أحدث المشاركات
صفحة 1 من 4 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 33

الموضوع: أنا وهبيد

  1. #1
    الصورة الرمزية عدنان أحمد البحيصي شهيد العدوان على غزة 2008/12/27
    تاريخ التسجيل : Feb 2003
    الدولة : بلد الرباط (فلسطين)
    العمر : 41
    المشاركات : 6,717
    المواضيع : 686
    الردود : 6717
    المعدل اليومي : 0.87

    افتراضي أنا وهبيد

    أنا وهبيد
    الحلقة الأولى
    في ليلة اكتمال البدر ذهبت إلى الوادي كعادتي، لأستمع لذلك النشيد ، نشيد ذلك المجهول.
    لكنني ليلتها لم أستمع لأي نشيد، فكل ما سمعته هو أنين متقطع.
    تتبعت ذلك الصوت فوجدت رجلاً ملقىً على الأرض، وجراح جسده تثعب دماً، وذئب بجانبه مقتول، فأقبلت على ذلك الجريح فأسندته إلي وأشربته من زوادة ماء كانت معي.
    ثم عمدت إلى راحلتي فأنزلت منها ثوباً أبيضاً ، وجعلت أقطعه إلى قطع وأضمد بها جروح ذلك الغريب.
    ومكثت ليالي وأياما أداويه حتى تحسنت حاله، وانطلق لسانه، فكان أول ما نطق به : الحمد لله ، بارك الله فيك يا أخي
    فأجبته : وفيك بارك ، وجعل بلاءك كفارة عنك
    ثم سألني عن اسمي فأخبرته ، فأخبرني أنه هبيد الشاعر وأنه هو من ينشد من سنين، فسألته أن يسمعني من شعره فأنشأ يقول :
    طاف الخيال علينا ليلة الوادي
    .................................... من آل سلمى ولم يلمم بميعادِ
    أنى اهتديت إلى من طال ليلهم
    ...................................... في سبسبٍ ذا دكداكٍ وأعقادِ
    يكلفون فلاها كل يعملةٍ
    ................................. مثل المهاة، إذا ما حثـّها الهادي
    أبلِغ أبا كربٍ عنه وأسرته
    .................................... قولا سيذهب غورا بعد إنجادِ
    لا أعرفنـّـك بعد اليوم تندبني
    .................................... وفي حياتي ما زودتني زادي
    أما حِمامك يوما أنت مدركه
    ....................................... لا حاضرٌ مفلت منه ولا بادِ
    فصبرت عليه حتى انتهى ، فهتفت به إنه هذا لشعر عبيد بن الأبرص.
    فضحك وقال وما عبيد لولا هبيد، ثم أنشأ يقول :
    أنا ابن الصلادم أدعى الهبيد
    ...................... حبوت القوافيَ قرميْ أسدْ
    عبيدا حبوت بمأثورة
    ...................... وأنطقت بشرا على غير كدْ
    ولاقي بمدركِ رهط الكميت
    ....................... ملاذا عزيزا ومجدا وجدْ
    منحناهم الشعر عن قدرة
