أحدث المشاركات

بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»»

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 11

الموضوع: التعلُّم ملح الدماغ

  1. #1
    الصورة الرمزية د. سعادة خليل قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : May 2005
    المشاركات : 50
    المواضيع : 19
    الردود : 50
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي التعلُّم ملح الدماغ

    التعلّم ملح الدماغ
    د. سعادة خليل

    إذا أريد للشباب أن يتسلحوا لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين فمن الحكمة أن نفهم جيدا ما جاءت به الأبحاث العلمية حول ماهية وطبيعة تعلم الإنسان قبل أن نذهب بعيدا في أية إصلاحات لأنظمة التعليم الحالية في بلداننا العربية.

    وهنا تحضرني مقاربة مفادها أننا جميعا نستخدم أدمغتنا في التفكير كما نستخدم معداتنا في تغذية أجسامنا معتقدين بأننا نفهم كلتا العمليتين جيدا وكأنها من المسلمات. ولكن مع الاكتشافات الجديدة والدراسات والأبحاث التي ساعدت على فهم أفضل لنظم التغذية خلال الثلاثين عاما المنصرمة، أصبحنا نختار أطعمتنا وطرق تغذيتنا بصورة أفضل ولهذا صرنا نعيش أطول ونتمتع بحياة أفضل. وعند النظر إلى الدماغ نرى هذه المقاربة مفيدة حيث تتوفر الفرص لتطوير قدرات الدماغ لأننا في وضع أحسن لفهم وظائف الدماغ التي تتكيف مع التعلم.


    قدمت الدراسات والأبحاث في التسعينات من القرن السابق الدلائل الكثيرة المستقاة من العلوم المعرفية وعلوم الأحياء والأعصاب وعلم النفس التطوري وحتي من علم الآثار والعلوم الإنسانية الأخرى التي ترينا بالتفصيل كيف يتعلم الإنسان. ولهذا نستطيع الآن أن نفهم لماذا أنّ التعلم هو عملية أكبر بكثير من كونها مجرد الوجه الآخر من ثنائية التعلم والتعليم. والكثير من هذه الدلائل تؤكد ما يفكر فيه الناس والإلمام به بحدسهم وحواسهم. إن التعلم في الواقع يعني أكثر من المدرسة وما يدور فيها. ولا غرو أن كثيرا من الشخصيات المعروفة والمشهورة وبعض المخترعين كانوا فاشلين في المدرسة بل وانسحب بعضهم من الدراسة الرسمية في وقت مبكر. وبالعكس أيضا الكثير من الذين نجحوا في دراستهم الرسمية ونالوا الشهادات العليا ولكنهم ذابوا في مجتمعاتهم واختفوا ولم يكن لهم أي تأثير يذكر. فلماذا؟

    ليس ذلك مفاجئا فالعديد من الدراسات الطويلة المدى أشارت إلى أن أهم العوامل التي تؤثر على نجاح الفرد في المستقبل هي:
    1. كمية ونوعية النقاش وتبادل الأحاديث وإثارة المواضيع مع الأطفال في البيت قبل مراحل المدرسة الأولى.
    2. كمية القراءة المستقلة بالاعتماد على النفس التي يقوم بها الطفل بغض النظر عن الموضوعات التي يختارها في قراءته.
    3. وضوح نظام القيم الأخلاقية في العائلة على كلا المستويين: الفهم والممارسة.
    4. التأثير الإيجابي القوي على الطفل من قبل أصدقائه.
    5. تأثير السنوات الأولى في المرحلة الابتدائية على الطفل.

    من هنا نستنتج أن المدرسة وما يدور فيها من تعليم رسمي إنما هو فقط لإذكاء شعلة التفكير وغرس حب الاستطلاع والاكتشاف عند الأطفال.

    لعل تعلم الأطفال من أهم المهارات الطبيعية والإنسانية الموروثة. إن الإنسان مطبوع على حب التعلم بالفطرة. إنها غريزة فطرية لدى الإنسان تجعلنا نفهم لماذا كان الإنسان متميزا عن بقية سائر المخلوقات. وبفضل تقنيات دراسة وظائف الدماغ يستطيع الدارسون والباحثون الآن أن يرقبوا كيف يتم التعليم في الدماغ ويشاهدوا نشاطاته أثناء التعلم من خلال عرضها على شاشة الكمبيوتر.

    ولوضوح وظائف الدماغ غير المسبوق التي تم كشفها باستخدام التقنيات الخاصة بالدماغ قام العلماء بمراجعة العديد من النظريات والافتراضات القديمة المتعلقة بتعلم الأفراد وذكائهم. وهذه المراجعة أضعفت أو دحضت الكثير من مقولات علماء السلوك Behaviorists حول الدماغ على أنه مجرد صفحة بيضاء تنتظر من يكتب عليها المعلومات. يلاحظ الآن أن الدماغ مرن وفريد يكيف نفسه وهو دائم التغير وينمو باستمرار ويشكل نفسه استجابة للتحديات. وإذا قل استخدامه قل تطوره ونموه شأنه شأن سائر أعضاء الجسم. إن كمية الدلائل والمعلومات المتوفرة بين أيدينا حول التعلم وتطور الدماغ ولدت حركة جديدة باتجاه الممارسة التربوية التعليمية التي تؤكد على مهارات التفكير وعلى عناصر الذكاء القابلة للتعلم.

