الــــتّـــهْـــمَــــة
===========
شعر: م ع الرباوي
مَرَّ بِهَذَا الشَّارِعِ
فَـﭑرْتَعَشَتْ أَفْئِدَةُ الأَشْجَارِ الزَّرْقاءْ
مَرَّ بِهَذِي الْمَقْهَى
فِي هَذَا الْحَيِّ الضَّائِعِ
فَـﭑمْتَدَّ الزِّلْزَالُ إِلَى كُلِّ كُؤُوسِ الزُّبَنَاءْ
اِنْكَسَرَتْ كُلُّ زَرَابِيهَا الْمَبْثُوثَةِ
كُلُّ السُّرُرِ الْمَرْفُوعَةِ
فَـﭑحْتَرَقَتْ عَيْنٌ جَارِيَةٌ فِيهَا
وَتَحَوَّلَ وَجْهُ النَّادِلِ مِرْآةً خَشَبِيَّهْ
****
مَرَّ بِهَذَا الشَّارِعِ (...)
مَرَّ بِهَذِي الْمَقْهَى (...)
مَرَّ بِقَصْرِ الْقَرْيَةِ
- ذَاتَ صَبَاحِ عَابِسْ ـ
فَـﭑتَّسَعَتْ قُبَّعَةُ الْحَارِسْ
هَجَرَتْ رِجْلَيْهِ عِظَامُهْ
كَـﭑلْآهِ عَلَى شَفَتَيْهِ ﭐنْكَسَرَتْ أَحْلاَمُهْ
وَتَسَاقَطَ مِنْ عَيْنَيْهِ الْبَلَحُ الْحَجَرِيُّ
عَلَى خَدٍّ يَابِسْ
مَرَّ بِقَصْرِ الْقَرْيَةِ
فَـﭑنْدَسَّ بِأَعْمِدَةِ الْقَصْرِ الرُّعْبُ الْقَارِسْ
****
دَخَلَ الْمَسْجِدَ عِنْدَ صَلاَةِ الْفَجْرِ ﭐتَّخَذَ الْوَلَدُ الْمُرُّ مَكَاناً بِالصَّفِّ الأَوَّلِ كَبَّرَ حَيَّا مَوْلاَهُ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ عَيْنَيْهِ يَمِيناً وَشِمَالاً خَلْفاً وَأَمَاماً. فَإِذَا الصَّفُّ الأَوَّلُ أَخْشَابٌ مُسْنَدَةٌ وَإِذَا ﭐلْمَقْصُورَةُ تَنْمُو أَعْشَابٌ مُتَوَحِّشَةٌ فِي سَاحَتِهَا فَانْتَشَرَتْ فِي بُسْتَانِ مُحَيَّاهُ فَرَاشَاتُ الصُّبْحِ تَأَبَّطَ نَعْلَيْهِ جِهَاراً كَانَتْ بِالْبَابِ ﭐلْمُغْلَقِ عَاصِفَةٌ تَنْتَظِرُهْ.
****
يَرْحَلُ الْمَاءُ وَيَبْقَى الْبَحْرُ لِلأَرْضِ سَجِيناً آهِ يَا أَيَّتُهَا ﭐلنَّفْسُ ٱخْرُجِي مِنْ زَبِدِ الْبَحْرِ ٱرْكَبِي مَتْنَ حِصَانٍ بِجَنَاحَيْنِ ﭐرْجِعِي رَاضِيَةً مَرْضِيَةً ثُمَّ ٱدْخُلِي دَائِرَةَ الْعِشْقِ ٱتْبَعِينِي فَأَنَا آنَسْتُ نَاراً علَّنَا مِنْها سَنَأْتِي بِشِهَابٍ قَبَسٍ أَوْ عَلَّنَا نَلْقَى عَلَى ﭐلنَّارِ هُدىً هَيَّا ﭐتْبَعِينِي وَٱسْتَعِدِّي رُبَّمَا حَبَّكِ مَوْلاَكِ ﭐسْتَعِدِّي هُوَ إِنْ حَبَّكِ قَدْ يُلْقِي عَلَى ذَاتِكِ قَوْلاً ثَقِيلاَ.
اِسْتَعِدِّي لاَ تَكُونِي خَائِفَهْ
اِسْتَعِدِّي وَﭐثْبُتِي حَتَّى تَهُبَّ العَاصِفَهْ
****
مُّتَّهَمٌ أَنْتَ لِأَنَّ بِصَدْرِكَ نَاراً تُحْيِي أَشْجَارَكَ ثُمَّ تُمِيتُ شُجَيْرَاتِ الشَّارِعِ مُتَّهَمٌ أَنْتَ لِأَنَّكَ تَحْمِلُ مَا يَزْرَعُ أَشْجَارَ ﭐلدَّهْشَةِ تَحْمِلُ مَا يَزْرَعُ فِي رُكَبِ النَّاسِ الرُّعْبَ القَاتِلَ هَلْ تَعْلَمُ يَا هَذَا الطَّالِعُ مِنْ سُنْبُلَةِ الْحَاصِبِ أَنَّا نَزَّلْنَا مَرْسُوماً حَجَريًّا يَمْنَعُ أَنْ تَحْمِلَ هَذَا الشَّيْءَ الْمُتَوَحِّشَ كَيْفَ تُصِرُّ عَلَى أَنْ تَحْمِلَهُ أَنْ تَرْسُـمَهُ أَدْغَالاً سَوْدَاءَ عَلَى وَجْهِكَ. مُتَّهَمٌ تُهْمَتُكَ الْكُبْرَى: (...).
****
فَجْرَ هذا الْيَوْمِ أُمٌّ زَغْرَدَتْ فَـﭑرْتَعَشَتْ أَفْئِدَةُ ﭐلأَشْجَارِ. أُمٌّ زَغْرَدَتْ فَـﭑمْتَدَّ زِلْزَالٌ إِلَى كُلِّ كُؤُوسِ الزُّبَنَاءِ ﭐنْكَسَرَتْ كُلُّ الزَّرَابِي. زَغْرَدَتْ فَاتَّسَعَتْ قُبَّعَةُ الْحَارِسِ..أُمٌّ زَغْرَدَتْ فَـﭑنْتَفَضَتْ كُلُّ الْعَصَافِيرِ الَّتِي بَلَّلَهَا الْقَطْرُ صَبَاحاً. زَغْرَدَتْ أُمٌّ..وَأُمٌّ تَنْتَظِرْ.
الرباط: 7/2/1988