    ....................... فهل تشكر اليوم هذا معدْ
    فوقع في خاطري أنه من الجان، فسألته بالله إن كان من الجان أن يخبرني
    فقال : أنا هبيد الجني .
    فقلت له : فمن أشعر العرب فقال :إمرؤ القيس.
    ثم أطرق لحظة فقال : أحببت أن أسألك عن أمر أهمني؟
    فقلت : سل عما بدا لك .
    فقال : سمعت أن جماعة من أهل الفكر والأدب، قد أنشأوا رابطةً لهم، فأحاطوها بطيب فكرهم ، وزينوها بصالح شعرهم ، وهذبوها برائع نثرهم ، العمري سمير كبيرهم فهل سمعت بهم.
    فقلت : على الخبير وقعت ، فأنا منهم إنها رابطة الواحة الثقافية.
    فهتف متحمساً : أجل إنها هي يرحمك الله، فهلاّ أنشدتني من شعر كبيرهم العمري؟ فأنطلقت أنشد:
    الحُزْنُ يَكْتُبُ فِي قَلْبِـي وَيخْتَصِـمُ
    فَكَيْفَ تَخْذُلُ حَرْفِـي أَيُّهَـا القَلَـمُ
    لَقَدْ كَتَبْتَ وَمُـوْقُ القَلْـبِ نَاضِبَـةٌ
    فَكَيْفَ تَصْمُتُ عَجْـزَاً وَالمِـدَادُ دَمُ
    أُكْتُبْ وَسَطِّرْ وَفَجِّـرْ كُـلَّ قَافِيَـةٍ
    وَابْذِلْ دُمُوْعَكَ مَا لا تَبْـذُلُ الدِّيَـمُ
    الدَّمْعُ يَسْفَحُ مَـا أُخْفِـي فَيُغْرِقُنِـي
    وَالنَّارُ تَلْفَحُ فِي صَدْرِي وَتَضْطَـرِمُ
    وَالوَجْدُ يَخْفِقُ فِي الوُجْدَانِ لا جَزَعَاً
    لَكِنَّمَـا غَضَبَـاً أَنْ تَعْجَـزَ الهِمَـمُ
    أُكْتُبْ فَإِنَّ مُصَابِي اليَـوْمَ ذُوْ جَلَـلٍ
    تَكَادُ مِنْ هَوْلِـهِ الأَرْكَـانُ تَنْقَصِـمُ
    غَابَ السِّرَاجُ وَمَا غَابَ الضِّيَاءُ بِهِ
    وَأَظْلَمَ البَّدْرُ لَـمْ يَشْفَـعْ لَـهُ تَمَـمُ
    وَأَجْفَلَ الفَجْـرُ أَنْ تُنْعَـى بِغُرَّتِـهِ
    شَمْسُ الوُجُوْدِ وَأَنْ تَسْتَبْشِرَ الرَّخَـمُ
    قَضَى الإِمَامُ شَهِيْدَاً فَاحْتَفَتْ زُحَـلٌ
    بِمَا أَصَابَ وَبُشَّـتْ لِلنَّـدَى النُّجُـمُ
    وَأَقْبَلَتْ مِنْ جِنَـانِ الخُلْـدِ عَابِقَـةٌ
    مِنَ النَّسِيْمِ تَحُفُّ الرُّوْحَ ، وَالسَّلَـمُ
    وَأَشْرَقَ الوَجْهُ فِي طُهْرٍ وَفِي جَـذَلٍ
    كَأَنَّهُ مِـنْ سَنَـاءِ النُّـوْرِ يَبْتَسِـمُ
    أَبَـا مُحَمَّـدِ إِنَّ النَّفْـسَ مُطْرِقَـةٌ
    وَالعَيْنُ تَدْمَـعُ وَالأَحْـزَانُ تَحْتَـدِمُ
    أَبَـا مُحَمَّـدِ لا غَابَـتْ شُمُوْسُكُـمُ
    عَنِ القُلُوْبِ وَلا أَوْهَي بِهَـا الأَلَـمُ
    عَلَى فِرَاقِكَ فَلْيَبْـكِ الرِّجَـالُ دَمَـاً
    وَلْيُطْرِقِ الكَوْنُ وَلْيُسْتَنْطَـقِ البُكُـمُ
    أَيَـا سَمِـيَّ رَسُـوْلِ اللهِ تَهْنِـئَـةً
