ذلك الشوق المترامي ..
هو بحر لجي
يعلوه موج من فوقه موج ..ومن دونهما عذاب،
تَطّرِدُ أمواجه مصطخبةً تحت وقْعِ ريحٍ صَرْصَرٍ عاتية
هوجاء تهب على النفس من جهات الروح الأربع،
فتلسع مكامن الشوق منها،
وتوقد تحت شغاف القلب جمر التنائي،
حسرة على فوت التلاقي ...
ورجاء في نفحة قرب..
ولات حين تلاق
هي إذن هِزةٌ ورجفة ..
تأخر أثر وقعها عن ميقات الحدوث
فكأن هذا الصبّ المتدلّهُ الوالِهُ يريد ادراك الفوت بعد نفاد الوقت !
كمن يريد إحراز هدف الفوز بعد زمن انتهاء المبارة ..
وليس ثمة لَعِب... ولا ملعب !
إنه بكاء متهدج فاته القطار الوحيد على رصيف العمر ,
فدخل في نوبة حسرة ليس كمثلها نوبة..
على أطرافها يُقعِى مرارا ويمْثُل..
فهل علمت بأحد أصابته تلك العوادي ثم استفاق منها ؟
وأنّى له وَصْلُ وَحشَة الفُرقَة بأُنْس اللِّقَاء بعد أن لا أرض لديه ولا سماء !
.....
ما كان أجدر بهذا الهمس ألا يجاوز أذن صاحبه ولكن..
لا بأس ..
ففي نشر عطر مُر الهوى ترياق لكل من ذاق وحُرم،
انه الفرات العذب الذي لا يتأتي لكل لاهثٍ صادٍ متداعٍ..
وانه المَعينُ المُمعِن، الذي يخاتل ملتاع الجوانح..
انه الشراب الذي لا يروي ..
بل منه يتضور الصادي عطشا، كلما نَهَل وأَعَلَّ
شراب مسحور ،
ما عداه لا يعد في جنسه أبدا وان تحيّز مكانه واستعار شكله..
ماعساه أن يفعل ذلك البائس
الذي انطرح على مدرج الحب طاويا ؟!
سيظل في تيه يغلف قلبه ويعرقل خطأه،
يتعثر بذاته ، ويتكفأ في أثوابه،
وقلبه في ذهول عن سائر أعضاء جسده،
فهو مُيَمِّم شطرَ محبوبته أبدا،
لا يكاد يفيق من سكرته بها ولذته،
حتى وإن استحال قَرْن وحشة النزاع بسرور الاجتماع
وإبدال جمر التنائي بَبَرد التلاقي ...
ومن عجب أني أحن إليهمو ..: فأسأل عنه من لقيتُ وهم معي
وتشتاقهم عيني وهم في سوادها .. ويطلبهم قلبي وهم بين أضلعي ...
وانها لصورة المحب التي تتربع خيالات محبوبته على عرش القلب
فتأمر وتنهى..
ولا يملك الصبُّ الدّنِف إلا الائتمار بالأمر والانتهاء مع النهي
فكم من مرة قد غزته العيون، وأهلكته الألحاظ ونال الوجد منه مابين السحر والنحر ...
وسرى ترياق الهوى في جسده رعشة بعد رعشة..
و و و..
ما زالت الألحاظ تغزو قلبه ... حتى تشحط في الهيام قتيلا
وإذا كان المجنون يفيق يوما : فما للواله من استفاقة ..
وإنه لهائم سائم في روض حبيبه
قالوا جننت بمن تهوى فقلت لهم .:. العشق أعظم مما بالمجانينِ
العشق ليس يُفيق الدهرَ صاحبُه .:. وإنما يُصرع المجنون في الحين
فـ أين المفر ولا مفر لعاشق ... ؟
فلك الوهاء ودونك الأشوق ..
انها الروح التي تآلفت مع إلفها، وشاكَلت ما يناظرها
وما الحب من حسن ولا من ملاحة ...
ولكنه شيء به الروح تَكْلَف
إنه الوجه الذي يختصر في صفحته كل الوجوه
وإنها العين التي تملأ روح المحب بريقا وألقا
فيتبعها راغما ولا يملك عنها خيار التولي..
من بريق الوجد فى عينيك اشعلت حنينى
وعلى دربك أنًىَ رحُتَ أرسلت عيونى
الرؤى حولى غامت بين شكي ويقينِي
والمنى ترقص فى قلبى على لحن شجونىِ
...
وللكؤوس مجالس وشراب