تبدأ قصة سارية الجبل في التاريخ الإسلامي في وقت انطلاق جيش المسلمين إلى بلاد الفرس. وقد هجم الجيش الإسلامي على مكان معسكرات الفرس وحاصروهم فيه؛
ولما طال الحصار طلب الفرس مدداً من الأكراد. وحين وصل المدد رأه المسلون عظيماً، مما أدى إلى إحاطة جيش المسلمين من كل اتجاه.
ومن هنا يتغير موقف المسلمين من القوة إلى الضعف. ويبدأ التفكير فيما سوف يفعلونه مع هذا الجيش العظيم الذي أحاط بهم.
فما هي إلا لحظة واحدة وسيطبق جيش الفرس عليهم ليفنوا جيش المسلمين عن آخره.
كانت هذه الأحداث تدور في هذا المكان وعلى الجانب الأخر في المدينة نجد خليفة المسلمين عمر بن الخطاب ينتابه القلق والاضطراب، وهو يتفكر فيما سوف يفعله سارية الجبل والجيش في مواجهة جيش لا قبل لهم به. واستمر يفكر في هذا الأمر حتى غلبه النوم. وفي نومه رأى ابتداء المعركة الفاصلة بين المسلمين والفرس؛ وموقف الفريقين؛ وإعداد كل فريق. كما شاهد في حلمه أن المسلمين قد أحيط بهم من كل جانب فوقعوا في شرك ربما يكون السبب في هلاكهم. ومع ذلك لديهم فرصة تمكنهم من الخروج من ذلك الشرك. فهم إن تحركوا من مكانهم ولجئوا إلى جبل قريب جعلوه حائطاً يحمي ظهورهم لم يهاجموا إلا من جهة واحدة. وربما كان ذلك محققاً لنصرهم أو على الأقل نجاة الكثير من الجيش.
زادت هذه الرؤية من قلقه على جيشه، ولم يعد يعرف ما يمكن أن يقدمه لهذا الجيش البعيد. وحينما جاء موعد الصلاة صعد إلى منبره وخاطب في الناس وكان يقص عليهم ما رأه في حلمه؛ وبلا مقدمات صاح قائلاً:
” يا سارية.. الجبل.. الجبل.. من استرعى الذئب ظلم”.
أصاب الناس الدهشة مما يقوله. ولكن بعد أن فرغوا من الصلاة ذهب إليه علي بن أبي طالب وسأله عما قاله في خطبته.
لم ينتبه عمر بن الخطاب لما يقصده علي وقال له أأنا قلت ذلك؟ أجابه علي: نعم. فقال له عمر:
“ربما لأنه وقع في خلدي هذه الساعة أن المشركين هزموا جيش المسلمين؛ وخلفهم جبل فإذا احتموا به انتصروا؛
وإن ظلوا على حالهم هلكوا.. فخرج مني ما تزعم أنك سمعته”.
أما الغريب في الأمر أنه في نفس التوقيت الذي صاح فيه عمر بهذه العبارة أجمع سارية ومن معه على أنهم سمعوا صوت عمر بن الخطاب
يخبرهم بأن يتحصنوا بالجبل. وقد أطاع ما سمعوه فانتصروا في معركتهم.