    نُلْتَ المُرَامَ وَنَالُوْا الخُسْرَ وَانْهَزَمُوْا
    رُمْتَ الشَّهَادَةَ يَا شَيْخِي فَفُزْتَ بِهَـا
    وَمَـا لِمِثْلِـكَ إِلا الفُـوْزُ وَالكَـرَمُ
    أَقْسَمْـتَ بِاللهِ أَنْ تَحْيَـا بِمَنْهَجِـهِ
    حُـرَّاً أَبِيَّـاً فَتَـمَّ العَهْـدُ وَالقَسَـمُ
    وَكَـمْ تَمَنَّيْـتَ رُضْوَانَـاً وَمَغْفِـرَةً
    فَاهْنَأْ بِصُحْبَةِ مَنْ فِي قُرْبِهِـمْ نِعَـمُ
    يَا شَيْخُ أَحْمَدُ طِبْ نَفْسَاً فَقَدْ غَرَسَتْ
    يَدَاكَ مِنْ ثَمَرَاتِ العِزِّ مَـا طَعِمُـوْا
    فَكُنْتَ أَنْصَعَ نِبْرَاسٍ لِمَـنْ جَهِلُـوْا
    وَكُنْتَ أَسْطَعَ مِقْيَاسٍ لِمَـنْ عَلِمُـوْا
    وَكُنْتَ خَيْرَاً عَلَى الكُرْسِيِّ مِنْ نُجُبٍ
    مِنَ الرِّجَالِ وَمَنْ تَسْعَى بِهُـمْ قَـدَمُ
    كَمِثْلِ عَزْمِكَ مَا قَدْ أَبْصَرَتْ مُقَلِـي
    وَمِنْ طِرَازِكَ لَمَّـا تُنْجِـبِ الأُمَـمُ
    وَمَا لِجُهْـدِكَ نِـدٌّ يَـا جَـوَادَ يَـدٍ
    وَمَـا لِوَصْفِـكَ إِلا أَنَّـكَ الـهَـرَمُ
    وَفَاجِرٌ مَـدَّهُ فِـي غِيِّـهِ صَلَـفٌ
    حَتَّى تَطَـاوَلَ فِـي آلاتِـهِ العَـدَمُ
    يُرِيْدُ حَتْفَكَ مَا أَغْبَـاهُ مِـنْ نَجِـسٍ
    وَكَيْفَ يَرْشُدُ مَنْ تَسْتَحْقِـرُ البُهُـمُ
    وَكَيْفَ يَعْلَمُ هَـذَا المُمْتَـرِي سَفَهَـاً
    أَنَّ الشَّهَادَةَ تُحْيِي وَالـرَّدَى يَصِـمُ
    مَا مُتَّ فِيْنَا وَمَاتَ الجُلُّ مِنْ وَجَـلٍ
    بَلْ زِدْتَ قَدْرَاً وَزَادَ العَزْمُ وَالشَّمَـمُ
    قَدْ عِشْتَ رَمْزَاً لأَهْلِ العِزِّ قَاطِبَـةً
    وَقَدْ قَضَيْتَ وَأَنْتَ الرَّمْـزُ وَالعَلَـمُ
    لَئِنْ تَصَرَّمَ عَهْـدٌ وَانْقَضَـى أَجَـلٌ
    فَإِنَّ عَهْـدَكَ فِيْنَـا لَيْـسَ يَنْصَـرِمُ
    وَلَيْسَ يُجْحَدُ عِنْدَ النَّـاسِ قَدْرُكُـمُ
    وَلَيْسَ تُنْكَرُ عِنْـدَ الخَالِـقِ الهِمَـمُ
    أُسْدَ الكَتَائِبِ هِـذَا اليَـوْمُ يَوْمُكُـمُ
    اشْفُوْا الصُّدُوْرَ فَـإِنَّ الحُـرَّ يَنْتَقِـمُ
    هَذَا المُؤَسِّسُ قَـدْ غَالتْـهُ شِرْذِمَـةٌ
    مِنَ القُـرُوْدِ وَغِيْلَـتْ قَبْلَـهُ القِيَـمُ
    وَالفَاجِرُ الغَرُّ مَزْهُوٌّ بِمَـا اقْتَرَفَـتْ
    مِنْهُ اليَدَانِ سَيَزْهُـوْ فِيْهُمَـا النَّـدَمُ
    دُكُّوُا العَدُوَّ وَهُزُّوْا الأَرْضَ تَحْتَهُـمُ
    لا تَنْثَنُوْا وَجَـلاً فَالخَاسِـرُوْنَ هُـمُ
    وَأَطْلِقُوْا مِنْ شَدِيْدِ البَّأْسِ عَاصِفَـةً
