المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايهاب الشباطات
أستاذ فكير
1. من الواضح أن سوء الفهم عندك و ليس من الناس , العرب لا تضرب الأسد مثلاً في العدل و الشهامة و الرجولة كما تزعم بل في صفات معينة مثل القوة و الشجاعة , و من أدلة هذا قولك :
" يقول امرؤ القيس: له أيطلا ظبي و ساقا نعامة= و إرخاء سرحان و تقريب تتفل, فلنلاحظ كيف قام بالتّشبيه حيث حدّد الصّفات محلّ التّشبيه دون غيرها ولم يقل ظبيا و سرحان و غيرها و إلّا اختلط الأمر. " , إمرؤ القيس فصّل هنا لأنه جمع بين متناقضات و إلا فهو القائل : " وماذا عليه أن ذكرت أوانسا كغزلان رمل في محاريب أقيال" لا بل ماذا تقول في قول طرفة بن العبد : " وفي الحيِّ أحوى ينفضُ المردَ شادنٌ, مُظاهِرُ سِمْطَيْ لُؤلُؤٍ وَزَبَرجَدِ" !
يبدو أنّك لم تفهم ما ذكرتَ و ذكرتُ
أوّلا قلت هاته بيئة جاهلية و هم مصدرنا في إنزال الأسد هذا الموضع فهم محلّ انتقاد أصلاً
ثانيا امرؤ القيس في قوله و رغم هذا ينافي استدلالك من حيث أمرين: إستعماله حرف التّشبيه الكاف و هو ينزل من درجة التّشبيه (راجع التّشبيه) خلافا للتّشبيه البليغ فهو يجعل من النّسوة تحمل بعض الصّفات لا كلّ و يدلّ عليه ما ذكره بعد مباشرة "في محاريب أقيال" يعني كغزلان في محاريب الملوك و هذا له مدلول آخر, ماذا تفعل الغزلان عند الملوك؟ فقد قيّد تشبيههه بحالة معيّنة, و تأمّل معي الفرق بين هذا و قولنا نسوة غزلان فهذا مطلق من حيث الصّفات و الصّورة و الآخر مقيّد من خلالها. لكنّها تبقى بيئة جاهليّة لا يقاس عليها من حيث الأخلاق و العادات.
2. تقول :
"نعم صحيح و لكنّها عادة اشتهر بها العرب خاصّة بما يناسب حياتهم حين كانوا يعيشون حياة برّية يسودها عموما الحرب و الإغارات و التّشرذم و هاته الأسماء لم يشتهر بها أهل الفضل في تسمية أبنائهم من أولي العلم و النّهى بل انتشرت اسماء أخرى تدلّ على العقيدة الاسلامية و نحن تبنّيناها بسبب عروبتنا لا بسبب إسلامنا." , أخبرني ألم يكن تسمية زيد لإبنه أسامة بعلم النبي -صلى الله عليه و سلم- وما معنى أسامة ؟!
الأمر سهل جدّا أخي, ولد أسامة إبن زيد حبّ رسوا الله صلّى الله عليه و سلّم سبع سنين قبل الهجرة يعني حوالي خمس سنين فقط بعد البعثة, في هاته الفترة لم ينزل أيّ تحريم بل كان كلّ همّ الدّعوة دعوة النّاس إلى التّوحيد, لا خمر و لا غيرها محرّم و لا حتّى تكاليف أخرى فكيف يأمرهم بترك هاته الأسماء و هم قد كانوا حديثي عهد بالإسلام. و إن يكن فلا يُقاس على الواحد و الإثنين كما هو معلوم.
ثانيا لم يثبت ات تحريمها و لا كراهتها أبدا و لن تجد هذا فيما قلته سابقا!
3. إذا كان الكلام كما تزعم بأن
"هاته الأسماء لم يشتهر بها أهل الفضل في تسمية أبنائهم من أولي العلم و النّهى بل انتشرت اسماء أخرى تدلّ على العقيدة الاسلامية و نحن تبنّيناها بسبب عروبتنا لا بسبب إسلامنا" فلا بد أن عدداً من علماء المسلمين تحدثوا عن ذلك و قالوا بأن تلك الأسماء محرمة أو على الأقل مكروهة ...., فهل لك أن تضع لنا عدداً من أقوالهم بخصوص ذلك ؟ و إن لم تضع فالمسألة محسومة عندنا بأن سوء الفهم منك و ليس من الناس .
كما قرّرته فوق لم أقل و لم يقل أحد بتحريمها و لا بكراهتها أبدا. و لكن يبدو أنّك لم تفهم قولي أبدا و سأعيد صياغته قليلا: كيف نطلق على شخص صفة الأسد و هو يحمي قانون الغاب؟ يعني التّشبيه يتعدّى التّسمية إلى صفة يمدح بها صاحبها و هنا تجرّني و بعض الإخوة إلى نكران التّسمية و هذا مخالف لطرحي. و لكن العدول عن هاته التّسمية إلى غيرها أولى بحكم ما ذكرناه أعلاه. فإذا رأينا معا تسميات أهل الفضل و العلم و كثير من المسلمين في قرون النّور نجد أنّه يكاد يندر تسمية الأبناء بأسماء الأسد خلافا للعرب في الجاهليّة أو على الأقلّ نجد تناقصا فادحا قادحا فيها. يعني بعبارة أخرى لماذا هذا التّواطء ربما غير المعلن و غير المقصود على ترك هاته التّسميات, ألا يدلّ هذا على إدراكهم الأمر بذكائهم. طبعا لا يوجد على حدّ علمي لا تحريم و لا كراهة البتّة إذ لا نصوص ثمّ أنّ العادة جرت على تسمية أصحاب الرّجولة و الشّهامة عند العرب بالأسود و نقلها عنهم آخرون اتّباعا بتمحيص أو دون تمحيص و صارت مثلا يضرب به, فهنا نردّ المقولة من أصلها لا من فرعها حينما استعملها الخلف و تلقّوها دونما تمحيص كوننا عرب و أظنّها تكثر عند أصحاب العروبة دينا أقول ربّما فقط فمن يتبنّى عقيدة فلا بدّ من أن يتبنّى فروعها.
أنصحك أخي الشباطات الكريم عموما على أن لا تحوّل النّقد إلى لأشخاص عند النّقاش حول موضوع ما يعني نناقش مقولة ثمّ مثلا نرمي صاحبها بعدم الفهم فهذا يعدّ قدحا في الرّد و ضعفا لا قوّة و يجعل صاحبه يظهر بمظهر الضّعف و التّخلّي عن الجدال و يُكسب خصمه جولة أو القضيّة عند أرباب الجدل. كان ردّي أعلاه مجرّد إشارة فقط.
لكنك لم تناقش ردودي فوق؟ ثمّ أنّك حسمت لنفسك في أحد الفصول و هذا من مخالفات أسس الجدال حيث لم تنتظر الرّد و لا ردود الآخرين حتّى تستوفي القضيّة حظّها و يتّسع و يتبيّن الأمر و أنّك أخي أخذت مكان القضاء!
أشكرك من كلّ قلبي على التّفاعل الذي أسعدني و الله