حـــرف الحــــاء ( ح )
الحاء: تجاور العين والهاء في الحلق وتنفر منهما على الورق
جعلها الخليل بن أحمد أرفع من العين .. لولا بحة أصابتها
الحاء: سادس حروف اللغة العربية حسب ترتيبها الشائع، وثانيها حسب ترتيب الخليل بن أحمد في كتاب "العين"، ورابعها حسب ترتيب سيبويه وثامنها حسب ترتيب "أبجد هوز"، وقيمتها في حساب الجمل ثمانية.
والحاء حرف حلقي، كالعين، والهاء، والخاء، والغين، مهموس (يجري معه النفس عند نطقه) نصيبها من الطباع، بارد رطب (وهو طبع الماء)، وهي حرف من أحد عشر حرفاً تحتل مرتبة متوسطة من حيث معدل تكرارها ودورانها في كلام العرب.
والحاء حرف مهمل غير منقوط تتوسط الجيم والخاء وهما معجمان منقوطان وتشترك معهما في الرسم، وتميزت الجيم بنقطة تحتها والخاء بنقطة فوقها، وتقابل منزلة سعود من منازل القمر حسب تقويم الشيخ أبي العباس البوني.
قال عنها الخليل بن أحمد: أقصى الحروف كلها العين، وأرفع منها الحاء، ولولا بحة في الحاء لأشبهت العين لقرب مخرجها منها.
والخليل بن أحمد هو أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي، ولم يسم أحد بأحمد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل والد الخليل وقد مات الخليل بالبصرة سنة سبعين ومائة من الهجرة وله من العمر أربع وسبعون سنة، وقيل: ولد الخليل بن أحمد سنة مائة للهجرة، وعاش خمسا وسبعين سنة.
والخليل هو واضع أساس المعاجم العربية بكتابه "العين" الذي ضبط فيه مفردات اللغة وحصر كلماتها، وبين المستعمل منها والمهمل، ورتبه على مخارج الحروف، وهو الذي بسط النحو، ومد أطنابه، وسبب علله، وفتق معانيه، وأوضح الحجاج فيه حتى بلغ حدوده، وانتهى إلى أبعد غاياته، وهو أستاذ سيبويه، ومملي معظم الكتاب (أي كتاب سيبويه) عليه.
وهو رافع قواعد علم العروض (علم أوزان الشعر) حيث كانت أسس العلم معروفة ومتداولة على نحو غير علمي ولا منهجي. فجاء الخليل ليضعها على نسق رياضي منطقي صحيح.
وكان فطناً ذكياً، من أزهد الناس وأشدهم تعففا. استنبط من علمي العروض والقافية، ومن علل النحو والتصريف ما لم يستنبطه أحد. وذكر عن شيوخ البصريين أن ابن المقفع والخليل اجتمعا، فتذاكرا ليلة تامة، فلما افترقا سئل ابن المقفع عن الخليل فقال: رأيت رجلا عقله أكثر من علمه.
وقيل للخليل: كيف رأيت ابن المقفع. قال: رأيت رجلاً علمه أكثر من عقله. وقد صدق في ذلك فقد قتل ابن المقفع بسبب العهد الذي كتبه لعمر بن هبيرة، ثم العهد الذي عمله لعبد الله بن علي.
والعروض كلغة هي الطريق الصعبة، والناحية، والخشبة المعترضة وسط البيت، وأطلقت على مكة المشرفة لاعتراضها طريق القوافل بين الشام واليمن، وأطلقت على الناقة الصعبة، وعلى ميزان الشعر لصعوبته، وقيل لأن الخليل الهم هذا العلم في مكة فسماه عروضا تيمنا بمكة وهي عروض بين البلاد.
وصح عن أبي حسن الأخفش (تلميذ الخليل) عن الحسن بن يزيد أنه قال: سألت الخليل بن أحمد عن العروض، فقلت له: هلا عرفت لها أصلاً، قال: نعم، مررت بالمدينة حاجاً فبينما أنا في بعض طرقاتها، إذ بشيخ على باب يعلم غلاماً وهو يقول له قل:
نعم لا نعم لالا نعم لا نعم نعم
نعم لا نعم لالا نعم لا نعم لالا
قال الخليل: فدنوت منه فسلمت عليه، وقلت له: أيها الشيخ ما الذي تقوله
لهذا الصبي، فذكر أن هذا العلم شيء يتوارثه هؤلاء الصبية عن سلفهم وهو علم عندهم يسمى التنعيم، لقولهم فيه نعم، نعم، قال الخليل: فحججت، ثم رجعت إلى المدينة فأحكمتها.
والوزن الذي كان الشيخ يلقنه الصبي هو "بحر الطويل" ومنه معلقة "أمرئ القيس" التي يقول فيها عن فرسه:
مكر مفر مقبل مدبر معاً
كجلمود صخر حطة السيل من عل
هذا عن الخيل، وكتابه العين، وعلم العروض.
أما "الحاء" فإنها تتركب مع كل الحروف بلا قيد ولا شرط ما عدا "العين" فإنها لقرب مخرجها من الحاء لم تجتمع معها في كلمة واحدة أصلية الحروف، وكذلك الهاء على أن الحاء والهاء تجتمعان في كلمتين، لكل واحدة معنى على حدى.
وروي عن الفراء إنه قال: "لم نسمع بأسماء بنيت من أفعال إلا هذه الأحرف البسملة، والحوقلة، والحمدلة، والجعفلة، والحيعلة أراد أن يقال: بسمل إذا قال: بسم الله، وحوقل إذا قال: الحمد لله، وجعفل إذا قال: جعلت فداك، والحيعلة من حي على الصلاة".
وقال ابن الانباري فلان يبرقل علينا، ودعنا من التبرقل، وهو أن يقول ولا يفعل، ويعد ولا ينجز، أخذ من "البرق" و "القول".