اللص المخدوع
قال الفيلسوف أن سارقاً علا ظهر بيت رجلٍ من الأغنياء، وكان معه جماعةٌ من أصحابه،
فاستيقظ صاحب المنزل من حركة أقدامهم، فعرف امرأته ذلك؛ فقال لها:
رويداً إني لأحسب اللصوص علوا البيت، فأيقظيني بصوت يسمعه اللصوص وقولي
ألا تخبرني أيها الرجل عن أموالك هذه الكثيرة وكنوزك العظيمة?
فإذا نهيتك عن هذا السؤال فألحي علي بالسؤال. ففعلت المرأة ذلك وسألته كما أمرها؛
وأنصتت اللصوص إلى سماع قولهما. فقال لها الرجل: أيتها المرأة، قد ساقك القدر إلى رزقٍ واسعٍ كثيرٍ:
فكلي واسكتي، ولا تسألي عن أمرٍ إن أخبرتك به لم آمن من أن يسمعه أحدٌ، فيكون في ذلك ما أكره وتكرهين.
فقالت المرأة: أخبرني أيها الرجل، فلعمري ما بقربنا أحدٌ يسمع كلامنا.
فقال لها: فإني أخبرك أني لم أجمع هذه الأموال إلا من السرقة.
قالت: وكيف كان ذلك? وما كنت تصنع?
قال: ذلك لعلمٍ أصبته في السرقة، وكان الأمر علي يسيراً، وأنا آمن من أن يتهمني أحدٌ أو يرتاب في.
قالت: فاذكر لي ذلك، قال: كنت أذهب في الليلة المقمرة، أنا وأصحابي، حتى أعلو داربعض الأغنياء مثلنا؛
فأنتهي إلى الكوة التي يدخل منها الضوء فأرقي بهذه الرقية وهي شولم شولم سبع مرات،
وأعتنق الضوء؛ فلا يحس بوقوعي أحدٌ، فلا أدع مالاً ولا متاعاً إلا أخذته. ثم أرقي بتلك الرقية سبع مراتٍ.
وأعتنق الضوء فيجذبني؛ فأصعد إلى أصحابي، فنمضي سالمين آمنين.
فلما سمع اللصوص ذلك قالوا: قد ظفرنا الليلة بما نريد من المال؛ ثم إنهم أطالوا المكث حتى ظنوا
أن صاحب الدار وزوجته قد هجعا؛ فقام قائدهم إلى مدخل الضوء؛ وقال: شولم شولم سبع مراتٍ؛
ثم اعتنق الضوء لينزل إلى أرض المنزل، فوقع على أم رأسه منكساً. فوثب إليه الرجل بهراوته،
وقال له: من أنت? قال: أنا المصدق المخدوع المغتر يما لا يكون أبداً؛
وهذه ثمرة رقيتك. فلما تحرزت من تصديق ما لا يكون، ولم آمن إن صدقته أن يوقعني في مهلكةٍ
عدت إلى طلب الأديان والتماس العدل منها؛
( وتاب توبة نصوحة .....)