قصيدة ابو العتاهية
الدهر ذو دول والموت ذو علل
والمرء ذو امل والناس اشباه
ولم تزل عبر فيهن معتبر
يجري بها قدر والله اجراه
يبكي ويضحك ذو نفس مصرفة
والله اضحكه والله ابكاه
والمبتلي فهو المهجور جانبه
والناس حيث يكون المال والجاه
والخلق من خلق ربي قد يدبره
كل فمستعبد والله مولاه
طوبى لعبد لمولاه انابته
قد فاز عبد منيب القلب اواه
يا بائع الدين بالدنيا وباطلها
ترضى بدينك شيئا ليس يسواه
حتى متى انت في لهو وفي لعب
والموت نحوك يهوي فاغرا فاه
ما كل ما يتمنى المرء يدركه
رب امرىء حتفه فيما تمناه
ان المنى لغرور ضلة وهوى
لعل حتف امرىء في الشي يهواه
تغترللجهل بالدنيا وزخرفها
ان الشقي لمن غرته دنياه
كان حيا وقد طالت سلامته
قد صار في سكرات الموت تغشاه
والناس في رقدة عما يراد بهم
وللحوادث تحريك وانباه
انصف هديت اذا ما كنت منتصفا
لا ترض للناس شيئا لست ترضاه
يا رب يوما اتت بشراه مقبلة
ثم استحالت بصوت النعي بشراه
لا تحقرن من المعروف اصغره
احسن فعاقبة الاحسان حسناه
وكل امر له لا بد عاقبة
وخير امرك ما احمدت عقباه
تلهو وللموت ممسانا ومصبحنا
من لم يصبحه وجه الموت مساه
كم من فتى قد دنت للموت رحلته
وخير زاد الفتى للموت تقواه
ما اقرب الموت في الدنيا وافضعه
وما امر جنى الدنيا واحلاه
كم نافس المرء في شيء وكايد
فيه الناس ثم مضى عنه وخلاه
بينا الشفيق على الف يسر به
اذا صار اغمضه يوما وسجاه
يبكي عليه قليلا ثم يخرجه
فيمكن الارض منه ثم ينسا
وكل ذي اجل يوما سيبلغه
وكل ذي عمل يوما سيلقاه
----