    تَأْتِي عَلَيْهِمْ جَمِيْعَـاً إِنَّهُـمْ ظَلَمُـوْا
    لا يَعْدِلُ الثَّأْرَ فِـي يَاسِيْـنَ كُلُّهُـمُ
    هَلْ يَسْتَوِي كُلُّ دُوْدِ الأَرْضِ وَالحَرَمُ
    وَإِنَّمَـا الثَّـأْرُ لِلْكُرْسِـيِّ فَانْتَقِمُـوْا
    وَلْيَصْدُقُ الفِعْلُ فِيْكُمْ مَا يَقُـوْلُ فَـمُ
    تَمْضِي حَمَاسُ عَلَى آثَـارِ قَائِدِهَـا
    وَتَسْتَمِرُّ بِهَـا فِـي كَفِّهَـا اللُّجُـمُ
    الخَيْلُ تَرْكُـضُ وَالقَسَّـامُ فَارِسُهَـا
    وَالسَّيْفُ يَرْدَعُ مَنْ لا يَرْدَعُ الكَلِـمُ
    دَمُ الشَّهِيْـدِ يَخُـطُّ اليَـوْمَ مَرْحَلَـةً
    مِنْ الجِهَادِ وَفَصْـلاً حَـدُّهُ الخَـذَمُ
    يَا مَنْ تَغَـارُ وَيَـا أَحْـرَارَ أُمَّتِنَـا
    عُوْدُوْا إِلَى الحَقِّ إِنَّ الحَقَّ عِزُّكُـمُ
    القُدْسُ تَهْتِفُ وَالأَقْصَى يَصِيْحُ بِكُـمْ
    وَالطِّفْلُ يُسْمِعُ مَنْ فِي أُذْنِـهِ صَمَـمُ
    لا يَبْلُغُ المَجْدَ مَنْ يَخْشَى مَـوَارِدَهُ
    وَلا يَنَالُ العُـلا المُسْتَهْتِـرُ القَـزَمُ
    لَيْتَ الذِّيْنَ بِدَعْوَى السِّلْمِ فِي خَتَـلٌٍ
    تَعُوْدُ عَنْهُ وَدَعْـوَى العِـزِّ تَلْتَـزِمُ
    مَا كَانَ أَخْلَقَكُمْ أَنْ تَنْصُرُوْا وَطَنَـاً
    عَاثَ العَدُوُّ بِهِ وَاسْتَفْحَـلَ الوَخَـمُ
    لا كَالمَشَايِخِ فِي البَلْوَى وَقَدْ بَطِنُـوْا
    شَلُّوْا اللِسَانَ وَصَمُّوْا سَمْعَهُمْ وَعَمُوْا
    وَقَـادَةَ الـذُّلِّ كَالأَصْنَـامِ خَائِـرَةٌ
    لَوْ كَانَ يَغْضَبُ مِنْ إِذْلالِهِ الصَّنَـمُ
    يَسْتَعْصِمُوْنَ بِأَمْرِيْكَا وَمَـا عَلِمُـوْا
    أَنَّا بِحَبْـلِ إِلَـهِ الكَـوْنِ نَعْتَصِـمُ
    وَأَنَّنَـا كَالبُـزَاةِ الصِّيْـدِ مَطْعَمُنَـا
    أَعْلَى الجِبَالِ فَلا غَـثٌّ وَلا رَمَـمُ
    هُمَا الجَنَاحَانِ فِي الآفَـاقِ تَرْفَعُنَـا
    وَهَلْ سَيَرْفَـعُ إِلا الدِّيْـنُ وَالشِّيَـمُ
    فلما انتهيت ألتفت إليه فإذا عيناه تدمعان ، وقد آثر الراحة بعد أن قال : رحم الله الشيخ فقد كان أمةً وحده، وقد تاق بدني للراحة فهل تأذن لي في النوم وغداً بإذن الله نكمل.
    فغطيته وسللت سيفي حارساً له كفعلي من ليلة ألفيته جريحاً .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    في ذمة الله
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    المشاركات : 3,415
    المواضيع : 107
    الردود : 3415
    المعدل اليومي : 0.50

