مذاق الفستق : *
سيدتي الوالدة ،، أذكركك الآن و دائماً وأنت ترسمين طفولتي بتطلعاتك و طموحاتك وتشكلين حاضري و غدي بكدك و أرقك وحين تسهرين وحين يؤرقك الظلام كما يجافيك النوم لحظة التفكير و لحظة تبحثين لي عن موطأ قدم و مكان في الغد و المستقبل الغامض حين تتطلعين إلى السنين ما مضي منها و ما مقبل،،*
سيدتي الوالدة *،، أتذكرك و عنادي ،، مشاكساتي لحظة أسهو و أتمرد عن واجباتي و تماريني المدرسية و أنا أخبئ تحت اللحاف كل ذلك و أغفو خلسة منك ،، كأني لا أبالي بمواعيظك المرثلة و نصائحك و أنت تحثيني على النجاح و التحصيل ،، و المواظبة على الجد و الإجتهاد معاقبة الكسل و الغياب متى راسلوك مخبرين أو مهددين بالفصل ،، لأني تجاهلت الحظور و الانتباه وقد أحبو نحو الرسوب ،، كأني كنت أكسر مقاذيفك و أظل نفسي عن المسار الصحيح و أنزل بسرعة إلى آخر الدرج ،، و أنت تصرخين ،، بالغضب لأجلي و غدي ،، لألا أتعثر *فأكبو ،،*
سيدتي الوالدة ،، عفوا لأني كدرت صفوك مرات و مرات ،، عفوا لأنك بكيت و جعلتك تلاحيقيني كالطيف لألا أسجل في دفتر الغياب ،،*
سيدتي الوالدة ،، قبل العيد و نحن في زحمة الاحتفال و أنت تطوفين المتاجر و المراكز بحثا عن ملابس العيد و ما يناسب عينيك وقد يتجاوز *ميزانية الموسم ،، و عند الدخول وبين الفصول كنت تضاهي فينا الرجال و الأعيان دون بخل أو شح في العطاء و أحاسيس الأمومة المتأججة فيك ،، لم أكن فيك المارد لأني أحبك أعشق نسماتك لأن من اللحظ طاهراً نقيا ما رضعنا ،، خالصا مقطرا بالحب بالبر منقحا بالصفاء و الوفاء معقما فينا الجحود و النكران ،، لم أكن فيك المتمرد لأني ولدت بين أحضانك تجللني العواطف من دفئك من نبعك * نموت و كبرت بك ذلك الفتى الذي يعشق ثرى خطاك و أثر الغروب حين ترحلين ،،
سيدتي الوالدة ، أتذكرك وأنا أجوب فضاءات الميناء و المطار يوم عانقتك هناك مودعا زمن السفر و الإغتراب و لوعة الفراق تدمي فينا العيون ،، مترقبا وصالك ،، إبان الإياب ،،لا أخفيك سراً حين أهمس في أذنيك و عبر الصدى و الرنين شوقا و حنينا ،، ثائرا ضد الحدود و المعابر لعلي *ألاقيك في القريب ،، تلك الذكريات الغريبة بالمحن و المجللة بالتأوهات و ترقب الوصال ،، و أنت تسيرين إلى آخر الحدود كما سرت اليوم جسدا ممددا بين اللحود ،، غريبة هي الدنيا يا أمي *بمفارقاتها و أضدادها وأنا أبحت عنك بين الدعاء و الثناء ،، غريبة هي *و أنا أتلهف شوقا لنبرات صوتك و ابتسامتك حين العناق و أنت تسردين حكاياتك و هواجيسك ،، و حين العيد و أيام الصيام يلفنا الدفء و ننهل من جديد وصاياك لأجل العيد متى هل ،،و أنت *مبجلة *بعشق القفطان و الحناء ،، و بتفاصيل الطقوس و الترانيم ،، في انتظار صلاة العيد ،، و صلة الرحم ،، فكنت فينا العيد و الفرح ،، وقد أفل بفعل الغياب فجر الشروق،،*
السيدة الوالدة ،، عفوا إن سهوت أو تهت في زحمة المسير ،،عذراً متى نفذ مني الرصيد ،، أو متى كنت بعيدا عن عطرك المفظل و المسك الم .. حقاً ،، لازالت الطقوس و رائحة البخور تذكرني فيك ،، و صلاة العيد و موائد الإفطار و صوت الآذان و شذرات إقرأ و رائحة الحناء تسألني عنك *،، وصدى صوتك يصدح في أذني متى تناديني ،، لأني مازلت أعطر جلبابك و أقبل يديك ،، و أرثل اسمك ،، دعائك و أمد وصالك ،، لعلي أجدك ،، وسط الزحام و كل هذه الدموع،، ،