|
باللهِ يا طَيرَ الحمامِ الزَّاجِلِ |
هَلّا نَزَلتَ على غَريبِ المنزِلِ |
هلّا قرأتَ عَليه سورَةَ يوسًُفٍ |
فَيَزولُ همٌّ إعتَراهُ ويَنجَلي |
نزلَ السُّوَيدَ من البلادِ وإنَّما |
نزَلَ السُّوَيدَ من الفؤادِ المُثقَل |
يَرنو إلى دارٍ تَبَدَّلَ عهدُها |
عهدُ الصِّبا شرخُ الشَّبابِ الأوَّل |
هلّا وقفتَ على مشارفِ بيتِه |
تُنبيهِ عن بيتٍ بعيدِ الموئِلِ |
سَلِّم عليه إذا رآكَ وقل له |
حوقِل ورَجِّع ما استَطعتَ وهَلِّلِ |
عَدَتٍ اليَهودُ على عَجائِزِ أهلِكم |
عَدوَ الذّئابِ على الضِّعافِ العُزَّلِ |
سكَنت غَرابيبُ السَّوادِ بِدارِكم |
والبومُ يَسكُنُ كلَّ بيتٍ مُقفَل |
وتَعَفَّرَت دارُ الطُّفولةِ بعدَكم |
وتَصَدَّعت من كلِّ خَطبٍ أهوَلِ |
بلِّغه يا طيرَ الحمامِ رسالةً |
قالت حروفُ الحبِّ فيها ما يَلي |
الحمدُ للّه المؤلِّفِ بيننا |
ثم الصلاةُ على النَّبيِّ المُرسَل |
سُبحانُه أعطى العبادَ مَحبَّةً |
واللّه يُعطي العَبدَ ما لم يَسألٍ |
في الله حُبّاً خالِصاً بِجلالِه |
والحبُّ خيرُ عِبادَةِ المُتَبَتِّلِ |
نَرجو به يومَ التَّنادِ نَجاتَنا |
في ِظلِّ عَرشِ اللهِ خالِقِنا العَلي |
وسَرَت محبَّتنا ونورُ وِدادِنا |
في عَتمةِ العَصرِ البَهيمِ الأليلِ |
وَتَسَربَلَت بين الفؤادِ و تاجِه |
و تَسَرَّبَت ما بين عَظمِ المِفصَلِ |
أسكَنتُها بين الضُّلوعِ فأنبَتَت |
وتَشَرَّبت مُخَّ العِظامِ النُّحَّل |
وسألتُ ربّي حينَ عَمَّ بَلاؤُكم |
لُطفاً بمن في حُبِّ خِلٍّ قد بُلي |
وَتَلومُني فيما أبوحُ خَليلَتي |
فأُكِنُّ ما فَضَحَ اليَراعُ بِداخِلي |
أبصَرتُها خَلفَ الجِدارِ كَسيفةً |
في غيرَةٍ من أمرِنا وتَمَلمُلِ |
فغََضَضتُ طَرفي ما استَطَعتُ مُجانِباً |
مُتَغافِلاً عنها و إن لم أغفَلِ |
لا تَعذُليني قد عَلِمتِ حَقيقةً |
أني امرُؤٌ أدمَنتُ عَذلَ العُذّلِ |
في الشِّعرِ تَسرِيَةُ الهُمومِ عن الفَتى |
و به يَبوحُ المُبتَلى للمُبتَلي |
في الشَّعرِ تَسلِيَةُ المُحِبِّ عن الجَوى |
وبه يُفَصِّلُ في الكلامِ الفيصَلِ |
في الشِّعرِ إطفاءُ المُحِبِّ إذا اكتَوى |
تَحرِقهُ نيرانُ الهَوى فَيُبَلِّلِ |
لكِنّهم يَستَعذِبونَ حَسيسَها |
نارُ المَودَّةِ غيرَ نارِ المُصَطلي |
ألقِ عليه رِسالةً من صاحِبٍ |
لا تَلفِهِ عند المَواقِفِ يأتَلِ |
وانصِت ببابِ الدّارِ تَسمَع شَجوَه |
يَبكي بكاءَ الرّاهِبِ المُتَبَتِّلِ |
شاِطرهُ يا طيرِ الحمامِ نُواَحَهُ |
في دَمعِ خِلٍّ في المَصائِبِ مُسبِِلِ |
سُقياكَ يا شيخَ البلاغَةِ دَمعُنا |
إن شَحَّ عِندكَ في النَّوازِلِ يَنزِلِ |
زَمَنُ الشَّبيبَةِ نازِفٌ بِفُؤادِه |
ومَراتِعُ الأطفالِ حولَ الَجدوَلِ |
لَبَّيكَ يا حِبََّ القُلوبِ فإنني |
أحيا نَصيرَكَ بالدُّموعِ الهَُّطَّلِ |
فالقَلبُ خيرُ مُفَسِّرٍ والدَّمعُ خيرُ |
مُعَبِّرٍ والشِّعرُ خَيرُ مُأوِّلِ |
أعزِِز عَلَيُّ بأن أراكَ مُلَوَّعاً |
تَبكي بُكاءَ الصَّابِرِ المُتَجَمِّلِ |
في غُربَةٍ ألفَيتَ َطَعمَ مَذاقِها |
سُمّاً مَريراً ناقِعاً كالَحَنظَلِ |
جَمَّلتَها بالمُغرِياتِ نَعيمُها |