    افتراضي

    حميلة ... ولكن هل تأمن له هذا الجني ؟
    عموما نخن بحسن الضيافة والخلق نستطيع ترويض كافة أنواع الجن ... دام لنا مدادك ودام الترابط بالرابطة . تقديري

  3. #3
    الصورة الرمزية عدنان أحمد البحيصي شهيد العدوان على غزة 2008/12/27
    تاريخ التسجيل : Feb 2003
    الدولة : بلد الرباط (فلسطين)
    العمر : 41
    المشاركات : 6,717
    المواضيع : 686
    الردود : 6717
    المعدل اليومي : 0.87

    افتراضي

    أنا وهبيد
    الحلقة الثانية
    عندما لاحت خيوط الفجر الأولى في الأفق تيممت لعدم وجود الماء، إلا ما كان على ظهر راحلتي من ماء الشرب الذي أوشك على النفاذ.
    ثم يممت وجهي تجاه القبلة وأذنت، فإذ بهبيد صاحبي يقول :"على رسلك يا صاحبي أريد التيمم".
    أقتربت منه وأجلسته وقربت إليه صعيداً يتيمم به ، ثم أقام الصلاة فكبرت وشرعت في الصلاة.
    وبعد أن انتهيت جلست إليه ونفسي تتوق لحديثه، وكأنه أحس مني ذلك، فقال : لكني أحب أن اسمع منك ، أنشدني من شعر أهل الواحة.
    فاخترت له قصيدة أخي عادل العاني الذي يقول فيها:
    رُغـمَ الـجِـراحِ وآلامِ المُعـانـاةِ بغدادُ يا وَلـدي أغلـى انتِماءاتـي
    مرَّتْ عُصورٌ, وذا التّاريخُ يذكرُهـا والمجـدُ تكتُبـهُ بـغـدادُ آيــاتِ
    وَلو يَطـولُ ظـلامُ اللَّيـلِِ تَنفضُـهُ والصُّبحُ ترسمُـهُ رُغـمَ العَذابـاتِ
    بغدادُ يـا وَلَـدي مازِلـتُ أذكُرُهـا تلكَ الحَبيبةُ لَـو هاجـتْ خَيالاتـي
    إنْ سالَ دمعُكِ يا بغدادُ , وا أَسَفـي أنتِ العَظيمةُ يا شَمـسَ الحَضـاراتِ
    اليومَ - بغدادُ - جُرحي كادَ يقتُلنـي والجُرحُ يَرفضُ أحضانَ الضِّمـاداتِ
    أَيُّ الجِـراحِ أراهُ اليـومَ مُلتئِـمـاً وكـلُّ جُـرحٍٍ يُـداوى بالجِراحـاتِ
    تُسقي الجِراحُ جراحاً غيرَهـا بِـدمٍ إذْ نحـنُ نُبـدلُ مأسـاةً بِمـأسـاةِ
    بغدادُ , هلْ عادَ "هولاكو" يُحاربُنـا ؟ أمِ الشَّياطينُ في أرضِ الرِّسـالاتِ ؟
    مَاذا نقولُ إذا "المَنصـورُ" يسألُنـا ؟ صارتْ مَدينـةَ أشبـاحِ الضَّـلالاتِ
    "هرونُ " في قَبـرهِ يَبكـي حَبيبتَـهُ تلكَ الّتي زفَّهـا مَجـدَ انتِصـاراتِ
    سَلْ " كَربلاءَ "أما فاضَـتْ بنَهـرِ دَمٍ لمْ ترتوِ الأرضُ منْ "رأسِ الإماماتِ "
    جفَّتْ دُموعُكَ , هذا بعضُ مَأساتـي والبَعضُ يُدركُ بَعضاً مِـنْ مُعاناتـي
    فالرَّحلُ إنْ ضاعَ يوماً , إنَّهُ وَطنـي هذا الَّذي ضاعَ في عَصرِ المَهانـاتِ
    منْ أيِّ مَزبلـةٍ قـدْ جـاءَ ساستُنـا بالدِّيـنِ فرَّقَنـا جَهـلُ العِمـامـاتِ
    ما هَمَّهمْ زَرعوا الأحقادَ فـي بَلَـدي والحربُ جاءتْ بأنـواعِ الشِّقاقـاتِ
    كنّا العـراقَ وكـلُّ الكـونِ يعرفُنـا واليـومَ يُغرقُنـا بَحـرُ النِّزاعـاتِ
