المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. سمير العمري
هذا الـ"بعضهم" يقول لك أخي الكريم عبده أن سلام عليك وجزاك الله الخير بقدر ما بذلت من قصد وما اجتهدت فيه من نقد.
وأقول للشاعر المبدع محمد أبو كشك: إنك يا أبا الحسين ذو قلب طيب نقي وسماحة طبع وحرف جميل متطور ومتجدد سيكون له شأن مهم قريبا، وإننا لا نعتب عليك فإن جل النفوس تهش للمادح وتنفر من الناصح فلا تعتب على من عتب أن الأخ الزبيدي يقصد قدح حرفي بمدح حرفك واعلم رعاك الله أن الزبيدي هدانا الله وإياه إلى سواء السبيل أديب مجتهد نقدر ما يبذله حرصا على تحرى الحق والحكمة ولم يكن يوما خصما ليكون ندا ولا ندا ليكون خصما، فليس ثمة إلا التعاطي الأدبي وأنا هنا لا أرد عليه جدلا وخصاما لتطلب التسامح، وإنما أرد استجابة لبعض كرام طلبوا مني التوضيح على ما أقررته أنت عليه مما ساق فيه الصواب في سياق غير صائب، لا لشيء إلا لإزالة التلبيس عن ذهن المتلقين خصوصا من القراء والشعراء المبتدئين، وإنا لا نحب المراء ولا نحب من يلوك الماء ولكننا حريصون على نشر الفائدة وتصحيح اللغظ ما استطعنا فهذا دورنا الذي التزمناه منذ أكثر من عقد ونصف، لا يستفزنا فيه تعريض أو تقريظ ولا قدح ولا مدح. وإننا حين نضع جهدنا ونصب وقتنا في بوتقة النصح والتفاعل ليس إلا لخير ولفائدة وإلا فإنني أغنى الناس عن ذلك.
ومهما يكن من أمر فإني أستجيب لطلبك الكريم وأطلب من الجميع مشرفين وأعضاء أن لا يعودوا إلا لتناول النص الجميل بعيدا عن كل ما دار.
1- النصوص التي تحتوي على أخطاء لا تثبت في الواحة. وعليه فإن تثبيتي للنص يعني جماله وخلوه عموما من الأخطاء الأساسية، وليس ما قلت إلا تناولا على مستوى مختلف، وصولا لما هو أجمل وأكمل، فإن وافقك فخذ مشكورا وإلا فدع غير مذمم.
2- أما بخصوص البيت الثاني فأنا لم أقل بأن التشبيه بأداتين خطأ أو مرفوض، بل إن لي ردودا في الواحة أدافع عن مثل هذا بمثل الآية التي أتى بها الزبيدي في سياق غير منطبق ، وإنما قلت استثقلت ذائقتي الجمع بين كأن والكاف وهذا ليس ما تصفه الآية، ورغم ذلك فهي ليست خطأ وإنما استثقلتها بحكم المعنى المشوش الذي أشرت إليه.
أما ردي عن الصورة فإنه لم يغب عني شيء، وقد أوضحت في ردي السابق هذا لمن يستجلي ويتحرى إذ قلت فيه وباختصار الاحتمالين احتمال التشبيه واحتمال التشبيه المقلوب وقلت بأن كليهما فيه خلل أو لنقل ضعف. فاحتمالات المعنى هي كما يلي:
أن البدر الجميل كأنه وجهها وهذا معنى جميل رغم أنه مطروق مستهلك، وحينها يصبح كل العجز جملة حشو لا يضيف شيئا، وفي هذا السياق يكون رفع قنديل صحيحا ولكن على أساس أنها جملة مستقلة لا علاقة لها بالصورة ولا بالصدر وهذا وهن وترهل وضعف. الاحتمال الثاني هو أن البدر كما وجهها أيضا يبدوان في الدجى قنديلا. أما تشبيه وجه الحبيبة كقنديل في الدجى فهي الصورة الأجمل والأفضل من كل هذا، وكان أحرى بالشاعر أن يبرز هذا المعنى في ترتيب مقنع وتركيب متين.