    في سنة 1995 لاحظ الدارسون في معهد سانتا في Santa Fe المشهور في مجموعة من المقالات تحت عنوان (العقل، الدماغ وأنظمة التكيف المركبة)، عدم التناسق والتوافق بين نظرية التعليم الصاعدة وبين الممارسات المهيمنة. إن الطريقة التي يوظفها الأفراد في اكتساب المعرفة ليست مدعومة أو ليس لها سند في ممارسات غرفة الصف التقليدية. إن العقل الإنساني مجهز تجهيزا جيدا لجمع المعلومات عن العالم المحيط به. فهو يقوم بذلك بنفسه من داخله ولا يتم ذلك بالقراءة عن الدماغ أو بالاستماع إلى محاضرات عنه أو بدراسة نماذج نظرية مجردة عنه. فهذه المفاهيم الجديدة يجب أن تشكل الخطط الخمسية والعشرية للحكومات كي تضع في حسبانها دور المدرسة والمدرس وتصب اهتمامها الكبير على تعليم الصغار.

    إن كل محاولات إصلاح النظم التعليمية في بلادنا سواء ما يتعلق بالمناهج أو الأهداف أو طرق التدريس لم تخرج عن النموذج الثلاثي التقليدي المعروف: الطالب\المعلم\المدرسة. بينما نحن نحتاج الآن إلى الخروج بتفكيرنا من هذا الصندوق المغلق –إن صح التعبير. وهذا يبدأ بالتركيز على قدرة الدماغ على التعلم وقدرة الإنسان المستمرة على التأثير فيماحوله وهنا فقط ننطلق إلى التفكير في تطوير وتنشئة بيئة تعلم وتعليم صالحة وملائمة.

    لقد اختصر الإنسان التجارب التي مرت عليه في دماغه. فكل واحد فينا يحمل كل التجارب المسبقة والمهمة لاستمرار الحياة التي انتقلت إليه من الأجيال السابقة. لقد أظهر عالم الأعصاب المعروف غازانيغا(1999) Gazzaniga أن الحياة بمعظمها تدور حول ما تم اكتشافه وما تأسس في أدمغتنا. وأن جميع الوسائل والطرق التي تحاول بواسطتها المجتمعات الإنسانية تغيير العقول وتغيير ماهية تفاعل الأفراد مع البيئة ستؤول إلى الفشل. وبالفعل نشعر بالفشل عندما نقدم النصح للأفراد وننجح عندما نسمح للفرد أن يكتشف بنفسه ما منحتنا إياه التجارب من التطور العقلي والجسمي.

    إن التطور والإرتقاء، كما نفهمه الآن، زود الإنسان بآليات التدبير والتنظيم المتعددة والقوية التي تذهب بعيدا في شرح قدراتنا على تعلم اللغة، والتعاون في مجموعات، والتفكير في االمسائل وحلولها، والتخطيط للمستقبل، وكيفية التعاطف مع الآخرين. إن التجارب المسبقة تمنح الأفراد سلسلة متكاملة من المهارات التي تساعد على الاتصال والتفاعل المرن مع البيئة. وكان لهذه المهارات أن تتطور بالتعاون لأن الفرد ، في معظم حقب التاريخ الإنساني، يميل إلى العيش نسبيا في مجموعات صغيرة. وبما أن القليل من الناس من يمتلك مثل هذه الصفات فإن تطور المهارات والميول كان بطيئا جدا.

    وبإعلان الاكتشافات المتعلقة بالدماغ في إطارها التطوري يستطيع الباحثون أن يروا كيف أن تأثير ملايين السنين من التطور ضمن جيل واحد تختلط وتذوب في أولويات ثقافة واحدة بعينها. كما قيل سابقا أنك تستطيع أن تخرج الإنسان من العصر الحجري ولكنك لا تستطيع أن تخرج العصر الحجري من الإنسان. لقد استقوى الإنسان بمنظومة من التجارب المطورة التي تساعده على تكييف أنواع مختلفة من الظروف والأحوال بصورة كبيرة ولكنها هي التجارب نفسها التي تسكننا في نهاية المطاف.

    وعلينا أن نكون حذرين من استخدام بيئات التعلم التي تأخذ بنوازع وميول الميتافيزيقية (ما وراء الطبيعة) ومثل هذا العمل يجب أن يأخذ بجزئيات الدماغ.

    هوارد قاردنر Howard Gardner يظهر ذلك عبر نظريته الذكاء المتعدد الأنواع. فنحن نمتلك استراتيجيات حياتية متعددة من ضمنها القدرة على النظر إلى أي موقف من نواحي مختلفة. يربط ذلك بالفهم الجديد لنمو الأبنية العصبية للدماغ حيث نبدأ بفهم الأشكال المختلفة من الذكاء التي تعيننا على فهم بيئاتنا بطرق مختلفة جدا. وهذه الطرق حتمية لحياة فصيلة الإنسان وتزودنا بنظرة فاحصة لأصول الإبداع. فالتوازن بين الإنفعال والمنطق، ودور الحدس، والعلاقة بين الحافز المعنوي والمادي كلها جزء من نظام تكيفي معقد يصف قدرة الدماغ على التعامل مع مختلف المواقف في الحياة اليومية.

