بسم الله الرحمن الرحيم
سيِّدُ الوَجَبَات
(وليمة الثريد)
د. ضياء الدين الجماس
ملؤوا الدِّلالَ ليسكبوا الأشواقا = وعلى الموائد رتّبوا الأطباقا
سألَ الضيوفُ حفِيّهمْ عن حَفْلهِ = فأجابَ منْ أجل الوليدِ أراقا
فاحتْ رياحُ الزّعفرانِ شذيَّةً = مع قرفَةٍ لتؤجِّجَ الأذواقا
حَمَلَ الصحافَ ذوو القوى ناءت بهم = من ثقلها كي تبهرَ الأحداقا
وَرَسَا "الثريدُ" تفوحُ منه توابلٌ = والرزُّ يغمُرُه وكان طباقا
واللحْمُ الاحمرُ فوقَه متراقصٌ = أمّا الإدامُ فزادَهُ إغداقا
لبَنٌ بفومٍ وُزِّعَتْ أكوابُه = ليَصُبَّه من يشتهيه دهاقا
فابدأ ببسملةٍ لتأكلَ هانئاً = واسكبْ شرابكَ ضاحكاً خفّاقا
غاصت أيادي القوم تمخَرُ بَحْرَهُ = لتعودَ قابضةً تشدُّ خناقا
وتفضَّ ثغراً يشرئبُّ لما جَنَتْ = فيلوكُهُ ويحركُ الأشداقا
يجري اللعابُ به كنهرٍ دافقٍ = عبْرَ اللّهاةِ يوسّعُ الأعناقا
بعدَ الثريدِ يُدارُ شايٌ مخْدَرٌ = معَ قَهْوَةٍ كي يَفتَحَ المسراقا
من بعدها شكَرَ الضيوفُ حفيهم = مستبشرين بما احتفى إشراقا
خرجوا جموعاً حامدين مضيفَهم = واستودعوه لدى الوداع عناقا
خيرُ النساءِ تُعِدّه بِنَدى الهوى = لنُحبَّ ربَّا مُنْعماً خَلّاقا
أفضالها مُزِجَتْ بحبِّ المصطفى = فابيضَّ وجهُ عَشيرها مشتاقا
هو سيّدُ الوجَباتِ يُنعِشُ ميِّتاً = وترى به خيرَ الطعامِ مذاقا
أفلا تراهُ مقدَّماً منْ مُنْعمٍ = نِعْمَ الكريمُ يقسِّمُ الأرزاقا
ذاكَ الطعامُ ستسألونَ نعيمَه = فإذا حمدتم ترتقون سباقا
فلتحمدوا اللهَ الحميدَ لجودِهِ = فَتَحَ البصائرَ نوَّرَ الآفاقا