تذاءب الحظ لما اسْتثعلَ الوطرُ
واستأسد السير لمَّا استنمرَ الأثرُ
والريح عرف ضباع جيألٍ نشرتْ
وللسراب مسيرٌ عاسلٌ عسِرُ
تشوي الرمال طريّ المشي جاد بهِ
سبتٌ على السبت في أسيافه قدرُ *
وكم تثاءب وقت كان يصحبني
وراح يغفو على أكتافيَ السَّمَرُ
لَبستُ لليأس جِلْدَ النمر من حذرٍ
وقد تقلَّدَ عزمي الشَّمسُ والقَمَرُ
سألتُ نبتَ الغضا عن قَيْظِ مُنَعَرجٍ
فأخبرتني بناتُ الدَّحْلِ لِمْ صَبروا؟ **
تصحَّرت في عيون السِّدْر أغنيةٌ
وقد تخلَّفَ عن مِيْعادِهِ المَطَرُ
دهناءُ زَيفٍ بدت تغتال راحلةً
أمَّا النُّفودُ فلا ظلٌّ ولا وزَرُ
كلُّ الشخوصِ التي مرَّت بقافلتي
ما بَشَّرتْ باقترابِ النِّيْلِ إذْ صَدروا
تيمَّم القلبُ، جفّ السيل عن عطشٍ
وراح يتْلُو الذي قد كان يَدَّكِرُ
تحلَّلتْ مِن طويل ِالسَّير أقنعةٌ
وبانَ من تحتها ما كان يَسْتتِرُ
دَلَّتْ على الذَّاتِ ما أبدوا على سَفَرٍ
كمَا يَدلُّ على أشجاره الثَّمَرُ
....................
* سبت: الرجل القوي الشاب، والجواد من الخيل.
** الدحل: الجمع دحول ، سراديب تحت الأرض في الصحراء بها ماء يعرفها أهل البادية.