إعاشة
أقصوصة بقلم : نزار ب. الزين*
*
إثر إحدى الهجمات الشرسة لمغتصبي الأرض من بني صهيون ، فقدت أم خليل الزوج و الأخ كما فقدت البيت و الأرض ، و لكنها تمكنت بعد رحلة شاقة من النجاة مع ولديها خليل و عائشة ، و الإنضمام إلى قافلة اللاجئين في عاصمة إحدى بلدان بني يعرب ..
و على العكس من قريناتها إستطاعت تحويل فجيعتها و فجيعة شعبها إلى طرائف ساخرة ، فأخذت تروي مواقف ضاحكة حصلت أثناء الحصار ، و خلال رحلة الفرار ، و ظروف اللجوء ؛ بشكل لوذعي يضحك من يسمعها و هو يبكي ، كما اشتهرت بتدبير المقالب الطريفة ..
و ذات يوم و بينما كانت تتمشى في السوق الكبير متجهة إلى عملها كخادمة غير مقيمة ( لفّاية ) في أحد بيوت الأغنياء ، لمحت إحدى معارفها ، فأخبرتها و قد عقدت حاجبيها علامة الجدِّية : << الدوليون* سيوزعون عصر اليوم إعاشة* ، ألا تدرين ؟ >> ثم أكملت طريقها و هي تضحك في سرها ...
و في طريق عودتها عصر ذلك اليوم إلى حيث تقيم ، شاهدت أعدادا كبيرة من إخوانها اللاجئين في طريقهم نحو مركز المدينة و كل منهم يحمل ما لديه من أكياس فارغة ، سألت أحدهم فأجابها : << الدوليون يوزعون إعاشة ، ألا تدرين ؟ >> ثم أكدت لها سيدة أخرى الخبر ثم ثالثة ثم رابعة ..
هُرعت أم خليل إلى مسجد الحارة القديمة حيث أسكنوها و ولديها و آخرين ، و رغم تعبها الشديد ، حملت ما إدخرته من أكياس فارغة ، ثم أسرعت الخطى نحو مكتب الدوليين* ..
--------------------
**نزار بهاء الدين الزين
مغترب يعيش في الولايات المتحدة من أصل سوري
البريد : nizarzain@adelphia.net
الموقع : www.FreeArabi.com
--------------------------
*الإعاشة : حصص من المواد الغذائية*الجافة و المعلبة توزعها الأمم المتحدة- من حين لآخر - على اللاجئين .
*الدوليون : موظفو وكالة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة .