية وعيناهما تدوران عليهم.
    أدرك فهمان في هذه اللحظة أن جاك سيموت رغم علمه بقوته المنقطعة النظير في القتل، وركض وتمكن من الخروج وهو يصرخ: « أدركوا جاك، ستموتون بدونه، أدركوا جاك.»
    فلم يجد مجيبا، فجميع من بالخارج في هلع وخوف.
    أما جاك وحارس فكانا يقاتلان بمهارة وشجاعة ليس لها نظير، كان حارس يرفع بجسد جاك لأعلى، حتى إذا وصل إلى أقصى ارتفاع قفز على اثنين من مقاتلي الساموراي فأرداهما قتيلين.
    أما حارس فقد كان سيفيه الأشبه بالمروحة يقطفان في رؤوس قوات الساموراي قطفا.
    هنا تراءى لقوات الساموراي أن يغيروا من الخطة، فقرروا الاصطفاف مجددا والانقضاض على الروبوت بدلا من مقاتلة الاثنين معا حتى يتسنى لهم إنهاء المعركة لصالحهم، وهم يعلمون أن ذلك سيفسح المجال لجاك بإعمال لقتل فيهم بأريحية تامة، ومع ذلك فمقاتل الساموري لا يعبأ بالموت كل ما يعنيه أن ينهي المعركة لصالحه، ومن عاداته أنه يفضل الموت عن الأسر، ولا يستسلم، وإن تركه خصمه عفوا بعد هزيمته يقتل نفسه.
    توقفتْ المعركة لحظات، بعدها بدأ الالتحام من جديد، لم يكن بوسع حارس التصدي لكل هذه الضربات التي تسقط عليه من كل جانب فقرر الهروب بجاك.
    لم يجد جاك مانعا من الهروب في هذه اللحظة، فركب حارس كما يركب الفارس الخيل وطار في الهواء، فضربا كل منهما سيفيه في الجدار محاولا ثقبه، وبدأت السيوف الأربعة في ثقب الجدار بالفعل وكاد أن يثقب لولا أن قوات الساموراي عاجلوا حارس فطاروا برأسه ثم غرس أحد منهم سيفه في صدره فاستشاط وتعطل محدثا أزيزا عاليا، بينما ورائحة الأسلاك المحترقة تعج بالمكان.
    وقال كلمته الأخيرة قبل أن تودع شريحته تكنولوجيا الروبوتات: «وداعا صديقي جاك، اتحادهم وشدة بأسهم كانت أكبر من أي آلة مهما بلغت قوتها، فالعزيمة قوة لا تقهر.»
    ولم يكد ينتهي من كلامه حتى وجد السيوف تسقط فوق رأسه، فتحاشاها ثم قفز بعيدا وقال: «ماذا تريدون؟ أتظنون أن اتحادكم وسعيكم نحو دمار العالم سيمكنكم من الظفر بي؟ أنتم واهمون، فأنا لا أقاتل وحدي، بل يقاتل العالم كله معي الآن من أجل بقائهم، أم أنكم لا تعرفون أن الموت ينتظركم أنتم أيضا بعد موتي؟»
    لقد سمعوا كلماته، ولقد فتت كلماته في عضدهم وصرفتهم عن رسالتهم، فنظر بعضهم إلى بعض رغبة في سماع مراده بالضبط ولاسيما الكلمة
    التي قالها: "أم أنكم لا تعرفون أن الموت ينتظركم أنتم أيضا بعد موتي؟"
    وبعضهم سمع رسالة الماجستير الخاصة به.
    في تلك اللحظات انقض عليهم جاك وحده، لا، الحقيقة أنه لم يكن وحده، فقد استنهض بداخله رغبته في الحفاظ على ما يناهز من تسعة مليار نسمة من ثقب أسود يتربص بهم في مقدمة سحابة أورط، نسمة فضاعفت قواه واستحضرت قواهم أيضا فظفر بهم في لمح البصر وكأنهم صعقوا بماس كهربائي شديد الجهد.
    عاد فهمان رغبة في حمل جثة صديقه لأنه لن يجد ما يسعفه بيد أنه رأى جاك قد تخلص منهم.
    فسأله عن ذلك دهشا فأجاب: «وهل تظن أن مطفئ حريق الجامعة ومسعف اثنين من وسط نيران بركان متفجر ينهزم يا فهمان؟»
    ولقد انتهتْ المعركة وهبّ أحدهم ومعه نصل سكين، هجم على جاك فرآه فهمان فتعرّض له فانغرس النصل في كتفه، فأجهزَ عليه جاك وفصل رأسه عن جسده.
    ***
    أما ما أرسله يعقوب إسحاق فتواءم مع ما خطط له، حيث أرسل بعض العلماء البارزين في الفيزياء النظرية وكذلك أولئك الذين كانوا يعملون في مصادم سرن بالإضافة إلى بعض أعضاء من الحركة الماسونية التي كانت تحتفل كثيرا عند مصادم سيرن بسويسرا الذي يعتبرونه بوابة العالم السفلي، والذي منه لابد من نشر التعاليم الشيطانية.
    وكانت مهمتها هو نقل بوابة العالم السفلي إلى مصادم فهمان بالوادي الجديد FFC-2.
    ولم ينس يعقوب إسحاق أن ما يدبره من تخطيط وهو مبني على أساس الحصول على قنابل الثقوب السوداء يحتاج إلى القوة ولذلك أرسل مع كل هؤلاء فرقة من مخابرات الموساد القتالية.
    ووصل الوفد الإسرائيلي المتنكر أخيرا، وقد وصله خبر المعركة التي دارت في مباني المصادم.
    قدّموا بطاقة هويّاتهم، فنظر الحارس الجديد فيها وأدخلهم على الفور، وركبوا المصاعد الكهربائيّة متّجهين نحو المناطق التي تجرى فيها التجارب، حيث يتم فيها دفع دفقات البروتونات عبر أنبوبي المصادم.
    ***