    إن أزمة التعليم (المدرسة) حاليا تتعلق جزئيا بانهيار النظام الصناعي الأوروبي القديم حيث كانت الحاجة إلى المهارات الأساسية فقط التي لا تتطلب استخداما كبيرا للدماغ. فسرعان ما تم إحلال الحوافز المادية مكان الحوافز المعنوية. وأما الآن أصبح تمييز العمل الناجح ومكافأته يتطلب أكثر من الاعتماد على المهارات الأساسية فقط.

    أصبحت الأشياء الآن مختلفة. لقد أجبرت الشركات على التفكير بطريقة مختلفة. وهذا يعني تبني ثقافة تشجع على اليقظة والاستجابة والمرونة وتسريع دورة الوقت في العمليات والقرارات. وبعد إعادة التقييم والترتيب وإعادة الهيكلة والتنافس تطلب الآن إعادة اكتشاف الموظفين والمعرفة التي يملكونها. فأبنية وهياكل الشركات الهرمية والطبقية تتشكل الآن وتعود إلى تنظيمات أقل طبقية وعمودية- أقل بيروقراطية، عمل الفريق وتوزيع أكبر للمسؤولية وللمعلومات واتخاذ القرارات. وباختصار، أصبحت الحاجة ملحة إلى أناس قادرين على حل المشاكل مبدعين ومرنين ومسؤولين شخصيا عن صحتهم وأمنهم وحياتهم وحياة عائلاتهم.

    تشير دراسات علوم التطور والارتقاء إلى أن هذه المهارات التعاونية العليا كلها فطرية بدرجة كبيرة. وهكذا بتحفيز بسيط فقط في سن مبكرة تتطور بسرعة. وبالرغم من مرور أكثر من عشرة أجيال على هذه المتطلبات التي فرضت مهاراتنا أوعلى المورثات الجينية إلا أنها لم تتغير قيد أنملة. ما يزال الأطفال يولدون بمنظومات تراتبية متأخرة كما كانت تسلحهم لخوض غمار العالم. وفي جزء كبير من القرن العشرين تأصل التعليم الرسمي لتزويد مثيرات وحوافز ملائمة لمواقف حياتية واقعية ولكن لم يحالفها النجاح إلا في القليل.

    ولهؤلاء الذين كان بإمكانهم النجاح بالمجرد، هناك كذلك العديد من الذين كان التعليم بالنسبة لهم مصيبة أو فشل ذريع لأن نزعتهم إلى الناحية العملية أكبر. إن المجتمع الصناعي ليس فيه مكان لأطفال في عالم شؤون الكبار. كان ينظر للأطفال على انهم عقبة في الطريق. وفي الوالقع قللنا من شأن الطفولة والمراهقة بإنكار الفرصة عليهم لأن يتعلموا من تجاربهم الخاصة وأن يهضموا المعلومات التي منحها الآخرون لهم.

    وهكذا فنظرية التعليم التي ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين كانت النظرية السلوكية بصورة عامة – يحتاج الأفراد إلى حوافز تشجيعية ليقوموا بالعمل. كانت الأدمغة عبارة عن ورقة بيضاء تنتظر التعليمات. وكان يعتقد أن الذكاء فطري وموروث بصورة تامة.

    وعندما طلب من الجامعات تقديم النصح بشأن المناهج تقدموا بنموذج تعلمي اختصاري (اختزالي وتجزيئي). وبالنسبة لعلماء التربية والتعليم الأوائل كانت دراسة التعلم شأنا أكاديميا بحتا. قاسوا ما يحدث في غرفة الصف عندما يؤدي الأفراد واجبات مجردة (نظرية) ولكنهم لم يخططوا لدراسة قدرة المتدرب على رأس العمل.

    وهكذا كانت التوافقية في أواخر القرن التاسع عشر بين الفهم العلمي في ذلك الوقت وحاجات الصناعة والرغبة في تعليم الأطفال المهارات الأساسية لزيادة الإنتاج ورفع معايير الحياة بدرجة كبيرة. ولكن هذا حصل بكلفة عالية. أصيب العديد من الأطفال بالإحباط لعدم استغلال ما اكتسبوه من مخططات خلال تعلمهم الروتيني اليومي. واستبدلت التحديات اليومية لفهم البيئة بالتلقين فماذا يفعلون وكيف يفعلونه.

