لا يُنزَع المِراءُ إلا من نفوسٍ زكيَّةٍ انتُزِعَ منها الغِلّ، ووجود الغِلِّ في النفوس هو مِراءُ الباطن، وإذا انتُزِع المِراء من الباطن ذهَب من الظاهر أيضا، وقد يكون الغِلُّ في النفس مع من يُشاكلها ويُماثلها؛ لوجود المنافسَة.
ومن استقصَى في تذويب النفس بنار الزَّهادة في حُظوظها انمَحى الغلُّ من باطنه، ولا تبقَى عنده منافسة دنيوية في حظوظٍ عاجلةٍ فانية.
وقد امتنَّ الله على أهل الجنة، فوصَفهم بقوله" ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين".
وجاء في الأثر: يدخلُ أهلُ الجنةِ الجنةَ على ما في صدورهم في الدنيا من الشحناء والضغائن، حتى إذا توافَوا وتقابَلوا نَزَعَ اللهُ ما في صدورهم في الدنيا من غلٍّ، وذلك من أعظم النِعم؛ لأنه بانقطاع التحاسُد وزوال التنافُس تنحسِم مادّة الشَّرّ.
- شيخ الإسلام أبو حفص السُّهْرَوَرْديّ(*)، بتصرف
__________________________
.....
(*)هو الشيخ الإمام العالم القدوة الزاهد العارف المحدث شيخ الإسلام أوحد الصوفية شهاب الدين أبو حفص وأبو عبد الله عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله - وهو عمويه - بن سعد بن حسين بن القاسم بن النضر بن القاسم بن محمد بن عبد الله ابن فقيه المدينة وابن فقيهها عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق القرشي التيمي البكري السهروردي الصوفي ثم البغدادي .
ولد في رجب سنة تسع وثلاثين وخمسمائة وقدم من سهرورد وهو شاب أمرد ، فصحب عمه الشيخ أبا النجيب ولازمه وأخذ عنه الفقه والوعظ والتصوف ، وصحب قليلا الشيخ عبد القادر ، وبالبصرة الشيخ أبا محمد بن عبد . وسمع من هبة الله بن أحمد الشبلي ، وهو أعلى شيخ له ، وأبي الفتح بن البطي ، وخزيفة بن الهاطرا ، وأبي الفتوح الطائي ، وأبي زرعة المقدسي ، ومعمر بن الفاخر ، وأحمد بن المقرب ، ويحيى بن ثابت ، وطائفة له عنهم جزء سمعناه .