    والبيـتُ مُـزِّقَ أشـلاءً بِساكِـنـهِ فالدينُ أمسـى صَريعـاً بالـوَلاءاتِ
    والنَّخـلُ يَهتـزُّ لا سعـفٌ يعانقُـهُ ولا يُساقـطُ تَـمـراً باهـتِـزازاتِ
    مـا للفُـراتِ أراهُ اليـومَ مُكتئبـاً ؟ ما عادَ يَحكـي لأبنائـي الحِكايـاتِ
    عانقتُـهُ وَأَنـا طِفـلٌ شُغفـتُ بـه واليـومَ يُبعدُنـي هَـولُ المَسافـاتِ
    ما للفُـراتِ وبَحـرُ الـدَمِّ يُغرقُـهُ ؟ رمـي لدِجـلـةَ آلافَ الجِـنـازاتِ
    وذاكَ دجلـةُ يبكـي للفُـراتِ بِــلا دَمعٍ فَقدْ فاضَ منْ نَزفِ الجِراحـاتِ
    إنَّ العَقيـدةَ فينـا اليـومَ راسِخـةٌ دينـاً هَدانـا بـهِ ربُّ السَّـمـواتِ
    يا ربِّ أرسلْ عَليهمْ ما وَعـدتَ بـهِ طَيـراً أبابيـلَ تَرمـي بالحِجـاراتِ
    وانصُرْ رِجالاً , فوعدُ الحَقِّ نَصرُهمُ فَالماجِداتُ نَسجـنَ النَّصـرَ رايـاتِ
    " اللهُ أكبَرُ " إنْ مـا زلـتِ رايتَنـا باللهِ نُقسِـمُ آتٍ نَصـرُنـا آتــي
    هـذا امتِحـانٌ لَنـا واللهُ ينصرُنـا رغمَ المَجازِرِ ما اهتَـزَّتْ قََناعاتـي
    ما نَحنُ إلاّ رِجالٌ وعدَهـمْ صَدَقـوا فامسحْ دُموعَكَ لَو حانـتْ نِهاياتـي
    بَغدادُ يا وَلـدي أغلـى انتِماءاتـي بغدادُ يـا وَلـدي أغلـى حَبيباتـي
    فقال : لا فض فوه ولا فوك إنه لشاعر مجيد، وإني أرى في شعره مآساة عميقة.
    تنهدت تنهيدة كبيرة وقلت :نعم هي حاضرة الخلافة داسها الأعداء والله المستعان.
    فقال : لقد شاهدت التتار بأم عيني وهم يدخلونها.
    نظرت إليه مستغرباً، فضحك وقال :لا تعجب ألم أقل لك إني صاحب عبيد الشاعر ؟وقد ولدت قبله بمائتي عام.
    ابتسمت وقلت : وأراك لا زلت شاباً سبحان الله .
    فقال لي : بل أشعر أن وفاتي باتت قريبة، على كل حال لقد عمرت بما فيه الكفاية.
    صمت برهة ثم قال : ألا تسمعني من شعرك.
    فقلت : الحقيقة أنني لا زلت على شاطيء الشعر ولم أغصْ في أعماقه.
    فقال : أحب أن اسمع منك على أية حال.
    فأخترت قصيدتي بلغ رسول الله
    بلـغ رسـول الله أنـا أمـة تحمي الضعيف وتكسر الأوثانا
    بلـغ رسـول الله أنـا أمـة تعلي اللواء وتنجـد الإنسانـا
    بلـغ رسـول الله أنـا أمـة فينا الشجاع ليقهـر العدوانـا
    بلـغ رسـول الله أنـا جنـده بيميننـا نـور الإلـه هدانـا
    بلغ رسـول الله أنـا حزبـه ويقيننـا أن الإلــه رعـانـا
    بلغ رسـول الله أنـا جيشـه وسبيلنـا بـذل الدمـاء الآنـا
    فقال : إنه شعر جيد، خفيف الوزن ، رشيق يعجبني شعرك أيها العدنان.
    وعندها بدأ الوسن يزور عينيّ ، فقال لي هبيد : نمْ يا أخي وأنا أحرسك، وعند إعتلاء الشمس في كبد السماء أوقظك، حتى نصلي الظهر ونكمل الحديث.
    فقلت : إن شاء الله وغلبني النعاس فاستسلمت له.