    تقف المجتمعات الآن من تاريخ الإنسان على مفترق تطوري. فهل سنكون قادرين على الاستفادة من هذه التفاهمات ونعكس النظام التعليمي المقلوب؟

    وكل ما نعرفه عن تطور الذكاء يقترح بأنه تحت سن السابعة أو الثامنة وبصورة خاصة تحت سن الثالثة يعتمد كليا على التشجيع والمثيرات الخارجية لتطور الدماغ بطرق تتطور المهارات الأساسية فيها. وإذا لم يصار إلى إثارة وتحفيز هذه المهارات في مرحلة مبكرة فتعلمها لاحقا سيكون صعبا. فبمصطلحات أواخر القرن العشرين ، المهارات الوظيفية للقراءة والكتابة والحساب تقع أيضا في حساب المهارات الأساسية. وفي مرحلة مبكرة من الحياة، فكل صغير وكل طفل يحتاج إلى مطالب كبيرة يوفرها الكبار إذا أريد له أن يتقن المهارات الأساسية. بينما ربما كان الكبار غير متأكدين من أدوارهم كآباء وأمهات فالبنسبة للطفل الأبوة الجيدة أساسية كلية إذا أريد لقدراتهم العقلية ومهاراتهم الاجتماعية أن تتطور.

    إن الميل الطبيعي للصغار عندما يتقدمون إلى مرحلة البلوغ هو الابتعاد والاستقلالية عن الكبار. يريدون أن يسيطروا على أفعالهم ليس لأنهم يريدون ذلك لعدم تفكيرهم السليم ولكن بسبب التغيرات الهرمونية في داخلهم تضغط عليهم لأن يظهروا الآن أنهم قادرون على استخدام ما تعلموه في مرحلة مبكرة ليصبحوا كاملي الأهلية ومستقلين تماما. وإذا لم يكن لديهم المهارات الأساسية التي سبق ذكرها عندئذ هم مراهقون غير معدين إعدادا كافيا ليتعاملوا مع التغيرات الفسيولوجية المراهقة وينتهون بمشاكل عقلية واجتماعية وعاطفية.

    فلنأخذ الآن النموذج التعليمي الحالي. في المدارس الابتدائية في العديد من البلدان العربية تجد العدد الأكبر من الطلاب في الصفوف الأولى. وهكذا عندما تكون استعداداتهم في أوج عطائها وخصبها يكون عدد الأطفال في الصف ما يقارب الثلاثين طالبا أو أكثر في الصف. وفي المراحل المتوسطة والثانوية يتناقص عدد الطلاب في الصف ليكون الصف أقل عددا. وهذا ما يتعارض مع رغبة المراهق في الاستقلالية عند بلوغ سن 14 أو 15. والعديد من المراهقين ولأسباب طبيعية تنغلق قدرتهم على الفهم في هذه المرحلة لأنه ببساطة لا تظهر حقيقة المقارنة للبيئة العاطفية التي يجربونها بعيدا عن المدرسة مع زملائهم.

    ولمعالجة هذا النموذج المقلوب للتعلم علينا أن نعود إلى الخط الرئيس لتطور الدماغ وهكذا نموذج تعلم يمكن أن يعتمد على مجموعة من الترتيبات التي تعكس –ما أمكن ذلك- العملية الإحيائية التي ترتبط بالفطام. تتطلب تطوير علم تربية يؤكد على اتقان الصغار لسلسلة من المهارات وأن قدرة الطفل المتواضعة والمتنامية أن تأخذ المسؤولية لتوجيه أعمالهم والتحقق من أنهم سيقومون بذلك طيلة حياتهم.

    وفي مرحلة مبكرة –ما أمكن ذلك- يجب أن يهدف النظام إلى أن يعد الطفل العامل. لا يكفي لهم بأن يكونوا متلقين. وبينما هم يكبرون يجب دمج تعلمهم بحياة المجتمع المحيط بمهمات ومسؤوليات حقيقية تناسب أعمارهم.

    يجب أن توفر الروضة مثلا صفوفا لأعمار الخمس سنوات تضم 10 إلى 12 طفلا فقط. وعلى المدارس أن تقدم برامج توحد الفهم بين المضمون والشكل بطرق ووسائل تجعل تفكير الأطفال هو الطاغي ويلمسونه بأنفسهم. وهذا ما يغيردور المعلم كثيرا الذي يأخذ بأساليب التعلم والتعليم الجيد التي يحتاجها الأطفال فعلا.



    وبينما يظل المعلم الجيد أساسيا، من الواضح أن التعلم الناجح يتطلب أكثر كثيرا من مجرد أسلوب المعلم والمحاضرة والطبشورة. وكسياسة عامة، الاستثمار في تقنيات التعلم والتعليم يجب أن يزداد مع تقدم الطفل.

    وإذا بدأ نظام التعليم الرسمي بصفوف لا تضم أكثر من 12 طالبا وإذا كانت المدارس تقوم بعملها جيدا وذلك بحصول الأطفال على الدعم المركز في السنوات الأولى عندئذ يكون من الأفضل لهم إذن ، قبل سن السادسة عشرة، أن ينتظموا بصفوفهم الرسمية. ويكرس جزء من وقتهم للعمل وحدهم ويعطون الفرصة لاستخدام مصادر التعلم المتنوعة في المدرسة كالمكتبة والمختبر. وأما الكثير من الإرشادات والتعليمات وغرف الدرس تجعل الشباب أكثر اعتمادا على معلميهم أكثر فأكثر.