وأما تشبيه البدر بقنديل يبدو في الدجى فهو من قبيل تفسير الماء بالماء فالبدر قنديل يظهر في الدجى. وقبل أن نجد من يأتي ليلوك الماء فيقول البدر ليس القنديل والبدر كذا والقنديل كذا فإنني أسوق شواهد تكفي لمن ألقى السمع وهو شهيد وسأكتفي بهذه الآيات فقط.
قال تعالى "وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ"
وقال تعالى "وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا".
وقال تعالى "وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا"
وقال تعالى "هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا"
وعليه فإن الصورة لا تكون صحيحة وقوية بأحد الاحتمالين الذين أشرنا لهما والأفضل أن يشبه وجه الحبيبة بالقنديل خصوصا وأن استعمال بين الدجى بدلا من في الدجى يضفي صورة أخرى رائعة ذكية وحينها يتوجب النصب، أو أن يشبه وجه الحبيبة بالبدر وحينها يجب رفع قنديل، ويصبح العجز كله ثقلا وترهلا يرهق البيت والصورة ويوهنهما. أما أن يشبه البدر ووجه الحبيبة معا بأنهما كالقنديل في الدجى فهذا ضعيف وركيك باعتبار القرب بينهما وباعتبار ما شرحنا آنفا.
3- بخصوص البيت "وبدا فراشٌ أبيضٌ وكأنَّهُ ** أزهار فلٍّ ضمَّها إكليلُ" فالمعنى واضح وليّ عنق الصورة أو المعنى يفسدها أكثر مما ينفعها. والتشبيه جميل ودقيق كما أسلفنا وأعاد لي هذه الصورة التي تبعث في النفس حالة حالمة شعرتها يوما وأنا أشاهد الفراش يحط على غصن فيسكن بعد نشاط ويبدو وكأنه زهر، وارتباط الصورة هنا بالبعد الزماني والمكاني أضفى على المعنى والإحساس بعد حالما أكثر. وعليه فليس هناك ثمة حركة وصخب ولا ديناميكية في الصورة كما يدعى، بل الألفاظ هنا كانت دقيقة وموفقة في رسم الصورة من خلال الفعل ضم وإكليل، ولا يمكن أبدا تشبيه الفراش بالإكليل المضموم وهي تحلّق لاهية في السماء كل في مكان ومجال وإنما الضم يعني السكون والهدوء والتقارب وهي صورة محببة لمن رآها وأدركها حين يجتمع الفراش متلاصقا على غصن يسكن بعد نشاط وحركة، ومن هنا اقترحت الفعل سجا ليضيف المزيد من الإحساس بالحالة الحالمة في الصورة ومراقبة المشهد في هدوء وسكينة. ولكني أيضا اقترحت لفظة فعل آخر "دنا" إن الشاعر كان يريد الحركة ففيه حركة موافقة للصورة بالدنو من الإحساس والدنو إلى بعضها البعض كي يتحقق الحد الأدنى من الصورة المرادة "إكليل مضموم".
ولا أنسى أن أشير إلى أنني حين أقترح لا أفرض ولا أخطّئ وأقول عادة "من شاكلة" أو "كأن تكون مثلا"، والفعل بدا ليس خطأ ولكنه فعل جامد الإحساس نثري التأثير أمام هذه الصورة وليس فيه العمق الذي في البيت الجميل.
