ضلّ صديقان طريقهما في الصحراء يومين كاملين ، حتى حلّ بهما العطش والتعب وبعد جدال حول أفضل الطرق للعودة ؛ ثار أحدهما على صديقه فصفعه في لحظة غضب ، فما كان من الآخر إلا أن ابتعد قليلاً عن صديقه وكتب على الرمال هذه الجملة :
- تجادلت اليوم مع صديقي فصفعني على وجهي .
ثم واصلا السير إلى أن بلغا عين ماء فشربا منها حتى ارتويا ونزلا ليسبحا ولكن الذي تلقى الصفعة لم يكن يجيد السباحة .. فأوشك على الغرق ، فبادر صديقه إلى إنقاذه حتى كادا أن يغرقا معاً .
وبعد أن استردالغريق (وهو نفسه الذي تلقى الصفعة) أنفاسه أخرج من جيبه سكيناً .. ونقش على صخرة هذه الجملة :
- اليوم كدت أن أغرق فأنقذ صديقي حياتي .
فتعجب صديقه من فعله و سأله :
- عندما صفعتك ؛ كتبت هذا على الرمال ، وعندما انقذت حياتك ؛ نقشت هذا على الصخر . . فلماذا ؟
فقال صديقه :
- لأنني رأيت في الصفعة حدثاً عابراً فسجلتها على الرمال حتى تمحوها الرياح بسرعة ، أما إنقاذك لي فعملٌ كبير وأصيل وأريد له أن يبقى خالداً فنقشته على الصخر .
---------------------
حقاً ما أجمل الصداقة الحقيقية ، وما احوجنا للصديق الوفي .
و صدق وليم بلايك حين قال : ( للطير عش ، و للعنكبوت نسيج ، و للإنسان صداقة )
ولعل من أصدق ما قيل في اختيار الأصدقاء ؛ قول سيدنا علي رضي الله عنه :
- إياك ومصادقة الأحمق ؛ فإنه يريد أن ينفعك فيضرك ،
- وإياك ومصادقة البخيل فإنه يقعد عنك أحوج ما تكون إليه ،
- وإياك ومصادقة الفاجر فإنه يبيعك بالتافه ،
- وإياك ومصادقة الكذاب ؛ فإنه كالسراب يقرب إليك البعيد ، ويبعد عنك القريب.
وقوله أيضاً -رضي الله عنه - " صديقك من صدَقك لا من صدّقك " .
وأختم بقول عمر بن عبد العزيز " لاتقطع صديقاً وإن كفر ، ولاتركن إلى عدو وإن شكر "