    وما نزال نملك القدرة والإمكانية لبناء نماذج للتعلم تأخذ في عين الاعتبار تطور الدماغ بينما نجعل التواصل بين الكبار والصغار خارج المدرسة فاعلا وفعالا.

  2. #2
    الصورة الرمزية زاهية شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2004
    المشاركات : 10,345
    المواضيع : 575
    الردود : 10345
    المعدل اليومي : 1.42

    افتراضي


    أخ الفاضل د 0سعادة خليل
    أهلاً وسهلاً بك من جديد
    حقيقة هنا موضوع هام جداً قرأته ووقفت عند نقاط كثيرة مهمة فيه
    طول الموضوع قد يضيع على المتلقي فرصة قراءته كاملاً فيخسر مافيه من فائدة عظيمة تساعد على فهم الواقع التعلمي والتعليمي بشكل عام وفي بلادنا بشكل خاص
    وأنا أتجول في أفياء الموضوع كنت أتذكر مواقف كثيرة لصغار شهدت تفتحهم في هذه الحياة وكيفية اكتسابهم العلوم والمعارف وتفوق بعضحم وإخفاق البعض الآخر
    أعرف طفلاً لم يتم الثانية والنصف من العمر حفظ أسماء عواصم العالم التي لاأعرف أنا معظمها
    ربما كان عقل الصغير يردد مايتلقاه في هذه المرحلة المبكرة يردد كالببغاء ولكن عندما يكبر يظل متذكراً ماتعلمه في هذه المرحلة المتقدمة من السن
    أنا مثلاً أجد نفسي في كثير من الأحيان أعيد تذكر معلومة كنت قد أخذتها وأنا صغيرة ونسيتها في الكبر ولكنها تعود جلية واضحة الآن ربما كان ذلك بل هو بفعل الذاكرة التي تستعيد بالتداعي ماأغلقت عليه الأبواب
    ترى لو أننا طبقنا مانتعلمه في الحياة العملية بعد اكتسابه نظرياً هل نصل إلى ماوصل إليه الغرب أم لايسمح لنا بذلك واسوف نجد صخوراً وسدوداً تمنعنا من أن نكون كما العالم المتطور اليوم
    رحلة جميلة كانت مع نصك الرائع ولكم تمنيت لو أنه يلخص ويقدم بأسلوب سهل تتشربه عقول أضناها التعب عساها تستفيد منه

    شكراً د0خليل
    أختك
    بنت البحر
    حسبي اللهُ ونعم الوكيل

  3. #3
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    أخي الدكتور سعادة خليل حفظه الله ورعاه
    مرحباً بك بعد طول غياب
    وأشكرك شكراً جزيلاً على هذا الموضوع الرائع حقاً
    ولكن أضم صوتي إلى صوت الأخت زاهية في أن يكون الموضوع على أجزاء منعاً للإطالة وبالتالي حرصاً على الاستفادة من كل كلمة فيه ، فخسارة ألف خسارة أن لا يجد مثل هذا الموضوع المهم الاهتمام المناسب له
    دمت بألف خير
    وأرجو المزيد من هذه الدرر الثمينة
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  4. #4
    الصورة الرمزية محمد الدسوقي قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Feb 2004
    الدولة : doha
    المشاركات : 1,420
    المواضيع : 83
    الردود : 1420
    المعدل اليومي : 0.19

    افتراضي

    د. خليل سعادة

    مرحبا بك بعد طول غياب أشتقنا فيها لحرفك .

    والذي نفسي بيده وما عليّ لك من حلف ؛ لقد كنت بالأمس أفكر بك وأريد أن أكتب رسالة أسأل فيها عن الأخوة اللذين تغيبوا من فترة ....

    مررتُ من هنا على استعجال من أمري ؛ ولكن تلك الدراسة تريد مني القراءة الجيدة لكي أرد عليك ..


    كن بخير أيها الفاضل

    تقبل أجمل التحايا

    كل عام وأنتم بخير

  5. #5
    الصورة الرمزية د. سعادة خليل قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : May 2005
    المشاركات : 50
    المواضيع : 19
    الردود : 50
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي التعلم ملح الدماغ

    أعزائي الأخت زاهية والأخوين عطية ومحمد
    لا يسعني إلأ أن أتقدم بجزيل امتناني وشكري على اقتراحاتكم الإيجابية. ولكن المشكلة بالنسبة للموضوع لا يتجزأ. لقد حاولت ذلك ولكني لم أستطع لترابط الأفكار فيه.
    ودمتم ودامت أقلامكم
    سعادة

  6. #6
    الصورة الرمزية زاهية شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2004
    المشاركات : 10,345
    المواضيع : 575
    الردود : 10345
    المعدل اليومي : 1.42

