السلام عليكم
الأستاذ الشاعر القدير رياض شلال المحمدي
قرأت في قصيدتك بعض الصور الشعرية المتألقة التي تدل على شاعرية وإبداع مثل
فمن لغةِ الميقاتِ بَدْءُ رسالتي = وحولَ حمى بلقيس طافت حماماتي
وعلى الرغم من غموض المعنى في صدر البيت إلا أن جمال الخيال في الصورة الفنية في عجز البيت ، وبساطة الأسلوب اللغوي الذي استخدمته للتعبيرعنها ، فاقا التوقع ودلاّ على شاعرية توجز قصيدة في شطر بيت . فحماماتك التي تحوم حول قصر بلقيس وحول حماها مقتبسة من ذلك الهدهد الذي حام حول حمى بلقيس وجمع عنها الأخبار قبل حماماتك. وصورتك الشعرية هكذا تتراسل مع تاريخ بلقيس وتاريخ حماها ، لكن طيورك حمائم وليست هداهد (جمع هدهد ) لذا فرسالتك التي ستلقيها الحمائم لبلقيس هي رسالة سلام وليست رسالة تهديد كما في قصة النبي سليمان عليه السلام . فأنت إذن تقتبس القصة التاريخية ولكنك تدمغها بخاتمك الشخصي .
ثم قولك في البيت
ألا فاحملوا ما استفَّ من فيه هُدهُدي = جواهـــرَ وصْفٍ من أرائكِ جنّـاتِ
فيه تكملة للصورة الشعرية السابقة التي يتكشف بنيان القصيدة عن العودة إليها لاقتباسها مرة أخرى ، لكن هذه المرة نجدك قد عدت إلى الأصل في إيفاد الهدهد إلى قصر بلقيس . وهو لم يقصّر في خطف الجواهر التي استفها وأخفاها في فمه ، ثم ما لبث أن جاءك بها لتعطي الأوامر إلى من حولك من حاشيتك بحملها ، فأنت صاحب الهدهد الذي تقول (احملوا الجواهر) أنت نفسك مقتبس من الملك (النبي سليمان ).
لكنني في كثير من الأبيات أتعثر في قراءة المعاني بسبب الغموض الذي انتشر في قصيدتك كانتشار الضباب فوق الأزهار الجميلة والصغيرة .
وعلى سبيل مثال الغموض قولك في مطلع القصيدة :
أعوذُ بظلّي حين شفّ خِطابُهُ = من الهجْر ، محمولاً على همْسِ تائاتي
ما معنى أن يكون الهجر محمولا على همس التاءات ؟ وما دلالة حرف التاء عندك سوى أن تكون التاءات حروف الروي في قوافي قصيدتك هذه ؟ فهل يكفي هذا ليكون للتاءات شأن معنوي يجعلك تشملها بتعميم تأثيرها في حياتك ؟
فلا الدربُ أضواها ولا ساءَ منزلٌ = ولكن بهــاءٌ ماحـــقٌ بالجــراحــاتِ
ما علاقة ما جاء في الصدر بما جاء في العجز ؟
كقابِ كتابينِ السجلُّ طواهما = فلستَ بخافٍ يا وميضَ العباراتِ
تــأبّى شراعي عنهما متماهياً = مع المَـنِّ والسلوى ، فكانت قصيداتي
المعنى فيه غموض ويبرق من تحت الغموض أطراف جمال .
تحيتي ودام الإبداع