الفاصلة الكبرى في الشعر العربي
نشر الشاعر محمد السادة السؤال التالي:
بحثت في جوجل عن الفاصلة الكبرى في الشعر وهل هناك أمثلة على استخداماتها إلا أنني تهت بين المواقع الكثيرة التي تشرح علم العروض وتتحدث عن الفاصلة الكبرى وصفاً على أنها ( فَعَلَتُن ) ولا تورد أمثلة لاستخدامها..
كان سبب بحثي أنني استسغتها في بداية البيت في المنسرح في قصيدة جاء في بعض أبياتها:
أرضيَّةِ الطِينِ إنَّما هَبَطَتْ
ورافَقاها الجَوزاءُ والأسَدُ
فَلَمَعَتْ قبلَ الصُّبحِ في شَغَفٍ
واشتَعَلَتْ حينَ خانَها الجَلَدُ
( فَلَمَعَتْ ) ووزنتها على ( مُتَعِلُن ).
فمن يجيز ..؟
أرضيَّةِ الطين مجرورة بسبب ما سبقها من أبيات
*******
وللرد على سؤاله لابد أن نستعرض قواعد العروض والزحافات, والفاصلة الكبرى هي توالي أربعة حروف متحركة ثم ساكن (////ه ) وهو ما سماه الفراهيدي زحاف الخبل وهو زحاف مزدوج أي اجتماع الخبن والطي في تفعيلة سباعية ومما نلاحظه أنه يختص بتفعيلة مستفعلن وتنتج الفاصلة الكبرى من حذف الساكنين من السببين الأول والثاني لتتحول (/ه/ه//ه) إلى فعلتن (////ه).
وهذا يعني أن زحاف الخبل أجيز في البحور والأوزان التالية التي تعتمد على تفعيلة مستفعلن وهي:
البسيط , مجزوء البسيط, مخلع البسيط, الرجز , مجزوء الرجز , السريع, والمنسرح.
وهذا الزحاف اعتبر من الزحافات النادرة فالشواهد التي وردت عليه شواهد لم تنسب لأي شاعر كبير.
وما ورد في كتاب الجامع في العروض والقوافي الشواهد التالية:
في البسيط (ص 112)
وَزَعَموا أنَّهم لَثِيَهمْ رجلُ * فَأَخَذوا مالَهُ وَضَرَبوا عُنُقَهْ
فعِلَتن فاعلن فعِلتن فعِلن * فَعِلَتن فاعلن فَعِلَتن فعِلن
مخلع البسيط (ص 115):
النَّجمُ والدُّبُران والهقْــ * ــعَةُ وكلٌّ على المجاري
مستفعلن فعِلن فعولن * فعِلتن فاعلن فعولن
الرجز (ص 134)
وَزَعَموا وَكَذَبوا بأنَّهم * لَقِيَهم عُلَبِطٌ فَشَرِبوا
فعِلتن فَعِلَتن متفعلن * فَعِلَتن فعِلَتن فَعِلَتن
مجزوء الرجز (ص 135)
إنَّ الَّذين وَلَدَهم * عبدُ مُنافٍ كُرَما
مستفعلن فعلتن * مفتعلن مفتعلن
السريع (ص 145)
وَبَلَدٍ قَطَعَهُ عامرٌ * وجَمَلٌ حسَرَهُ في الطريقْ
فعلتن فعلتن فاعلن * فعلتن فعلتن فاعلان
المنسرح (ص 149) (ص 150)
وَبَلَدٍ متشابهٍ سمتُهُ * قَطَعَهُ رَجُلٌ على جَملِ
فعلتن فعلات مستفعلن * فعلتن فعلات مفتعلن
أفردني بالرَّقيبِ وجهُ الرَّقيــ * ــبِ سَمَجٌ ولو كان كالقَمَرِ
مفتعلن فاعلات مستفعلن * فعلتن فعولات مفتعلن
وأكرر أن هذه الشواهد لم تنسب لشاعر معروف بل تركت في مراجع العروض دون (عزو)
ويمكن أن تكون من نظم العروضيين أنفسهم أو أبيات مفردة لشعراء ولم توثق.
خلاصة القول أن زحاف الخبل في تفعيلة مستفعلن زحاف أجازه الفراهيدي مما يعني أنه استحسنه رغم عدم اعتماده من قبل الشعراء.
لذا وكرد على الشاعر محمد السادة أن ما أورده في أبيات المنسرح من زحاف الخبل زحاف جائز لأن موضوع اعتماد هذا الزحاف متروك للشعراء.
وأذكر هنا أيضا أن توالي أربعة حروف متحركة وبعدها ساكن في الشعر العربي والمعروف بالفاصلة الكبرى هي الحد الفاصل بين الشعر والنثر, أي يجوز أن يتوالى أكثر من أربعة متحركات في الشعر العربي وكما تبين أعلاه وخاصة في تفعيلة مستفعلن حيث يجتمع فيها الخبن والطي, وإن جاء أكثر من أربعة فهذا يخرج النص الشعري إلى النثر, علما بأن بعض الأوزان التي كان يحتمل فيها توالي أربعة متحركات وضع قيد بعدم جوازها كما هو في الرمل والممتد حيث لا يجوز خبن التفعيلة بعد (فاعلات) المكفوفة لمنع توالي أربعة متحركات.
تحياتي وتقديري