    افتراضي


    جزاك الله الخير أخي الفاضل
    د0خليل
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    حقيقة لموضوعك أهمية كبيرة جداً ويجب أن يأخذ حقه من تفاعل الإخوة والأخوات هنا لأن فيه دروس يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار إن كان مستقبل الجيل التعليمي والتعلمي يهمنا
    كما أتمنى عليك أن تشارك بموضوعي في هذا الرابط لأهميته من جهة ولأهمية فكرك في إغناء البحث بالمفيد
    https://www.rabitat-alwaha.net/molta...9168#post89168
    أشكرك أخي الكريم د0خليل
    أختك
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    بنت البحر

  7. #7
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.84

    افتراضي

    أهم العوامل التي تؤثر على نجاح الفرد في المستقبل هي:
    1. كمية ونوعية النقاش وتبادل الأحاديث وإثارة المواضيع مع الأطفال في البيت قبل مراحل المدرسة الأولى.
    بل ابعد من هذا فان الناس في الغرب فطنوا الى اهمية السنين الثلاثة الاولى من حياة الانسان ودورها في تشكل شخصيته وتنمية مهاراته فيها فخصصوا لذلك الامر مراكز بحثية راقية
    وهاهم ينتجون للدنيا قادة مستقبل صغار وشعراء وفنانين واطباء
    اقول ينتجون واعني ان الغد صار عندهم صناعة وطريقة متبعة بفطنة عالية الدهاء


    . كمية القراءة المستقلة بالاعتماد على النفس التي يقوم بها الطفل بغض النظر عن الموضوعات التي يختارها في قراءته.

    وايضا" طرائق القراءة
    ومنها
    طريقة القراءة السريعة فمن المعلوم ان الانسان العادي يقرأ معدل ( 70 – 120 ) كلمة في الدقيقة واجريت تجارب تجعل الانسان يترك هذه الطريقة التقليدية
    فيتجه الى تنشيط الادراك والاستجابة بتعجيلها ليصل بمعدلات مدهشة تقارب ( 150 – 750 ) كلمة في الدقيقة
    وهذه الطريقة الفذة تجعل المخ الانساني يواكب التعجيل في طريق القراءة فيحفز صاحبه على الاستجابة والمعالجة المتسارعة فيظهر مانطلق عليه ... الاذكياء والعباقرة

    وهناك طريق ثانية للقراءة
    هي طريق القراءة بالتخيل وهي تفيد القارىء على توسيع مداركه واحاطة مايعتريه في قراءاته بافق اوسع ليتسنى له فيما بعد من ادمان شمولية النظرة والمعالجة


    قولك يا استاذي

    3. وضوح نظام القيم الأخلاقية في العائلة على كلا المستويين: الفهم والممارسة.
    يجعلني اقف قليلا" لادعو الاباء والمعلمين والمشايخ الى الكف عن التخم الوعضية التي طالما غردوا بها خارج سرب الواقع الذي نعيشه
    واستحث عنايتهم الى تسليط النظر على ... القدوة الفاعلة
    كأن نقترح رجل علم يعيش معنا وطالما اقترحت على اصدقائي اساتذة الجامعة في عراقنا ان يقصوا على طلبتهم قصة العالم المصري النبدع احمد زويل الحائز على نوبل وهو حي يرزق
    بل ودعوتهم الى نشر عنون موقعه الالكتروني واتاحة مقابلته شخصيا" لطلبتنا الذين باتوا اليوم في اشد الحاجة الى قدوة فاعلة من حاجتهم الى اللوم والتقريع اللذان لاينفك اساتذتنا من ادمانهما ... مع بالغ الاسف



    قولك
    يلاحظ الآن أن الدماغ مرن وفريد يكيف نفسه وهو دائم التغير وينمو باستمرار ويشكل نفسه استجابة للتحديات.
    يذكرني بما قاله الراحل علي الوردي عالم الاجتماع العراقي من ان العقل البشري له وظيفة محددة شانه شأن سن الثعبان وترس السلحفاة وقرن الثور
    يرحمك الله ياوردي لو عشت اليوم لوجدت كلامك يثبته خبراء السلوك في اضخم المختبرات العلمية اليوم
    كم هم علماؤنا مدهشون


    قولك

    بينما نحن نحتاج الآن إلى الخروج بتفكيرنا من هذا الصندوق المغلق –إن صح التعبير. وهذا يبدأ بالتركيز على قدرة الدماغ على التعلم وقدرة الإنسان المستمرة على التأثير فيماحوله

    اعجبني كثيرا" , ولقد اقترحت ذات يوم ان نستبدل مدارس المتميزين في بلداننا الى مدارس الموهوبين
    بمعنى
    ان ارى الطالب في سنيه الاولى فاذا ما وجدت تميزه في موهبة ما
    عزلته عن اقرانه
    لاضمه الى
    فريق خاص
    يتابع نمو تلك الموهبة بحيث يبعده عن مايعيق تفتق تلك الموهبة
    لاحصل في النهاية على مبدع بكل معنى الكلمة
    ولقد شاهدت من خلال متابعتي
    ان بعض اولئك الموهوبين تقتل تميزه مثلا" بعض الدروس المقررة وترهقه فينعكس تاثيرها سلبا على ابداعه
    فنخسر طاقاته في التميز وبالتالى نقتل روح مثابرته للاسف

