|
ترابُكَ نعناعٌ سَماهُ بنفسجُ |
وِمن كَفِّكَ الجدباءِ يأكلُ عوسجُ |
جِنانٌ فما عينٌ رأتْ قبلُ مثلَها |
فكيف رجيمًا مِن جِنانِكَ تُخرَجُ؟ |
يغصُّ بها المحتلُّ نَهمًا وتُخمةً |
وغَصُّك قهرٌ مِلْءَ فِيك مزجَّجُ |
نلوبُ أُوامًا والحِياضُ تذودُنا |
وما صَدَّ إلّانا هناك مسيَّجُ |
نلوذُ بأذيالِ العُداةِ تسوُّلًا |
بلا عِفةٍ فالعبدُ لا يتحرّجُ |
بلى؛نحن محتاجونَ للعيشِ لُقمةً |
ولكنّ قومي للكرامةِ أحوَجُ |
نعضُّ رغيفًا بالرمادِ معفَّرًا |
ونشربُ كأسًا بالشوائبِ تُمزَجُ |
ملايينُ مثلَ الذَّرِّ تُسحَقُ جَهرةً |
ليبقى زعيمٌ مُحْنَطٌ متشنّجُ |
هنا باطلٌ فوقَ الرقابِ مُفوَّهٌ |
وأسفلَهُ حقٌّ لنا يتلجلجُ |
رَمَوا كرةً ناريّةً تتوهّجُ |
ولمّا تزلْ في أرضِنا تتدحرجُ |
ومن كلِّ قُطْرٍ هجرةٌ ومهاجرٌ |
فهل ثَمَّ في الأقطارِ أوسٌ وخزرجُ؟ |
كهجرةِ أسماكٍ إلى نهرِ حتفِها |
نشقُّ عُبابًا بالدِّما يتموَّجُ |
هروبًا بنسلٍ مستباحٍ مِن الفَنا |
إلى حيثُ تفنى أُمّهاتٌ وخُدَّجُ |
ونمخرُ في بحرِ المتاهاتِ خُفيةً |
ومِن زَبَدٍ أكفانُنا فيهِ تُنسَجُ |
تُجَنُّ بِحارُ الأرضِ مِن ريشِ لاجئٍ |
يفِرُّ من المهتاجِ والقصْدُ أهوجُ |
على ملأٍ تُلقيهِ لوحًا مبلّلًا |
ولا حضْنَ إلا الشاطئُ المتضرِّجُ |
أأهلَ فلسطينَ التي ذكرُها شجًا |
سواها بلادٌ أهلُها مثلَكم شَجُوا |
ديارٌ غدتْ قاعًا من الأهلِ صَفصفًا |
وليس سوى جُندٍ تجولُ وتحدِجُ |
على كلِّ بابٍ في المعابرِ وِقفةٌ |
لنا نرتجي تأشيرةً وهْو مُرْتَجُ |
أُواري شقائي عن عيونِ "ابنِ نافعٍ" |
لكي لا يراني عندَ عُقباهُ أنشجُ |
همُ دخلوها فاتحينَ ومثلَهم |
دخلْنا،بلى: لاجينَ نحبو ونعرجُ |
وقفْنا على الأبوابِ ثانيةً هنا |
وشتانَ بين الوِقْفتينِ لمَن نجُوا |
تطاردُ أطيافَ الأوابدِ جاهدًا |
وأنت طريدُ العصرِ والروحُ تنهجُ |
أعيدوا ليَ التاريخَ أقتصَّ سِفرَهُ |
فحاضرُ أيامي بماضيهِ مُوشَجُ |
وقلْ ليَ كم قرنًا خلا بعد داحسٍ |
ولما تزلْ من أجْلِ بئرٍ تُؤجَّجُ؟ |
وكيف استُبيحتْ دولةٌ إثْرَ دولةٍ |
ومِن حولِها كم مِن أخٍ يتفرَّجُ؟ |
وكم "شاورًا" في الفاطميينَ خائنًا |
وكم "علقميًّا" قال للغُرَبا لِجوا؟ |
وكم فارسًا شَكَّ القرامطُ غِيلةً |
وكم من ربيبٍ للفِرَنْجةِ تَوّجوا؟ |
وقولوا لِمَ الأدوارُ مثلُ مسلسلٍ |
يُعادُ بأسماءٍ سواها ويُنتَجُ؟ |
تنكّبَ عن خطِّ الكُماةِ مدجَّنٌ |
فأين رمانا خطُّهُ المتعرِّجُ: |
سيوفُ "تميمٍ" عند كسرى رهينةٌ |
وفي رِبقةِ "الأبناءِ" ترسفُ "مَذحجُ" |
وشعبٌ تبرّا مِن عروبتِهِ فقد |
غَدا هَمُّ نصفِ الشعبِ أن يتفرنجوا |
فإن وهنوا يومًا فطاغيةٌ بغى |
وطائفةٌ ضلّتْ وما خان منهجُ |
عسى غرقدٌ يُجتثُّ منا وعوسجُ |
ليَبسمَ نعناعٌ ويندى بنفسجُ |