أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: أزمة حكيم

  1. #1
    أديبة
    تاريخ التسجيل : Feb 2015
    المشاركات : 1,269
    المواضيع : 38
    الردود : 1269
    المعدل اليومي : 0.38

    افتراضي أزمة حكيم

    أزمة حكيم
    في البدء كانت رحلة صامتة .شعر عبّاس بالارتياح لأنّ رفاقه لم يحاولوا محادثته و لم يزعجه صوت الفتاة السّمراء قربه و أخذ يحدّق بتعاسة من نافذة الأتوبيس ، يتذكّر مروجي الشائعات الذين نسجوا أكذوبة تقطر نحسًا فوق رأس أخيه ملتاث العقل ..تنهد عبّاس و نزع وشاحا رماديا خيوطه من الصوف الخشن قد ضمّ ألمه إلى طوقه بربطة محكمة ..
    آه ..أماه ..يا روضة الطّهر ..مكثتِ في منزلٍ منعزلٍ وسط مساحات شاسعة من الأراضي ..رغم خصوصية المكان إلاّ أنّه من العسير على أي شخص تجاهل التّوقف أمامه ..خاصة عقب تخصيص الملحق لبيع الأطعمة المنزلية و العصائر ..تنامى مشروعنا يوما بعد يوم ..بدا مثل الحلم تحوّل إلى حقيقة ..لم تسمح يوما لنا أن نزرع الشّك في قلوبنا و قالت بصوتها المعتدّ بإصرار و عزم (عندما نحب تفقد المشكلات لهيبها و تكون الأهمية في الاتحاد و التضامن ).. الأمر لا يتعلّق بالعبارات الطنّانة و لا معسول العهود ..لا ضير أن تكون في جموحك كالخيل تسابق الرّيح لتسرج شعلة التّحدي و خوض الصّعاب ..لا يعوقك عائق في البرّ أو البحر ..أوصيك عبّاس عدم الإفصاح عن أحلامك ..آمالك ..رغباتك .. نيّتك ..و إنما اغمرهم في إناء السّتر و استعن بالعمل و التأقلم و الإيمان .
    لازلت أذكر ذاك اليوم ..نفضت الطّحين عن ثوبها و نظرت نحو ساعة الحائط تناديني ..سوف تصل حافلة الرّحلات الصيفية ..و أمرتني ب رصِّ الأطباق و الأطعمة و ترتيب الطاولات ..وضعت قوالب الحلوى في واجهة المكان بينما نظّفت أمي يدها بمنشفة المطبخ و أسرعت عبر الطرقة لكي تساعد أخي حكيم في التّقدم نحو كرسيه القابع في زاوية المكان ..يرتدي قميصه ذات المربعات و حذاؤه اللامع ..حضوره يبهج النّفس و تواجده أثناء العمل يشعرها بالطمأنينة فهي لا تكفّ عن رؤية ابتسامته و لا تتمكن من تجاهل صوته الذي يحمل ضحكة مخفيّة .
    توقفت الحافلة و دلف الزبائن يطلبون ما يشتهون من لفائف السندوتشات ، ثم جلسوا على طاولات خارج الملحق حيث نسائم السّعادة تعانق جمال و روعة الطّبيعة البكر .
    اندمجت أمي في تجهيز الطلبات ..ما إن وصلها ذلك الصّوت الجهوري و صراخ امرأة حتى تجمّدت ابتسامتها ، لم تقوَ على الالتفاف لتدرك هوية الشّخص الواقف خلفها يحمل ابنه ..و ارتسم على وجهه علامات الاتهام ..ابنه يصرخ و يتلوى ..أخذ الرّجل يكيل لها عبارات فظّة و اهانات ..
    زفرت أمي باستياء و اعتراها شعور غريب في معدتها ذلك الارتباك اللعين ..
    دائما تضعني موقف الدفاع تبا لك (حازم)..تتطاول عليّ بعد كل هذه السّنون ..طليقي البائس كم آذتني قسوتك و رعونتك ..
    نظر حازما نحو حكيم و قال هل يشاركك هذا المختلّ الطهي؟ و أردف يسألها ماذا أضفتم إلى الوجبات الفاسدة؟!
    لم تتوقع أمي بأي شكل من الأشكال أن يشار إلى حكيم بأصبع الاتهام .. و في سرعة قالت (ماذا تقول)؟!
    إنما يجلس في هدوء و يشاركنا سعادتنا ..ثم ضمّت حكيم إلى صدرها ذات انزعاج..
    بادرها حازم ..سأبلغ الشّرطة عنكِ ..احضروا الطّبيب تحركوا ..
    هاتفتُ الطبيب و كنت يائسا ..الاتهام موجه لنا من قِبل أبي ..لقد وضعت تكهناتي كلها على كاهل أخي ..كيف يمكن تفسير اصابة الطفل بالإعياء؟
    عاد يهزّ ابنه في محاولة افاقته لتسقط بذور بنيّة اللون ..
    بعصبية تحرك حكيم يقضم ابهامه صائحا (بئس الأب المهمل أنت ..خاب ظنّك و فوّت فرصة انقاذه ..لابد أنّه تناول بذور الكتان من تلك الشّجرة ..و أخرس فم البهتان بحكمته ..
    يا إلهي ..حملتني هزة الشاحنة على عودتي إلى حديث رفاقي فوق رقعة أرضٍ غير مستوية ..
    كـلُّ الـشموس تـجمّعتْ فـي فُـلْكهِ
    ويَرانِيَ الشمسَ الوَحيدةَ في سَماهْ

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,137
    المواضيع : 318
    الردود : 21137
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    كانت أزمة حكيم من أكذوبة نسجها الأب يتهم طليقته وابنها ملتاث العقل ( حكيم)
    بأن الطعام الذي يقدم في المطعم فاسد تسبب في مرض إبنه
    ولكن عندما هز إبنه لمحاولة إفاقته سقطت من فمه بذور الكتان التي كانت سببا في اعيائه
    فاخرست فم البهتان.

    نسيج سردي ماتع وفكرة جميلة وحبكة قوية نجحت في إيصال الفكرة بإسلوب سلس مفهوم
    وتصوير دقيق ، وامتلاك لأدوات الكتابة المعبرة والموجزة.
    لن أقول لك كم اشتقنا لك ولحرفك ولقلمك ، ولن ارحب بك في بيتك
    ولكن حق على أن أقول كم أحتاج لوجودكم حتى تظل الواحة الفيحاء التي تمدنا بالخير والنماء.
    سعدت بوجودك فأهلابك.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    أديبة
    تاريخ التسجيل : Feb 2015
    المشاركات : 1,269
    المواضيع : 38
    الردود : 1269
    المعدل اليومي : 0.38

    افتراضي

    السّعادة هي رؤية كلماتك الثّرية بمشاعر الدّفء و الرّقي..
    دمتِ حبيبتي ناديه بكل خير و عافية ،
    محبتي التي تعلمين