-~.*ما دون النجوم!!*·~-
قصة قصيرة
بقلم : كريمة منيفي
لا تشعر ليلى بأنها بحاجة للعمل أو الارتباط بأي مهنة، رغم ملاحقة الكثيرين لها بأن تعمل. لم تتركها صديقاتها كل جلسة إلا و لامنها على أنها لا تعمل. هذا غير إلحاح جاراتها و أهلها على نفس الموضوع. كل هذا لا يهمها فهي مقتنعة بأنها لا تحتاج للعمل خارج البيت.
زوجها يعمل، و راتبه يكفي كل متطلبات بيتهما الهادئ و أسرتهما الصغيرة؛ فلماذا الخروج للعمل؛ و البدء في دوامة لا تنتهي من العذابات اليومية؟!!
في هذه المملكة الصغيرة بدأت ليلى ممارسة كل مهارات الحياة التي تعلمتها. تشعر بقمة المتعة حينما تدير منزلها و تطبق المهارات الإدارية جميعها من إعداد الموازنة إلى التخطيط و التنظيم و إدارة الوقت و الضغوط و الرقابة و الاطلاع على ما هو جديد من خلال القراءة ولا تنسى كتابة تجاربها و آرائها. فاعتادت أن تمارس كل هذه الأعمال بمتعة كبيرة. حيث تنتظر زوجها كل يوم لتزيل عنه كل ما علق به من هموم العمل و ضغوط الحياة. تشاركه كل شيء : عواطفه .. أفكاره ..كتاباته .. همومه ..
لم يذكر لها زوجها يوما بأنه يريدها أن تعمل، و لم يفرض عليها ذلك، لكنه في إحدى الجلسات، و حينما كانت تقرأ له إحدى مقالاته التي كان ينوي نشرها في عموده الثابت في جريدة " الوعد" .. فاجأها بسؤاله :
لماذا لا تفكري في العمل يا ليلى ؟
- أي عمل يا فؤاد؟!
- أنا أراهن على انك تملكين أسلوبا رائعاً في التدريس، ستكونين معلمة رائعة، بل ستكونين مبدعة في أي عمل آخر.
ـ معقول؟
ـ بالطبع. لم لا تفكرين جدياً في هذا الموضوع، ألا تحلمين بأن تكون لكِ شخصيتك المستقلة و وضعك الإجتماعي..
تنظر إليه ليلى نظرة هادئة و ترتسم على وجهها ابتسامة ساحرة، تلقى بالمقال جانباً : أنا اخترت ما هو أسمى!!
لم تنس ليلى موقفها الصارم بأنها لن تتخلى عن طموحها يوماً. لن ترضى بما هو دون النجوم. لقد رسم لها أبوها طريقاً زاخرا بالنجاح و تفوقت في جميع مراحل الدراسة، ثم تميزت في كل شيء، وحينما تخرجت منذ أربع سنوات من كلية الآداب – قسم لغة إنجليزية ـ كان المجال مفتوحاً أمامها لتكون من ذوات المراكز المرموقة، و مازال المجال مفتوحاً أمامها حتى هذه الساعة إن قررت ذلك.
تقدمت ليلى نحو زوجها. احتضنت يديه و أخذته إلى النافذة، و همست: أترى تلك النجوم ؟
ـ نعم أراها و لكن ما علاقتها بموضوعنا يا ليلى ؟
ـ ألا تفهم؟
ـ أرجوك لا تسرحي بي بعيدا؛ فأنا أناقشك في موضوع ليس له علاقة بالنجوم !
ـ كيف ليس له علاقة بالنجوم ؟ كل هذه النجوم تمنعني من أن أعمل ..!!
- كيف؟
- لأنني لا أرغب بما دون النجوم !
قالتها بمرح، و ضحكت ضحكة هادئة فاضت في الحجرة ولونتها بالسعادة: لقد قررت و أخترت باقتناع أن أكون ملكة في مملكتي هنا. أرعى زوجي و أطفالي و أدير أمور مملكتي، و أمارس هواياتي. ليس لدي وقت للعمل خارج مملكتي..!! لكن ربما يتغير الأمر يوماً.
نظر إلى السماء البعيدة ولمح بريق النجوم إن كانت تصله رغم أنها بعيدة وتملأ قلبه بالسعادة الغامرة
.