ثقافة المكان
تعلم الفنان
شخصية وكيان
ثقافة المكان ، نابعة من كون المكان له خاصية معينة تتفاوت بين الأمكنة مثل ( الصحراء الجبال ، البحر ، الأنهر ، المقدسات ، الثروات ) إلى آخرة و أي شخص يتواجد في المكان تدريجيا تكون ثقافته وكل ما تأثر به نابعة من كونه عاش في هذا المكان أو ذاك وكون البيئة المحيطة بالمكان لها تأثير فإنها تفرض بالضرورة أنماط من الحياة تصبح فيما بعد عادات وتقاليد ومن ثم ثقافة لما لهذا المكان من تأثير بحكم التواجد واصل المنبت .
وينعكس التأثير في الأكل والشرب واللبس وشكل البيوت والتعليم والثقافة بشكل عام وعلى جميع الفنون مثل الرسم والشعر وغيرها.
المهم أن طرق التعامل أيضا تكون مختلفة سواء التجارية أو الاجتماعية أو في الأمور السياسية وغيرها فمثلا إذا كان المكان جميل أو بة ثروات طبيعية أو مقدس ، فيصبح هذا المكان مهدد باستمرار ويفرض على أصحابة الحرص الدائم والتعامل الحذر مع الآخرين للحفاظ على المكان وتصبح سياسة أصحاب المكان مختلفة ومعقدة أو بمعنى آخر ( حذر دائم في التعامل مع كل جديد أو دخيل ) .
لكن أصحاب المكان يصبحون ملزمين بشكل طبيعي وطوعي لحماية المكان كيف ما كان مما يخلق ضوابط وأعراف تصبح كقوانين لحماية المكان ومواطنيه وتفرض عليهم سلوكيات خاصة مختلفة عن غيرهم حسب طبيعة المكان.
وهذه العادات أو السلوكيات لها معاني كثيرة يفهما بشكل كبير أصحاب المكان وقد يصفها آخرين من غير أصحاب المكان على أنها عادات سلبية أو غير منسجمة إلى آخرة لكنها بالضرورة تعنى الكثير لأصحاب المكان وتميزه عن غيرة ، و يكون أصحاب المكان حتى لو سافروا وتعلموا في أمكنة أخرى وعاشوا طويلا بعيدا عن أماكن أجدادهم وآبائهم مدانين بحب المكان الأول حتى وان لم يولدوا فيه وسيكون في كل تحركاتهم وأعمالهم وعلاقاتهم أشياء مرتبطة في المكان الأصلي .
حتى لو أدخلت أفكار ومعتقدات جديدة على المكان لن يكون لها التأثير الكبير بشكل عام وقد يلاحظ التأثير في اللبس أو الأكل وغير ذلك من الأمور الثانوية ، ولن يكون هناك شيء يمس أي مسالة تتعلق بالمعتقدات بشكل جذري والاهم معتقدات أهل المكان خاصة أصحاب الديانات السماوية ، فسيكون تمسكهم اكبر بكثير وستجدهم حريصين جدا على العادات والتقاليد ولا يقبلون بسهولة بأي تغير حتى وان كان بسيط في أصل المعتقدات والثوابت والمقدسات .
وتكون المحاولات التي ترمى إلى تغير أصحاب المكان فاشلة وستجد معارضة شديدة وقوية جدا وستأخذ أشكال متعدد لرفض هذه المحاولات وخاصة إن كانت المحاولات من أمكنة بعيدة ولهم عادات غير منسجمة مع هذا المكان أو من أشخاص من نفس المكان حملوا أفكار لا تنسجم مع هذا المكان.
وان اعتقد الذين يحاولون تغير مكان ما تحت مسميات عديدة مثل التحرر أو(( الدم قرطه)) أو تزوير الحقائق والتاريخ وغيرها فإن أصحاب المكان سيتعاملون بسلبية إزاء هذا التدخل .
