|
براحتي أتّقي مِن زخّةِ الشهُبِ |
وأرسمُ الدربَ خطًّا من دمٍ سربِ |
أجري إلى قدرٍ ما فاتَهُ حذرٌ |
حتمٍ فلم يبقَ إلا صورةُ السببِ |
أصدُّ معولَهم،كم في الثرى طعنوا، |
وعسفَ منجلِهم بالسنبلِ الرطبِ |
لأنّ معشوقتي أرضي ابتغيتُ سما |
وقمتُ أختزلُ الأمداءَ في كثَبِ |
أطرّزُ الليلَ بالنجماتِ من كبدي |
فيسألُ الليلُ مَن هذا الفتى العربي؟ |
في جبهةِ الليلِ نجمٌ من أزقتِنا |
يُومي إليّ اقتحمْ في اللُّجِّ واقتربِ |
بالأمسِ شيّعني كالطلِّ منتعِشًا |
وها هو الآنَ يرقى هامةَ السحُبِ |
إذا تأملتُ في الأفلاكِ أنجمَها |
عرفتُ أغلبَها بالوجهِ والنسبِ |
الليلُ يعلمُ لو غارتْ كواكبُهُ |
كنا مصابيحَ للدنيا ولم نغِبِ |
وأفْقُنا لم يزلْ مشكاتَه وبها |
زجاجةٌ أبدًا درّيةُ اللهبِ |
وباسمِنا برزخٌ مثلَ السديمِ بَدا |
من نجمِ مكتهلٍ،أو نجمةٍ لصبي |
يُدلونَ لي برِشاءٍ مسَّ ناصيتي |
يقودُني كيَدٍ قبّلتُها لأبي |
شادوا لهم وطنًا يُدعى مجرّتَهم |
وما نسوا وطنًا في قبضةِ القُضُبِ |
مزخرفًا ببديعِ الخلقِ من أزلٍ |
يختالُ خارطةً كالخنجرِ الذهبي |
كلُّ الثرى حرَمٌ والقدسُ أقدسُهُ |
أنّى يحِلُّ لمحتلٍّ ومغتصِبِ |
يا أجبنَ الجُبنا في وجهِ طالبةٍ |
عزلاءَ إلا من الإيمانِ والحسبِ |
كانت "هديلَ" وقد جُنّتْ بنادقُكم |
فالآنَ يزأرُ في أحداقِكم غضبي |
وأنت يا وطنًا في حجمِ لؤلؤةٍ |
لك المجراتُ مُدّتْ في الفضا الرحبِ |
لأنه سُرَّةُ الأكوانِ مذْ دُحيتْ |
وآخرُ السطرِ في دينونةِ الحقُبِ |
فاعضُضْ على التربةِ الحمراءِ مصطبرًا |
فكم بها من شهيدٍ عابقٍ ونبي |