جَـفَّ المِدَادُ وضَاعَ الحِبْر والوَرَقُ
واسْتَحْكَمَتْ بالنُّهَى الأنَّاتُ و الحُرَقُ
جَفَّ المِدَادُ وغَارَ الجُرْحُ فِي كَـبِدٍ
تِرْحَالُه الأفُـقُ المَمْـدُودُ و الغَسَقُ
والأُفْـقُ نَـهْـرُ دِمَاءٍ لا حُدُودَ لَهَا
غَصّـتْ بِطَيَّـاتِهِ الدَّمْعَاتُ و الحَدَقُ
والْـكَوْنُ ظِلُّ خَرِيفٍ بَائِـسٍ نَكِـدٍ
جَـفَّتْ غُصُـوُنٌ فَـلا وَرْدٌ ولا وَرَقُ
عَادَ الرَّبِـيعُ إلى الأدْواحِ مُعْـتَكِراً
لَمْ يَلْقَ زَهْـراً و لا الأطْيارُ تَعْـتَنِقُ
عَادَ الرَّبِـيعُ وَ كَان الْكَوْنُ فِي لَهَثٍ
خَـلْفَ الحَيَاةِ وضَاعَ الرِّيُّ و الغَدَقُ
غَـامَتْ فَمَا أمْطَرَتْ للآمِلِينَ بِـهَا
وَ أرْعَدَتْ فالدَّمُ المِهْرَاقُ يَـسْـتـَبِقُ
مَنْ لِي بِرُوحٍ تُعِيدُ الزَّهْرَ مَنْتـَشِياً
مَنْ لِي بِظِلٍ لِـقَـلْبٍ هَـدَّهُ الأرَقُ
كَيْفَ المُضَيُّ و هَذَا العَصْرُ مَحْزَنَةٌ
غـابَ الكِرَامُ وعَاثَ البائرُ النَّـزِقُ
مَنْ ذّا تُسَائلُ و الألْـبَابُ في خَطَلٍ
و مَنْ يُرَجَّى و تلكَ جُمُوعُنا المزَقُ
يا مِصْرُ إنِّي بَكَـيْتُ اليومَ من زَمَنٍ
لَـعِـبَ الغُوَاةُ بِهِ فَاسْـتَحْكَمَ القَلَقُ
يا مِصْرُ كُلُّ الدُّنى تُعْلِي أمَاجِدَهَـا
مَتى اعْتَـلى أُمَّةً قَـوَّادُ أو سَـرِقُ
يا مِصْرُ يا وَطَـناً يَحْيـا بِدَا خِلِنا
مَا هَانَ يَوْما و ما يُسْلَى فَنَنْعَـتِـقُ
يا مِصْرُ يا أمَّةٌ عَزَّتْ بِهَا الدُّنْـيَـا
وهَل يَـسُوسُكِ أَقْزَامٌ و مَنْ خَرِقُوا
سُبِـيَتْ مَآثِرُنَا ضَاعَتْ مَـعَالِمُـنا
قُـتِـلَتْ بَـراءتُـنا والقَاتِلُ الطَّلِقُ
كَـثُرتْ مَظَالِـمُنا دِيسَتْ كَرامَتُنا
بِـيعَـتْ أُخُوَّتُـنا فالكُـلُّ مُحْتَرِقُ
هُدِمَتْ مَـسَاجِدُنا حُرِقَتْ مَصَاحِفُنا
سُجِنَـتْ حَرَائِرُنا والإفْكُ يُخْـتَـلَقُ
فِي كُلِّ وادٍ لَـنا شَـرٌ نُبَعْـثِـرُهُ
فِي كُلِّ وادٍ لَنا في الخُلْفِ مُسْتَـبَقُ
مِـنْ كُلِّ فَـجٍ لَنا خُسْرٌ نُلاحِقُـهُ
في كُلِّ بَحْـرٍ لَـنا الطُّوفَانُ والغَرَقُ
مَـن غَـرَّهُ سِـتْــره فاللهُ مُنْتَـقِـمٌ
لا تَركـني بادري وليـغفرِ الحـقُّ
يا مِصْرُ يا أمتي عودي إلى رّشَدٍ
واسْترحمي قبلما يقضي فلا شَـفِـقُ