4- التغريد اسم لأصوات عدّة كالحمامة والديك والبلبل ويطلق غالبا في حالة التجويد والطرب، فإن كانت الحمامة قد غرّدت فما حاجة التعميم والتخصيص وأي علاقة له هنا بهذا الأمر؟ هل من الفصاحة والبلاغة أن يقال حلّق الطائر وطار عاليا. المعنى وصل عاما وخاصا والحمامة غرّدت وانتهى الأمر وتغريد الحمام لن يكون شقشقة ولا زقزقة ولا صياحا ولا صداحا بل هديلا، وعليه فالعجز كان حشوا وترهلا كان يمكن تلافيه بإضافة معنى آخر للصورة ومن خلال تركيب يضفي على السياق ولا يكرره.
5- بخصوص "حتى إذا" فأعجب مما جاء في التعليق حوله وكأننا نخطّئ أسلوب "حتى إذا" أو أن محمدا هو أول من أتى بهذا الأسلوب الذي يمتلئ الشعر العربي قديمه وحديثه بها. وأوضح بأن انتقادي كان لتكرار هذا التركيب وليس للتركيب نفسه، والإتيان بالتكرار شاهدا في غير سياق هو مما لا يصح.
أما التكرار فجميل في مواضع وسياقات، وشعري وشعر العرب حافل بمثل هذا، والتكرار في الآيات تصف أحداثا مختلفة في سياقات مختلفة فالذين سيقوا إلى النار في مشهد ومقصد والذين سيقوا إلى الجنة في مشهد ومقصد. أما في القصيدة هنا فالمشهد واحد والسياق واحد إذ بعد ما رفع الشاعر احتدام المشاعر إلى أعلى حد بين صهيل وصليل وصوارم وقنا جاءت حتى إذا الأولى في مكانها الرائع وبدأ المشهد في الهدوء فانجلى الغبار وهدأت الريح وانكشفت الحركة فلا قاتل ولا مقتول، وترتب على هذا المشهد التالي بأن السلام قد عم. وإن تكرار حتى إذا في ذلك البيت يتسبب في خروج عن سياق المشهد الأول والدخول في مشهد آخر مختلف، ولا أحسب الشاعر قصد إلا سياق مشهد واحد بين احتدام وسكون ولذا كان يجب أن يجوّد السبك بشكل لا يشوّش المعنى أو يفسده وهذا ما نصحنا به ووجهنا إليه.
تقديري
السلام عليكم دكتورنا الحبيب اميرنا الرائع
انا لخصت اي رد في قصيدتي الجديدة ...
وقد بينت فعلا انني اوافقك الرأي من البداية بل وبينت انني تعجلت في القصيدة فعلا
و انا فعلا سعدت بوجودكم جميعا ناقدين ودعوتكم كلكم لتمزيق القصيدة نقدا وهذا يشرفني لا يغضبني ابدا ولا يحق لي ان اغضب من الاساس بل يكفي تثبيتكم للعمل فهو في حد ذاته وسام كبير ...ما ضايقني فقط هو خروج الخلاف عن نص الموضوع كما بينت لهم في مثالي وكنت اتمنى تركيزهم في العمل نفسه تماما كما ارى الان
يا سلااااااااااااااام يا سلااااااااااااااام
هذا الذي اراه الان من حوار حول ابيات لي هو في حد ذاته تكريم كبير ويسعدني جدا جدا ...
اما فلان يهجو فلان وعلان ينتظره في الحلبة ووووو فذلك كان قاسيا على النافذة جدا صراحة ليتهم يحذفون هذه التعليقات ويتركون تعليقاتكم الحلوة التي اراها الان
واذن انا لخصت الامر في قصيدتي الجديدة التي حملت اسمكم الكريم وهو ما يعبر عن ذلك بشكل شعري
وهي تعبير عن تقديري لاستاذي العمري
نظمتها اليوم قبل ان ارى تعليقكم فعلا فطب نفسا وقر عينا فانك عندي غالي ولك مني كل محبة وتقدير
واقتراحاتك وتوجيهاتك هنا أمر واجب على طويلبك محمد فطب نفسا أبا حسام
ستجدني سامع مطيع ان شاء الله