أين الأسودُ التي كانت حماة حمىً ..؟
.
.
من لم يجدْ في قلوب الناس أسودَها
يومًا لمَا ازدانَ في عينيه أبيضُها
كم ساق في مدحِه الأقوالَ واحدُهم
لكنْ لديه من الأفعالِ تُدحِضُها
سختْ غيوم الشتا غيثاً بلا مننٍ
في حين يُرعدها صيفٌ ويُومضُها
فقد مُنحنا عيوناً وهي مبصرةٌ
فكيف في موطنِ الإذلالِ نُغمضُها
لا تنحني هامتي إلا لخالقها
وإنْ أكنْ لكرام النفس أُخْفِضُها
أمضي على الشوكِ في عزٍّ أناشِدُه
وجَنّةُ المشتهى في الذلّ أَرفُضُها
لمْ تَعْتدِ النفسُ مِنّي الذلَّ مُذْ بُرئتْ
لو لامَسَ الذلُّ هذي النفسَ يُمرِضُها
قل للذي احترفَ الإذلالَ عن سفهٍ
تلكَ المذلَّةُ عارٌ كيفَ تمحضُها
ودّاً ، وتوصلُها إيفاءَ ذي رحِمٍ
وتنتهي عن شؤونَ اللهُ يفرضُها
وكلما نبتت للعز برعمةٌ
أتيتَ أنت بنصلِ الحقد تجهضُها
وقد يجاهر عبدٌ من بلاهتهِ
بالمنكراتِ وفي الأسواقِ يعرضُها
إن الطهارة في عقل وفي خلق
بالانحراف وسوء الخلق ننقضُها
فلا وضوؤك يستوفي جنابَتَها
ولا التيمم بالكافور يرحضُها
جاؤوا على وطني بالشرّ ساسته
قد أوسعوهُ هموماً مَنْ سينفضُها
سجّادةُ الأنبيا والأوليا وطني
من الذي ترك الفئرانَ تقرضُها
أين الأسودُ التي كانت حماة حمىً
ألا ترى ما يُعاني اليوم مربضُها