    في الوقت الذي تسعى فيه اليابان للخلاص من فهمان وجاك استكمالا لمخططهم، وكذلك سعي اليهود للحصول على قنابل الثقوب السوداء للسيطرة على العالم من خلال فهمان وجاك، كان فريق ميتشو كاجيتا يفكر هو الآخر في صناعتها بما لديه من مهارات اكتسبها من معلمهم رغبة في السيطرة على العالم أجمع.
    استقل الفريق سيارة من أرض المطار القريب من الوادي الجديد وقد وصلتهم أخبار تمكن جاك من قتال فريق الساموراي وحده من خلال أحد الخبراء اليابانيين الذي يعمل في المصادم. فقرروا العمل متنكرين حال تمنعهم من إجراء التجارب على المصادم تحت أي ذريعة.
    في السيارة كانوا يتهامسون سِرًا حول السيطرة على العالم، وتبدو على ملامح وجوههم التوحّش والمكر، وظلّ النبس يدور من ألسنتهم ونظرات عيونهم وملامح وجوههم، بينما السائق يتابع أخبار قنابل الثقوب السوداء وما فعلته في أمريكا أعظم وأقوى دولة تكنولوجيّة في العالم على مدى عقود طوال، كان حزينًا بائسًا بسبب توحّش اليابان، ثمّ دعا على كلّ مَن أراد أن يحرق العالم أن يحرقه الله.
    فنهروه، وكادوا يبطشون به وهو يقارعهم ويتهمهم بالجبروت، وفجأة اصطدمت السيارة على إثر هذه المشاجرة الحادة بعامود إنارة ضخم، وانفجرتْ السيارة واحترق كلُّ فريق كاجيتا، بينما أسرع السائق بالخروج من السيارة قبل الانفجار بلحظات، وهو يقول: لا بأس عليك يا سيارتي، فشركة التأمين سوف تعوضني، أما هؤلاء الصعاليك فأحرقهم الله بما في قلوبهم.

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,063
    المواضيع : 312
    الردود : 21063
    المعدل اليومي : 4.96

    افتراضي

    تبهرني بالمقدرة الرهيبة على التخيل والنفس الطويل في السرد
    والقدرة على إدارة المعارك بتقنيات جديدة مستحدثة حتى إننا
    نشعر بأننا داخل فيلم سينمائي ضخم.
    والقدرة الخارقة التي يتحرك بها أبطالك( جاك وفهمان)
    والشر المستطير لإسرائيل والرغبة في السيطرة على العالم...
    وأتابع معك .. ولك تحياتي وتقديري.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Feb 2023
    المشاركات : 49
    المواضيع : 22
    الردود : 49
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي

    تبهرني بالمقدرة الرهيبة على التخيل والنفس الطويل في السرد
    والقدرة على إدارة المعارك بتقنيات جديدة مستحدثة حتى إننا
    نشعر بأننا داخل فيلم سينمائي ضخم.
    والقدرة الخارقة التي يتحرك بها أبطالك(جاك وفهمان)
    والشر المستطير لإسرائيل والرغبة في السيطرة على العالم...
    وأتابع معك .. ولك تحياتي وتقديري.
    =========

    أولا كل سنة وانتِ طيبة أستاذة نادية، وأرجو أن تكون كل الأسرة بخير..
    سؤال: ما هو آخر ما ألفتِ؟
    الرد على التعليق...
    القدرةالرهيبة على التخيل: وهل قرأتِ لأحد الروائيين المشهورين وشعرتِ بذلك؟
    النفس الطويل في السرد : بالوقت، فسرد ألف كلمة بأفكار جاهزة تماما يستغرق نحو 3 ساعات، أما تكوين قصة قصيرة فكرتها جاهزة فقد تستغرق كتابة القصة بنحو 8-10 ساعات. وتختلف من شخص لآخر، فالمتمرس غير الهاوي، والمحترف غير المتمرس.
    والقدرة على إدارة المعارك بتقنيات جديدة مستحدثة: ربما، لكني أغترف من خبرات الآخرين وأدمج أفكار الرواية مع تقنيات القتال.
    والقدرة الخارقة التي يتحرك بها أبطالك(جاك وفهمان): ممكن دليل على ذلك؟