  4. #4
    الصورة الرمزية عادل العاني مشرف عام
    شاعر

    تاريخ التسجيل : Jun 2005
    المشاركات : 7,783
    المواضيع : 246
    الردود : 7783
    المعدل اليومي : 1.13

    افتراضي

    أيها الرائع عدنان

    أصفق لك وأحييك ...


    فقد نسجت ما تصبو إليه واقعاً , ونحلم به أن يتحقق رغم أنك لم تكمل ,

    هو التواصل بين الماضي والحاضر , هذا الذي يجب أن نتمسك به ,
    لا لنستذكر أمجادا ونندب حظوظا , وننعى أطلالا , بل لنستمد الدروس والعبر,
    كي نتمكن أن نبني حاضرنا ومستقبلنا , وننهض من جديد .


    سنتابع معك , ولي عودة لتشذيب بعض هنات نحوية وإملائية .
    وسأعدل دون الرجوع إليك إن سمحت.

    تقبل فائق تحياتي وتقديري

  5. #5

  6. #6
    الصورة الرمزية وفاء شوكت خضر أديبة وقاصة
    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : موطن الحزن والفقد
    المشاركات : 9,734
    المواضيع : 296
    الردود : 9734
    المعدل اليومي : 1.48

    افتراضي

    الأخ الفاضل / عدنان الإسلام ..

    اسمح تطفلي على صفحاتك وأعدك أن أتابع بصمت التلميذ المجد ..
    أستمتع حقا هنا على هذه الصفحات لأستقي ما فاتني من راقي الأدب وحلو الكلام .
    لك مني كل التقدير .
    //عندما تشتد المواقف الأشداء هم المستمرون//

  7. #7
    الصورة الرمزية عدنان أحمد البحيصي شهيد العدوان على غزة 2008/12/27
    تاريخ التسجيل : Feb 2003
    الدولة : بلد الرباط (فلسطين)
    العمر : 41
    المشاركات : 6,717
    المواضيع : 686
    الردود : 6717
    المعدل اليومي : 0.87

    افتراضي

    سيدتي الفاضلة الكريمة عبلة
    أنا لا أخاف الجن ، وهبيد جني رائع ومسلم

    سيدي الفاضل عادل العاني كم أحببت مرورك العطر الطيب
    سأكمل أيها الحبيب


    سيدتي الفاضلة سرني مرورك وكرمك

  8. #8
    الصورة الرمزية عدنان أحمد البحيصي شهيد العدوان على غزة 2008/12/27
    تاريخ التسجيل : Feb 2003
    الدولة : بلد الرباط (فلسطين)
    العمر : 41
    المشاركات : 6,717
    المواضيع : 686
    الردود : 6717
    المعدل اليومي : 0.87

    افتراضي

    أنا وهبيد
    الحلقة الثالثة

    عندما انتصف النهار ايقظني هبيد لاتجهز لصلاة الظهر، فقمت وتيممنا ثم صلينا، فاستأذنت من صاحبي أن أتجول قليلاً في الوادي لعل الله يكرمني بصيد نجعله طعام غذاءنا، فامتشقت قوسي ، وحملت كنانتي، وركبت راحلتي وانطلقت تركض بي وابتعدت مسافة بعيدة، فلاح لي من بعيد ظلال تتحرك، فوجهت ناقتي صوبها، فلما اقتربت منها وجدتها غزلان ترعى على شيء من العشب قد نما، فشددت قوسي و تخيرت من كنانتي سهماً فأطلقته مكبراً باسم الله فوقع في عجزها فوقعت أرضاً، فركضت وقد سللت خنجري فنحرتها، ومن ألطاف الله بي أن وجدت نبع ماء زلال ، فحسن عندي أن أنقل صاحبي الجريح إلى هذا المكان الجديد، وقفلت راجعاً ثم احتملته على راحلتي واتجهنا صوب نبع الماء.

    فما إن وصلت حتى اتخذت لصاحبي متكئاً، وجعلت أنظف الغزال واسلخ جلده، ثم جعلت أقلب بعضاً من لحمه على نار أوقدتها.

