مع قراءات متواترة من سورة البقرة
د. ضياء الدين الجماسالقراءات المتواترة قرآن كريم يتلى في الصلاة ويتقرب المؤمن بها إلى الله تعالى. وكثيراً ما يكون في تدبرها فتح لمعان جديدة يتمم بعضها بعضاً فترسخ الإيمان في صدر متدبرها بشكل أعمق وأكثر ثباتاً وتزيد المتأمل لها قرباً وحباً من الله تعالى. وإليكم هذه الوقفة مع قراءات متواترة من سورة البقرة:
(فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ 36 فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ 37)
قرأ حمزة : (فَأَزَالَهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا...)
وهذا يعني أن الزلّة بسبب وسوسة الشيطان قد تكون سبباً في زوال النعمة , وفي ذلك تحذير شديد لك أيها المسلم المؤمن من الغفلة التي توقعك في حبائل الشيطان فتحرمك من نعمة الحمد والشكر لله تعالى وهي خير نعم الدنيا وسبب عناية الله بك ورعايته لشؤونك حتى تلقاه وهو عنك راضٍ.
ولو وقعت هذه الزلة منك فدواؤها السريع المفعول هو الندم وطلب الاستغفار من الله الغفار التواب سبحانه وتعالى , وبيان ذلك في قوله( فتلقى آدمُ من ربه كلماتٍ فتاب عليه..).رفع آدم (فاعل) ونصب كلماتٍ (مفعولا به).
قرأ ابن كثير : ( فَتَلَقَّى آدَمَ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٌ) بنصب (آدمَ) على المفعول به ورفع (كلماتٌ) على الفاعل، وبجمع معاني القراءتين نفهم أن هناك كلماتٍ تلقاها آدمُ تعلمه الاستغفار وكلمات تلقت آدم مفادها البشرى بقبول الاستغفار عندما تاب واستغفر ربه وأقبل عليه
الدليل من القرآن الكريم في سورة الأعراف قوله تعالى
فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ 22 قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ 23
فالكلمات التي تلقاها آدم تذكير من الله تعالى بما أمره في النهي عن تناول ثمار الشجرة المنهي عنها، وفيها إشارة لآدم وزوجه بالمسارعة في الاستغفار.ولا يستبعد إلهام الله لهما بما يرضيه من عبارات الاستغفار، فاستغفرا بعد الإقرار بالذنب.
وتكون الكلمات التي تلقت آدم عندما أقبل وزوجه بالاستغفار هي كلمات بشرى القبول التي أخبرنا عن مآلها وهي قبول التوبة ( فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم – البقرة 37 ) وفي سورة طه (ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى 122)
فلنبادر بالتوبة والاستغفار فهي طريق الخلاص المؤدي إلى رضاء الله تعالى وجنانه الخالدات.
والحمد لله تعالى