|
دنا فتدلّى قاب قوسيّ أو أدنى |
من الأفق الأعلى يذيع الرؤى الحُسْنَى |
وجاور نبض النازفين بأحرفي |
يكوّر شمساً ضوؤها في المدى مُضْنَى |
فقال لراءٍ خاف عرّافه رؤىً |
تغشّ دجىً لا ترقبِ الكوكب الأسْنَى |
فكم قد سلخنا الليل في آية الضحى |
كمعترك المعنى يضيق به المبنى |
وأُسريَ ليلاً بالذي ضاء جرحه |
وأُعرِجَ فجراً بالذي في الهوى يفنى |
تميمة عرّاف الحكاية أُسقطت |
فأوصدها التأويل في ظاهر المعنى |
ولم يبق من غيب المرايا نبوءة |
فحاك من الحلم القديم مدىً أقنى |
بعيدٌ أخُ الأشواق حدّ احتراقه |
وحدّ اقتراف الحلم في يقظةٍ وَسْنَى |
أجل كلُّ جرح يستدير زمانه |
وجرحك دهر لا زمان له غنّى |
معلّقةٌ أحقابهُ في مسافةٍ |
من الكوكب الأقصى إلى الكوكب الأدنى |
تعاويذك الأولى أبانت دروبها |
وكلّ طريق بعد مُفْتَرَقٍ مثنى |
فتضرم تحت الخطو رملَ حياتنا |
تلظّتْ جراحُ العابرين فهلْ هدنا |
تمهل أفق إنا لوجهك ننتمي |
فلا تعْدُ عيناك الذي سار و استغنى |
تقرب فقد جئناك بعض حطامنا |
و أرمدةَ الذّات التي تسكن الحُزنا |
لسيرتها الأولى تعود نبوءتي |
ويمضي زمان المترفين إذا مِلْنَا |
فقلت له ما بين قوسيّ عالق |
يغرّب شمس النازفين فها تُهْنا |
وأخرجت الأرض القديمة غيبها |
تَنَزّلَ فيها القَحْطُ يَسْتَمْطِرُ المُزْنَا |
وبتّ كعُصفور الربيع بلا صدى |
ولا لغةٍ تَنْدَى فَتَسْتَرْضِعُ اللّحْنا |
غريب أخ الجرح الذي أَنْتَ جرحه |
فيستنطق المأساةَ في ذاته فنّا |
أطرّز تاريخ الحكاية من دمي |
وها يتقرّاه الهوى حيثما أثنى |
أصيح براوي الجرح من صحف الألى |
أَضَيَّعْتَ أوتاري متى أينَ بلْ أنّى |
تشرَّبهُ صمتٌ ..تأبّط سفره |
ولم يطلق المغوار من سجنه مَيْنَا |
فعدت لألواحي أنضّدها ضحى |
لعلّي أرى أشجارَ خيباتنا عِهْنَا |
وحيداً أروّي خافقي ثم أنتشي |
بسُكر الحكايا دونما أملٍ أغنى |
أقولُ وقد مال الزمان بنا معاً |
عقرتَ حكاياتي وكانت لنا حِصنا |
وباعوا لمبتاع التواريخ قصتي |
فشرّقها مبنى وغرّبها معنى |
وحرّفها حتّى تشوّه نصُّها |
تغرّب فيها النخلُ , والرملُ قد جُنّا |
فأوّلني نصّاً لعرّافةٍ نشتْ |
صفاقا بأعلى حضرموت فهل كنا |
فهوّمَ نورٌ عند قوسيّ مشرقٌ |
تجلّى كأطياف الرؤى يفرغ الأمنا |
سرى همسه يستقطر الوجد حالماً |
يُعَشِّبُ أحلامًا وقد أسْكر الأذْنا |
تروّ بنيْ إنّ الأسى نعمة الهوى |
فلا فجرَ إلا بعد ليل أتى يُمنا |
فمن مغرب الأولى سيخرج طارق |
فيُرْسي سفينًا للحكايات لا يُثْنى |
فقلت له أنّى أضاعوه مرّةً |
وقد ضيَّعوا حلماً تجلّى به حُسنا |
وفي السجن ملقى راح يجترُّ خيبةً |
وأضحى شحاذاً في جزيرته مُضْنَى |
فقال هي الأيام تنبت قلبه |
وما ابن زيادٍ في الملاحم يستثنى |
ملامح غيب أطلسيٍّ معبّقٍ |
هنا تقرأ الدنيا بشائره فنا |
سيسقط فيكم كلُّ وهم مقدّسٍ |
وتنهار أصنامٌ تعبَّدْتَها ظنّا |
ففي دهرك الآتي تثور قصيدةٌ |
لها طاسليُّ البدء حِصن بل السكنى |
أفق لست منفيّ الوجود بجَرمنا |
ولا أنْتَ كمٌّ مهْمَلٌ ترتجي وزنا |
ستبقى عصيّاً يستريبك عالَمٌ |
لوى عهده إن خالف الدهر ما منّى |
وها طار عن قوسيَّ هذا رفيفه |
يقول ألا بلّغْ نبوءتَنَا الحُسْنى |
فقلتُ لعرّاف الحكاية هذه |
نبوءة بدءٍ سوف تستوجبُ الصونا |
فتمتم مهموما يلمّ شتاته |
وغمغم كالمصعوق لا تفشِ ما قلنا |
سيقتلك الأهلون قبل صلاتهم |
ولستَ نبيّا في زمان نشى قرنا |
أرى في منامي يُستباح دمي وفي |
القبيلة درويشٌ يحذّرني اللعنا |
يعلّق في الجيد التمائم علّها |
تصدّ عيون الكاشحين إذا غنّى |
توسّم في عينيَّ غيباً يطلّ من |
مآقيَ غادرْ يا فتى أرضنا دعنا |
فإنّك مقتولاً بجُرم زعيمنا |
فما خنْتَنَا لكنْ هنا نحن مَنْ خنّا |
هجرتُ بأحلامي تطرّزني الرؤى |
وتقْمر ليلي كلّما خافقي حنّا |
ولي من ابن العبد للقوم حينما |
وحيداً ألاقيهم وقد أتعبوا الجفنا |
إذا القوم قالوا مَنْ فتى خِلتُ أنّني |
عُنِيْتُ فلم أكسل وما خفتهم طعنا |
سأمضي وفي صدري نبوءة مغربٍ |
أضيق بها حينا فترهقني وهنا |
فمازلتُ محمولاً على زهو خطوتي |
تَقَرّى دمي دهرٌ توثّقَ لا يفنى |
أقول لشمس الأفق مازلتُ تحتها |
نبيلا وحرّاَ لا يُقَزَّمُ لو أقنى |
يسيرٌ على قلبي تجهّمُ دهرنا |
إذا كنتُ ممن في الوجود به يُعْنَى |
هنا من رسوم الطاسليِّ أقولها |
تَنَبّئْتُ أنّ المجد من أطلسٍ يُبْنَى |
ولن يوقفَ الطوفان إلا حكايتي |
وما يسلم الإنسان لوْ حربه شنّا |
سَنُوقِفُ للتاريخ ركبَ مسيره |
نُراجِعهُ أسْفَارَه فمتى غِبْنا |
ألا أيّها التاريخ أكتب نبوءتي |
فجرّدْ و باليُسرى إذا كلَّتِ اليُمنى |
وقلْ أنّني أفْتِيْتُكَ الآن سُورتي |
وإِنّي الجنُوبِيُّ الذي للهوى غَنّى |