أبي واستاذي الفاضل، لا يمكنني أن أنسى وقفتك بينا وانت تعلم، وتهذب، وتحارب جهلنا بعلمك، وتقاوم طيشنا بصبرك، وتحوي غضبنا بحلمك.
أستاذي العزيز. ما زلت أذكر جيدا ذلك اليوم.يوم خرجت لتؤم المصلين لصلاة الظهر بمسجد القرية، فتبعتك. ولكن العريف- سامحه الله - زجرني بحكم اني مازلت صغيرا ، وقلت بصوت فيه رقة وعطف وحنان:اذهب إلى البيت وصل على مىءزرك. ومازلت أذكر يوم ختمت كتاب الله رفقة أربعة من اترابي وازدان الكتاب يومها بجموع الناس احتفاء بالحدث وتناول طعام الكسكسي، أما أنت فكنت ترسم على محياك ابتسامة عريضة تهللت لها اسارير جبينك الأسمر، ما زلت اتذكر جدك، وهزلك، ونصحك، وارشادك، ودعاءك لنا بالتوفيق دائما.
أستاذي تلميذك المبجل صار أستاذا، وطلب منه مثلك تماما أن ينشىء عقولا، ويربي أجيالا، وأدرك انك اديت مهمة عسيرة وعملا يصعب على غيرك تاديته، كافحت الجهل أيام الاستدمار الفرنسي متنقلا بين مداشر المنطقة، عاملا بقوله تعالى:"ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر" .تلميذك ونجلك الذي تحبه يقف أمام تلاميذه كل يوم ويشعر كان صوتك يتسلل إلى أذنه ويقول:" صن الأمانة يصنك الله".
أستاذي الكريم. تمر الأجيال وراء الأجيال، وقد أثمرت يداك للمجتمع ابطالا، واءمة فقهاء، وأدباء، وأطباء، وشخصيات مرموقة، اسماؤها براقة، في شتى مجالات الحياة، أما أنت أيها الجندي المجهول، مايزال اسمك مغمورا، لا يعرفه إلا من مر تحت نظرك يوما ما، ولكن حسبك فخرا انت وامثالك من الأساتذة والمعلمين، أن عظماء العالم صنيع أيديكم.
أبي. ..عرفتك. وعرفت قيمتك وقدرك بعد وقتي المناسب. ..فيا أيها القلب الرحيم تحية وسقيا لعهد كنت فيه بجانبي. ...
وأخيرا تقبل أستاذي تحيتي الخالصة، واعترافي بجميلك الذي لا اقدر على رده ولن أنساه ما حييت.
تلميذك وابنك البار. ..ساعد. ...