نجمٌ هوى
طفلٌ بدا
من بين أزهارِ الربي
عبِقَ النسيمَ وجالَ يرشفُ بالندى قطرَ الندى
من شقوةٍ في بسمةٍ ضِحْكُ الحياةِ نهارهُ
يجتاحُ آفاقَ السماءِ بلا حدودْ
كالطيرِ يرقى متنَ أجواءِ الفضا
تغريدهُ
ونشيدهُ
ضحكاتهُ
وبكاؤهُ
نبضُ الوجودِ ولحنُ عودِ
ورقصةُ الأمواجِ فوق البحرٍ حينَ الغيثِ يغفو فوقهُ
في زحمةِ الزخّاتِ تجتاحُ البرودْ
وبرقّةٍ تثري العبابَ برودةً لمّا تذوبْ
*****
يمسى وجفنُ الليلِ يرمقُ للكرى
حانَ الحنانُ ليرتمي في حضنِ نومٍ هانئٍ
**
أمّي أعيدي قصةَ العصفورِ من حيثِ اغتدى
ماذا فعلْ ؟
هلّ عاد للفرخِ الحزينْ ؟
في وكنهِ
ماذا أعدَّ لهُ غذا !
**
والأمُّ في سردٍ وهدهدةٍ غفتْ عينُ الصبي
صدحَ الصباحُ فأشرقتْ شمسُ النشاطِ على الجفونْ
وتنفستْ نظراتهُ تروى العيونْ
أينَ الفطورُ وأين أمَّي يا ترى
أمِّي وأمِّي .. أينَ أمِّي يا أبي ؟
أترى على شطِّ الغديرْ !
قلّي أبي
قلّي رجوتكَ يا أبي
أبتي أجبْ
من هؤلاء النّاسِ قلّي مالهم ؟
ولما أتوا في باكرِ اليومِ الجميلْ !
ماذا جرى ؟
وأبوهُ يبسمُ والفؤادُ ممزّقٌ
ماذا يقولُ ! وموتهُ فيما يقولْ
هي لحظةٌ حتَّى أتوا بالنعشِ يسبقُهُ النواحْ
فاهتزَّ قلبُ الطفلِ وارتجفتْ يداهْ
وبكى أبوهُ من الألمْ
فتروَّعَ الطفلُ البريءُ لما جرى
ماذا ؟ أتبكي يا أبي !
صمتٌ على نوحٍ يروِّع رهفهُ
ترك الجميع وراح يبعث أمّهُ
ويناديَ الأشجارَ والوديانُ ترجعُ بالصدى
لحق الأبُ المبتورُ بالطفلِ البريء وضمّهُ
والطفلُ يسألُ أين أمّي
قال قدْ ذهبتْ إلى بلدٍ بعيدِ
ولنْ تعودَ وسوفَ نلحقها إلى تلك البلدْ
والطفلُ ما فهمَ الكلامْ
أخذَ الأبُ المهمومُ يرعى طفلهُ
ينسيهِ أمَّهُ كلّما حنَّ الصبي
مرَّ الزمانُ وبالأمورِ تغيّرتْ أحداثهُ
وازدادَ فهمُ الطفلِ حتّى حانَ أن يدري بما تخُفي القبورِ
وذاتَ يومٍ راقبَ الشفقَ المغرِّبَ بالأسى
فتذكّرَ الماضي وأيّام الصِّبا
فرنا إلى الوادي وأطرقَ في شجنْ
وأنهالَ دمعُ العينِ يغسلُ روحها بعدَ الزمنْ
وكأنَّهُ لرجوعِها يرجو الكفنْ
في حينها
ناحَ اشتياقاً قالَ في صوتٍ مهينْ
***
يا نجمةُ الأفلاكِ قد كنّا سوى
في حضنِ أمِّي ألفُ حبٍّ والهوى
بعدَ الفِراقِ وموتِ أمِّي والنوى
كنتُ الذي من بينكم نجمٌ هوى
***
نجمٌ هوى
نجمٌ هوى
**
*