نسأل الله العافية
وأن ينعم على سورية بفرج قريب وأهل الشام.
{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّة وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَل الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُول الرَّسُول وَاَلَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْر اللَّه أَلَا إنَّ نَصْر اللَّه قَرِيب }.... . فَمَعْنَى الْكَلَام : أَمْ حَسِبْتُمْ أَنَّكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَرُسُله تَدْخُلُونَ الْجَنَّة , وَلَمْ يُصِبْكُمْ مَثَل مَا أَصَابَ مَنْ قَبْلكُمْ مِنْ أَتْبَاع الْأَنْبِيَاء وَالرُّسُل مِنْ الشَّدَائِد وَالْمِحَن وَالِاخْتِبَار , فَتُبْتَلَوْا بِمَا اُبْتُلُوا وَاخْتُبِرُوا بِهِ مِنْ الْبَأْسَاء وَهُوَ شِدَّة الْحَاجَة وَالْفَاقَة وَالضَّرَّاء , وَهِيَ الْعِلَل وَالْأَوْصَاب ; وَلَمْ تُزَلْزَلُوا زِلْزَالهمْ , يَعْنِي : وَلَمْ يُصِبْهُمْ مِنْ أَعْدَائِهِمْ مِنْ الْخَوْف وَالرُّعْب شِدَّة وَجَهْد حَتَّى يَسْتَبْطِئ الْقَوْم نَصْر اللَّه إيَّاهُمْ , فَيَقُولُونَ : مَتَى اللَّه نَاصِرنَا . ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ اللَّه أَنَّ نَصْره مِنْهُمْ قَرِيب , وَأَنَّهُ مُعَلِّيهِمْ عَلَى عَدُوّهُمْ , وَمُظْهِرهمْ عَلَيْهِ , فَنَجَّزَ لَهُمْ مَا وَعَدَهُمْ , وَأَعْلَى كَلِمَتهمْ , وَأَطْفَأَ نَار حَرْب الَّذِينَ كَفَرُوا . وَهَذِهِ الْآيَة فِيمَا يَزْعُم أَهْل التَّأْوِيل نَزَلَتْ يَوْم الْخَنْدَق , حِين لَقِيَ الْمُؤْمِنُونَ مَا لَقَوْا مِنْ شِدَّة الْجَهْد , مِنْ خَوْف الْأَحْزَاب , وَشِدَّة أَذَى الْبَرْد , وَضِيق الْعَيْش الَّذِي كَانُوا فِيهِ يَوْمئِذٍ. تفسير الطبري.
{ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَار وَبَلَغَتْ الْقُلُوب الْحَنَاجِر وَتَظُنُّونَ بِاَللَّهِ الظَّنُونَا هُنَالِكَ اُبْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا] }
{ هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ } بهذه الفتنة العظيمة{ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا } بالخوف والقلق، والجوع، ليتبين إيمانهم، ويزيد إيقانهم، فظهر -وللّه الحمد- من إيمانهم، وشدة يقينهم، ما فاقوا فيه الأولين والآخرين.
وعندما اشتد الكرب، وتفاقمت الشدائد، صار إيمانهم عين اليقين، { وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا }
وهنالك تبين نفاق المنافقين، وظهر ما كانوا يضمرون... وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12)
وهذه عادة المنافق عند الشدة والمحنة، لا يثبت إيمانه، وينظر بعقله القاصر، إلى الحالة القاصرة ...
. تفسير السعدي.
تقديري