    قولك
    وعندما طلب من الجامعات تقديم النصح بشأن المناهج تقدموا بنموذج تعلمي اختصاري (اختزالي وتجزيئي).
    تؤكده الوقائع ففي اليابان يكون كتاب الرياضيات للمرحلة النهائية اعدادي متكون من 17 صفحة فقط اكرر 17 صفحة

    قولك

    يجب أن توفر الروضة مثلا صفوفا لأعمار الخمس سنوات تضم 10 إلى 12 طفلا فقط.
    واؤكد على اهمية ان يتقارب هؤلاء العشرة أطفال في التوجه السلوكي وذلك بدراسة اوليه ونفسية يقسمون على اساسها الى مجاميع متآلفة

    اخي واستاذي الباحث ... جزاك الله خيرا" على موضوعك الهام
    واعلم يارعاك الله انك اثرت علي الاحزان
    وانت تعلم ان وطننا العربي الحزين فيه 70 مليون امي واضعاف هذا الرقم من الجهلة
    وانت خبير كم هي ضئيلة نسبة الواعين ممن تبقى
    فياحسرة على انساننا وهو يعاني
    وليته متخلف عن ركب التقدم
    بل اني اراه واقف عند خط الشروع منذ مئات السنين
    اقنرح ان نجعل هذا الموضوع بعد تجزئته مادة حوارية في ندوة منفصلة ..لاهميته
    ولله الامر من قبل ومن بعد
    \
    \
    \
    لي مداخلة بسيطة على كلام اختي الغالية بنت البحر
    أعرف طفلاً لم يتم الثانية والنصف من العمر حفظ أسماء عواصم العالم التي لاأعرف أنا معظمها


    ان هؤلاء يااختي يسمون
    الاغبياء الموهوبون
    الذين يحفظون اضعاف اضعاف مايحفظه اقرانهم ولكنهم لايستسيغون تفاعل ما حفظوه في الوعي فلا يدركون مضمون ماهم حفظوه
    اي لاعلاقة للامر بذكائهم
    وربما الدكتور سعادة لديه المزيد عن هؤلاء فليتكرم علينا

    تقبلوا وافر مودتي.......... الحـــــلاوجي

    قبل انة انسى ... سمعت يادكتور ان هناك طريقة في فهم الاطفال لمادة الرياضيات تعينهم على ضرب خمس او ست العداد في نظيرها ,,,,, هل تتحفنا عن آلية هذه الطريقة فانا اجهلها

    وذلك من فيض سخاؤكم
    الإنسان : موقف

  8. #8
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    بارك الله فيك أخي خليل على هذه المداخلات المثرية والمفيدة
    وأرجو أن تكون لك مداخلات مماثلة في موضوعات أخرى تم ويتم عرضها في هذا المنتدى
    ودمتَ بألف خير

  9. #9
    الصورة الرمزية د. سعادة خليل قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : May 2005
    المشاركات : 50
    المواضيع : 19
    الردود : 50
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    الأخ خليل
    حياك الله
    أشكرك جزيل الشكر على هذه القراءة التحليلية الرائعة. لقد وضعت الكلام النظري أحيانا في مكانه المناسب بأن سقت الأمثلة الواقعية التي يمكن أن يدعم هذه الدراسة القصيرة. بارك الله فيك وبارك في العراق الأبي عراق الشعراء والأدباء والعلماء.

    أما بالنسبة لطلبك حول عمليات الضرب في الرياضيات، وعلى الرغم أني لا أحبذها لأنها أشبه بالوجبات السريعة، فأعدك بأن أستقصي الأمر وأزودك بما أصل إليه.
    واسلم لأخيك
    سعادة خليل

  10. #10
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    أخي الحبيب د. سعادة خليل حفظه الله ورعاه
    لقد أعدت قراءة موضوعك بتأنٍّ وتؤدة فوجدته زاخراً بالعلم النافع والفكر المستنير والطرح الموضوعي
    وقد استوقفتني كل كل كلمة فيه ، ولكني أقتبس هنا بعض الإضاءات التي كانت أكثر سطوعاً ـ في رأيي ـ دون أن أعلق عليها ، لأنها تتحدث عن نفسها بوضوح ، ولكن لألفت الانتباه إليها :

    ( أ ) إن كل محاولات إصلاح النظم التعليمية في بلادنا سواء ما يتعلق بالمناهج أو الأهداف أو طرق التدريس لم تخرج عن النموذج الثلاثي التقليدي المعروف: الطالب/المعلم/المدرسة. بينما نحن نحتاج الآن إلى الخروج بتفكيرنا من هذا الصندوق المغلق –إن صح التعبير. وهذا يبدأ بالتركيز على قدرة الدماغ على التعلم وقدرة الإنسان المستمرة على التأثير فيما حوله وهنا فقط ننطلق إلى التفكير في تطوير وتنشئة بيئة تعلم وتعليم صالحة وملائمة.

    (ب) إن جميع الوسائل والطرق التي تحاول بواسطتها المجتمعات الإنسانية تغيير العقول وتغيير ماهية تفاعل الأفراد مع البيئة ستؤول إلى الفشل. وبالفعل نشعر بالفشل عندما نقدم النصح للأفراد وننجح عندما نسمح للفرد أن يكتشف بنفسه ما منحتنا إياه التجارب من التطور العقلي والجسمي.