وسيكون شكل هذا التحرر سلبي جدا وضار على من تدخل بشكل أو بآخر وان اعتقد من تدخل أنة وصل لمرحلة متقدمة في تحويل المكان إلى شيء آخر ، لان الرفض سيكون أيضا بمراحل وأولها الصمت ، لكن الصمت مقدمة لرفض التدخل بشكل أقوى بكثير من كل التوقعات والدراسات فيما بعد ، لان التغير مرفوض وقد تكون صيغة التعاون اقرب وأسهل في التعامل لكن يجب أن تكون أي صيغة أو أي مسمى كان ضمن المفاهيم الودية مع أصحاب المكان وبندية أيضا ضمن إطار محترم يضمن للجميع حقوقه كاملة غير منقوصة وبدون استغفال أو استغلال للطرف المقابل حتى لو كان ضعيفا الآن .
وسنجد الشعراء مثلا ، في هذا المكان أكثر حدية في كلامهم حتى لو كتبوا عن الحب أو غيرة .
وسنجد الأوصاف التي يصفون بها الحب أو الحبيب أو غيرة قاسية جدا ، وخاصة الأماكن التي تعرضت للقتال والحروب و الاحتلال .
وبما أننا دخلنا بعصر الأرقام والسرعة نشهد العديد من محالات التغير عبر الوسائل الحديثة مثل الفضائيات أو الانترنت سواء بشكل مباشر أو غير مباشر ، بشكل مقصود أو غير مقصود في أصل المعتقدات والدين وبأشكال متعددة إما عبر الحوارات أو نشر الدراسات و الاستطلاعات وغيرها ، لكن المهم والأصل في صلة الشخص بالمكان ولن يتمكن حتى لو أراد التغير، ولن يغير شيء لان الأصل والمنبت أساسي في عقلية أصحاب المكان و أي شيء آخر يعتبر طارئ أو ثانوي ، وإن حدث التغير لن يستمر.
بمعنى الارتباط بهذا المكان أصبح شيء قوى في تكوين الشخص ( ويصعب وصفة ) وحتى لو استطاع الدخلاء إيجاد منفذ أو مناصرين لهم في هذا المكان أو ذاك سواء بطرق مباشرة أو عبر اعتناق أفكارهم بطريقة أو بأخرى فسنجد فيما بعد العديد من محاولات وأشكال الرفض الدائم والمستمر لهذا التدخل و بأشكال متعددة وغير محسوبة لان محاولات التدخل تعنى سلب شيء من أصحاب المكان أو السيطرة عليهم بطريقة أو بأخرى وليس كما يقال نصح وإرشاد وتحرر إلى آخرة وحتى لو آتى هذا التدخل عبر أشخاص من نفس المكان لان التغير يجب أن يكون في صالح جميع أهل المكان وبدون ضغوط مهما كان نوعها وشكلها وطرقها.
وهذا يقودنا للنظر بجدية في المؤسسات والجمعيات وغيرها التي تتدخل في العديد من الأمكنة والتي يؤمها الكثير بقصد الاستفادة منها وليس كما يعتقد أو مخطط لها أن تكون أداءه من أداوت التغير لان صاحب المكان ينظر للفائدة منها وليس لتفرض علية فيما بعد سياسة ما معينة تحاول تغيره أو سلبه ثرواته ومقدساته وكرامته .
وخاصة أصحاب الأماكن المقدسة التي تربطهم رابطة حديدية بل فولاذية في مقدساتهم وبالتالي في المكان والتي لن يفهما الدخلاء ، وسيكون أصحاب هذه المقدسات حراس أوفياء للمكان بشكل يصعب وصفة وستكون هذه هي ثقافة هذا المكان.
ونحن أصحاب المكان ( القدس ومكة وجميع ارض العرب ) نحمد الله انه كرمنا بهذا الأصل والمنبت .
سعد أبوبكر
جنين / فلسطين
30/12/2005م