    أكلنا واسترحنا، وهبت نسائم طرية فكأنها نسيم الصبا، فراق لنا تجاذب حلو الكلام، فكان أول ما بدأني به : ألا تسمعني من شعر أهل الواحة؟
    فقلت له : على الرحب والسعة ، وتخيرت قصيدة لسلطان السبهان فانطلقت انشدها:
    ياراكباً قف بالمنازل والطللْ
    فلعل معهدها يجيبك إن تسلْ
    من بعد هجرك لم أزل متوجعاً
    ومن البكاء على الأحبة ماقتلْ
    ياطائر الأحزان مالك والأسى
    أيقظت جرحاً في الفؤاد قد اندملْ
    أقسمت أنساهم وأنحر حبهم
    وهو الذي بين الجوانح قد نزل
    أقسمت أنساهم وأنحر حبهم
    إن المحبة ياأخا الدنيا دُوَل!!
    ماذا التساؤل والتألم والبكا
    والدار خالية وخلك قد رحل ؟؟
    عجباً لمن يقضي الحياة معززاً
    بين السيوف وبين عيدان الأسل
    فتكت به عين المهاة فحاله
    بين الرجاء وبين نيران الوجل
    بدوية والسحر في ألحاظها
    وطَفٌ على دَعَجٍ وزينها الكَحَل
    والحسن يسكن في ربيع خدودها
    والموت منبعه سيوف في المُقَل
    في الجوف جمرٌ لاأطيق صليّه
    يكفي الجوى مافي حشاشته اشتعل
    يكفي الجوى ضرَبات قلبٍ طائشٍ
    فقد الوقار فصار يضرب في عجل !!

    فهتف معجباً : من هذا الحكيم الذي ذكرني بزهير ، فأجبته : هذا سلطان السبهان رقراق المعاني والألفاظ.
    إن شعره كشعر الجاهليين ، بدأ بالبكاء على الأطلال ثم أخذ يسهب في شعر الحكمة ثم الوصف.
    ابتسمت وقلت : فما رأيك فيما سمعت؟
    قال :إن الواحة وأهلها خير من حمل اللغة وحماها، هذا ظني فيكم، فزدني لا فض فوك.

    فتخيرت له قصيدة درهم الجباري التي يقول فيها :
    أخبرتني عمّا اعتـراك الريـاحُ
    وشكا ليلك الطويـل الصبـاح
    وروت همـك الثقيـل طيـور
    عزمت حمله فهـاض الجنـاح
    وطني هل شعرت بالحزن لمّـا
    مات من شدة الفساد الصلاح ؟!
    هل تألمت حينما الظلـم أدمـى
    مهجا ، بعدما كوتك الجراح ؟!
    وغدا من بنيك من مات جوعـا
    بينما الظالمون فيك استراحـوا
    أيكـون العنـاء حـظ رعيـل
    يمموا فرحة فتاهوا وساحـوا؟!
    هل تعمّدت أن تطيـل شقاهـم
    أم همو للشقاء والهم راحوا ؟ّ!
    ومتى يصبحون يومـا رجـالا
    من بطولاتهم يتـم النكـاح ؟!
    ومتى تعتلي شموخـك يومـا
    أنفس يُكتسى بهـا الانشـراح
    ويغيب الظـلام عنـك بعيـدا
    وتهب العقول تلك الصحـاح ؟!
    حان يا موطن الفـلاح لنحيـا
    في نعيم ، كما ينـادي الفـلاح
    إننـا قـادرون نحيـا كرامـا
    فلماذا يتـوه عنـا النجـاح ؟!

    فلما انتهيت قال : جميلة وهادفة ومعبرة.
    وكان وقت صلاة العصر قد حان ، فقمت أتوضاً وأحضرت لصاحبي الماء

  9. #9
  10. #10

صفحة 1 من 4 1234 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. حول مقولة ديكارت "أنا أفكر إذن أنا موجود"
    بواسطة حسن عبدالرحمن آلحسين في المنتدى التَّفكِيرُ والفَلسَفةُ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 26-11-2006, 03:25 AM
  2. أَنَا... مَنْ أَنَا؟
    بواسطة عيسى جرابا في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 24
    آخر مشاركة: 19-08-2006, 06:27 PM
  3. حياتي بصلاتي ... أنا أصلي .. إذا أنا أحيا
    بواسطة الضبابية في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 06-02-2004, 07:37 PM
  4. أنا لم أكن أنا
    بواسطة الاسطورة في المنتدى مَدْرَسَةُ الوَاحَةِ الأَدَبِيَّةِ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 02-06-2003, 03:40 PM
  5. أنا لم أكن أنا
    بواسطة الاسطورة في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 02-06-2003, 03:40 PM