    (ج) إن أزمة التعليم (المدرسة) حاليا تتعلق جزئيا بانهيار النظام الصناعي الأوروبي القديم حيث كانت الحاجة إلى المهارات الأساسية فقط التي لا تتطلب استخداما كبيرا للدماغ. فسرعان ما تم إحلال الحوافز المادية مكان الحوافز المعنوية. وأما الآن أصبح تمييز العمل الناجح ومكافأته يتطلب أكثر من الاعتماد على المهارات الأساسية فقط.

    أصبحت الأشياء الآن مختلفة. لقد أجبرت الشركات على التفكير بطريقة مختلفة. وهذا يعني تبني ثقافة تشجع على اليقظة والاستجابة والمرونة وتسريع دورة الوقت في العمليات والقرارات. وبعد إعادة التقييم والترتيب وإعادة الهيكلة والتنافس تطلب الآن إعادة اكتشاف الموظفين والمعرفة التي يملكونها. فأبنية وهياكل الشركات الهرمية والطبقية تتشكل الآن وتعود إلى تنظيمات أقل طبقية وعمودية- أقل بيروقراطية، عمل الفريق وتوزيع أكبر للمسؤولية وللمعلومات واتخاذ القرارات. وباختصار، أصبحت الحاجة ملحة إلى أناس قادرين على حل المشاكل مبدعين ومرنين ومسؤولين شخصيا عن صحتهم وأمنهم وحياتهم وحياة عائلاتهم.

    (د) تقف المجتمعات الآن من تاريخ الإنسان على مفترق تطوري. فهل سنكون قادرين على الاستفادة من هذه التفاهمات ونعكس النظام التعليمي المقلوب؟

    (هـ) وفي مرحلة مبكرة –ما أمكن ذلك- يجب أن يهدف النظام إلى أن يعد الطفل العامل. لا يكفي لهم بأن يكونوا متلقين. وبينما هم يكبرون يجب دمج تعلمهم بحياة المجتمع المحيط بمهمات ومسؤوليات حقيقية تناسب أعمارهم.
    يجب أن توفر الروضة مثلا صفوفا لأعمار الخمس سنوات تضم 10 إلى 12 طفلا فقط. وعلى المدارس أن تقدم برامج توحد الفهم بين المضمون والشكل بطرق ووسائل تجعل تفكير الأطفال هو الطاغي ويلمسونه بأنفسهم. وهذا ما يغير دور المعلم كثيرا الذي يأخذ بأساليب التعلم والتعليم الجيد التي يحتاجها الأطفال فعلا.
    وبينما يظل المعلم الجيد أساسيا، من الواضح أن التعلم الناجح يتطلب أكثر كثيرا من مجرد أسلوب المعلم والمحاضرة والطبشورة. وكسياسة عامة، الاستثمار في تقنيات التعلم والتعليم يجب أن يزداد مع تقدم الطفل.

    (و) وإذا بدأ نظام التعليم الرسمي بصفوف لا تضم أكثر من 12 طالبا وإذا كانت المدارس تقوم بعملها جيدا وذلك بحصول الأطفال على الدعم المركز في السنوات الأولى عندئذ يكون من الأفضل لهم إذن ، قبل سن السادسة عشرة، أن ينتظموا بصفوفهم الرسمية. ويكرس جزء من وقتهم للعمل وحدهم ويعطون الفرصة لاستخدام مصادر التعلم المتنوعة في المدرسة كالمكتبة والمختبر. وأما الكثير من الإرشادات والتعليمات وغرف الدرس تجعل الشباب أكثر اعتمادا على معلميهم أكثر فأكثر.

    وما نزال نملك القدرة والإمكانية لبناء نماذج للتعلم تأخذ في عين الاعتبار تطور الدماغ بينما نجعل التواصل بين الكبار والصغار خارج المدرسة فاعلا وفعالا.

    دمتم بألف خير

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. ملخص رسالة الماجستير حكم موت الدماغ في الشريعة الاسلامية
    بواسطة بهجت عبدالغني في المنتدى قِرَاءَةٌ فِي كِتَابٍ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 22-10-2014, 09:14 PM
  2. المعرفة والتذوق عند الدماغ الالكتروني والدماغ البشري
    بواسطة علاء الدين حسو في المنتدى مُنْتدَى رَمَضَان والحَجِّ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 23-08-2008, 01:09 PM
  3. سد يأجوج ومأجوج في الدماغ
    بواسطة خليل حلاوجي في المنتدى عُلُومٌ وَتِّقْنِيَةٌ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 27-09-2007, 10:52 PM
  4. ملح وشوك(1)
    بواسطة محمد المختار زادني في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 24
    آخر مشاركة: 23-03-2006, 07:59 PM
  5. الوزن - الدماغ - الزمن
    بواسطة خشان محمد خشان في المنتدى مَدْرَسَةُ الوَاحَةِ الأَدَبِيَّةِ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 14-04-2005, 05:38 PM