|
نَادَيْتُ أُمِّي فَغَنَّى بُلْبُلُ النَّغَمِ |
وَرَفَّ حِينَ شَدَا فِي رَوْضَةِ النِّعَمِ |
فَاسْتَيْقَظَتْ بَسْمَتِي كَيْ يَزْدَهِي فَنَنِي |
فَرَفْرَفَتْ نَبْرَتِي مِنْ نَشْوَةٍ بِدَمِي |
إِنْ قُلْتُ أُمِّي ضَمَمْتُ اللَّحْنَ فِي شَجَنِي |
فَيْضٌ سَقَانِي رَحِيِقَ الْحُبِّ فِي الْكَلِمِ |
يَا فَرْحَةَ الْقَلْبِ إِنْ جَاءَتْ تُلاَحِظُنِي |
فِي خَطْوِهَا الرَّغْدُ وَالْبُسْتَانُ فِي الْقَدَمِ |
قَدْ قَالَهَا الْمُصْطَفَى لِلأُمِّ إِنْ عَطَفَتْ |
مِنْ تَحْتِهَا الْجَنَّةُ الْخَضْرَاءُ بِالْقَلَمِ |
أَزْهارُهَا مَوْلِدِي مُذْ عَانَقَتْ جَسَدِي |
وَالرُّوحُ فِي رَوضِهَا مِنْ ضَمَّةِ الرَّحِمِ |
تَحْنُو بِحِضْنٍ كَأَنَّ اللهَ لَمْلَمَهُ |
بِجَنَّةِ الْوَرْدِ وَالأَنْدَاءُ فِي النَّسَمِ |
مَيْمُونَةُ الْوَجْدِ بِالْحُسْنَى تُبَارِكُنِي |
وَالْفَوْزُ بِالْقَلْبِ تِرْيَاقٌ لِذِي الأَلَمِ |
فَصِيحَةُ الْقَوْلِ إِنْ جَاءَتْ لِتَنْصَحَنِي |
وَشَهْدُهَا الْعَقْلُ يَنْبُوعٌ مِنَ الْحِكَمِ |
مِنْ نَبْعِهَا أَرْتَوِي عِلْماً يُمَجِّدُنِي |
صَرْحٌ لأَرْضِ الْمُنَى مِنْ جَوْدَةِ الْقِيَمِ |
وَالْغَرْسُ فِي الْعَقْلِ أَوْزَانٌ تُثَبِّتُنِي |
أَشْجَارُهَا الْخَيْرُ أَجْيَالٌ لِذِي الأُمَمِ |
قَدَّسْتُ فِي الأُمِّ أَخْلاَقاً أُقَدِّرُهَا |
مُذْ حَاوَطَتْ مِحْنَتِي بِالْعَطْفِ وَالْكَرَمِ |
مَزْيُونَةُ الْوَجْهِ كَالْبُشْرَى تُرَاوِحُنِي |
عِنْوَانُهَا الصَّبْرُ تَفْدِيِنِي بِلاَ سَأَمِ |
يَا قُرَّةَ الْعَيْنِ زِيِدِيِنِي بِأَدْعِيَةٍ |
وَاسْتَبْشِرِي مُهْجَتِي كَالنَّجْمِ فِي الْعَلَمِ |
سَمِّي عَلَى خَطْوَتِي وَاللهُ يَرْحَمُنِي |
لَعَلَّنِي أَهْتَدِي بِالذِّكْرِ وَالْقَسَمِ |
حَيَّاكِ يَا حُلْوَتِي فِي الْقَلْبِ يَا قَمَرِي |
وَاضْوِي سِرَاجَ الْهُدَى يَا دُرَّةَ الشِّيَمِ |
طُوفِي عَلَى مَوْطِنِي فِي الرُّوحِ وَاسْتَتِرِي |
حُطِّي مِنَ الْمِسْكِ وَالأَشْذَاءِ وَالْتَئِمِي |
أُمِّي حَنَانَيْكِ إِنْ غِبْتِ الْتَوَى جَسَدِي |
مُذْ قُلْتِ أَنِّي مِنَ الأَحْشَاءِ وَاللَّحَمِ |
رَيَّاكِ وَالْحِنَّةُ الْحَمْرَاءُ تَنْعَشُنِي |
فَوْحٌ مِنَ الطِّيِبِ إِنْ هَلَّ اخْتَفَى سَقَمِي |
هَيَّا اسْكُنِي وَرْدَتِي فِي الْقَلْبِ وَالْتَقِطِي |
فَالْغَرْسُ قَدْ أَيْنَعَ الإِحْسَاسَ فِي الذِّمَمِ |
فَالأُمُّ كَالأَرْضِ بِالأَنْفَاسِ تَصْقُلُنَا |
طُوبَى لِأُمٍّ تُرَاعِي بَذْرَةَ الْفِهَمِ |