لكنّها قَبُحَت ولَمّا تَجمُلِ |
فَبِحَقِّ من ألقَى المَحَبَّةَ بينَنا |
وبِحَقِّها وبِحَقِّ كُلِّ مُبَجَّلِ |
لولا صِلاتٍ قد تَعَذَّرَ قَطعُها |
لَرَكِبتُ نَحوَكَ سَرجَ كُلِّ مُحَجَّلِ |
الأرضُ أقدَسُ ما شَرُفتَ بِحِفظِهِ |
فاسلُك إليها كُلَّ دَربٍ موصِلِ |
واللهُ أنبَتَنا نَباتاً مُزهِراً |
إن نحنُ فارَقنا ثَراها نَذبُلِ |
عُد يا غَريبُ ولا تُبارِح تُربَها |
في قََلبِ رَكبٍ أو خَميسٍ جَحفَلِ |
فالفَخرُ يَربِضُ فوقَ غَارِبِ سابِحٍ |
والعِزُّ يَجثُمُ في مَثارِ القَسطَلِ |
من يَحمِلُ الأثقالَ في أمَّاتِها |
إن لم يَكن جَبَلُ االمَحامِلِ يَحمِِلِ |
فانطَح بِرأسِكَ بأسَ كُلِّ خَطيرَةٍ |
لِيَكونَ أنطََحَ من قُرونِ الأيِّلِ |
لا تَحسَبَنَّ الأرضَ تَرجِعُ بالمُنى |
او بالتّعَلُّلِ في حِسابِ الجُمََّلِ |
ما أقبَحَ الإنسانَ في أخلاقِهِ |
إن رامَ حَمدَ النّاسِ ما لم يَفعلِ |
ستَشُمّ زَهرَ اللّوزِ في أرجائِها |
كالعِطرِ يَعبِقُ من زُهورِ قُرُنفُلِ |
والتِّينُ والزَّيتونُ في أكمامِهِ |
حَبَّاتُ مَاسٍ بالجُمانِ مُفَصَّلِ |
أوَ تَعدِلُ الأرضُ التي تَبكي بها |
من أرضِنا مِثقالُ حَبَّةِ خَردَلِ |
لو جِئتَها لِتَعودَها لَتَزَيَّنت |
ولأقبَلت بالحَلوَياتِ وبالحُلي |
لَملِم حَوائِجَكَ الدَّخِيلَةَ قافِلاً |
أسرِع إليها بالإيابِ وَعَجِّلِ |
ما أنتَ إلا من صَعِيدِ تُرابِها |
فاضمُم تُرابَكَ للتُّرابِ الأوَّلِ |
واربَأ بِعَظمِكَ أن يَقَرَّ بأمِّه |
من قبلِ أن يَبكي هُناكَ وقد بَلي |
من يَفقِدِ الأوطانَ فارقُم إسمَه |
في النّادِباتِ النّائِحاتِ الثُّكَّلِ |
وإذا أصِبتَ لَدى الزَّمانِ بِمَوطِنٍ |
فاعلَم بأنَّكَ قد أصِبتَ بمَقتَلِ |
إنَّ الدِّيارَ عَزيزَةٌ يا صاحِبي |
بيتُ القَصيدِ وَحَدُّ حَدِّ المِقصَلِ |
عُذراً إليكَ صُويحِبي لَيسَ المؤازِرُ |
من سَلا في الحُزنِ يُنصِفُ من سُلي |
فكأننا فيما تَخالَطَ بيننا |
روحانِ قد حَلّا بِذاتِ الهَيكَلِ |
وتَشابَهَت مِنّا المَشاعِرُ في الحَشا |
فاغرِف فُؤادي مٍِن فُؤادِكَ يَمتَلي |
ضوءانِ من مِشكاةِ دُرٍّ شَعشَعا |
فانسُل لِساني من لِسانِكَ يَنسُلِ |
يا رَايَتي فوقَ أشرِعَةِ الهَوى |
يا شَيخَنا في المُلتَقى والمَحفَلِ |
اتمَمتُها عَشراً قَصائِدَ بيننا |
هذي الخِتامُ خَتَمتَ أم لم تَفعَلِ |
مُتَشَوِّقُ مُتَشَوِّقٌ مُتَفاعِلن |
نَفَحاتُ بَحرٍ كامِلٍ ومُكَمَّلِ |
مَثَّلتُ فيهِ من الوِدادِ مَشاعِراً |
فَنَحَتتَّ فيهِ من الوِدادِ الأمثَلِ |
وَرَشَفتُ من نًُتَفِ البيانِ مَوَدَّةً |
وَغَرَفتَ من دُرَرِ البيانِ الاجمَلِ |
وَعَلَوتَ دأبَكَ في المواقِفِ كُلِّها |
تَمشي على دَرَجِ الكَمالِ وَتَعتَلي |
وتَظلُّ تَنفَرِجُ المساَحةُ بيننا |
حتى تُساجِلَنا بَعيداً من عَلِ |
حتّى خشينا أن نُقيمَ على المخ ثَّرى |
وتُقيمُ أنتَ على النُّجومِ الأفَّلِ |
فاكفُف رَعاكَ الله ما نَقوى على |
بُعدِ اليَراعِ الألمَعِيِّ الصَّيقَل |
سَنَظَلٌّ نَبنيها القوافي حُرَّةً |
لِتَمامِ مَجدٍ في البِلادِ مُؤِثََّلِ |