|
لا الدَّمعُ يُغني ، وإنْ وافاكَ هامرُهُ |
ولا الأنينُ ، وما جاشتْ مشاعرُهُ |
ولا الزَّمانُ الذي جارتْ نوازلُهُ |
فأحزنتْ مهجةَ الصَّابي مصائرُهُ |
ولا القصيدُ ، ولا الأفكارُ مسعفةٌ |
أنتَ المُسجَّى ، وأنتَ الفكرَ ناظرُهُ |
سَميتُ باسمكَ إبني ، وهي تذكرةٌ |
مدى الحياةِ تعزّيني نواظرُهُ |
جمّلْ خطاكَ ، لقد وافيتَ حضرتَهُ |
وكم تناهى بهِ الوجدانُ عامرُهُ |
وكم تناهيتَ بالتَّوحيد معرفةً |
حتَّى أنِسْتَ ، فأبكتكم مناظرُهُ |
تحكي المعارفَ بالإرشاد مفتقرًا |
هذا الزَّمانُ تُحيّيكم أكابرُهُ |
كم التقينا ، وذي " أربيل " شاهدةٌ |
أنَّ الوصالَ شذيّاتٌ بصائرُهُ |
بل تلكَ والهةٌ بغدادُ باعثةٌ |
دمعَ الوَفاءِ الذي تَيْمًا تعاصرُهُ |
ماذا يكونُ لو استأنيْتَ يا ثقتي |
كيما نراك بطرْفٍ جالَ آخرُهُ |
حتَّى تؤوبَ إلى الأحبابِ مُلتمسًا |
جمالَ قلبٍ تغشَّتْنا محابرُهُ |
ماذا يكون لو استأنيْتَ يا أرجًا |
نداه في الرُّوح تحنانًا نشاطرُهُ |
قد انتظرْنا ودادًا ملء أفئدةٍ |
ما كنتُ أعلمُ أن ينأى مسافرُهُ |
كم انتظرْنا إشاراتِ الهَنا وهوىً |
إلى عبيرِ الضُّحى حنَّتْ عواطرُهُ |
أجَلْ ، أبا فائقٍ ، ما الصَّبْرُ يُدركنا |
لمَّا رحلتَ تناجينا جواهرُهُ |
فهل رضيتَ عن الماضي وحاضرنا |
عن مقصدٍ للورى مالتْ بوادرُهُ |
أم غافصَ القلبَ منكم نبضُهُ دلهًا |
وأنت ترنو وداعًا غاب شاعرُهُ |
أم الكلومُ كُثارٌ ، ويحَ مَن جهلوا |
آلامَ خلٍّ كثيراتٌ نوادرُهُ |
هل الحديثُ حديثٌ في مسامعكم |
أنت المُسَجَّى ، ولي شدوٌ يؤاصرُهُ |
وأنت أنتَ ، ولا أبغي سوى أدبٍ |
مع الرثاءِ تُمنّيني بواهرُهُ |
يعيدُ للآهِ ذكرىً شابَ ذاكرُها |
أوهتْ مُحبًّا لكم تهفو شعائرُهُ |
فالذكرياتُ أبا الخلاّن تندبني |
تقول لي أيُّهذا مَن نذاكرُهُ |
مَن ذا نُجانسُهُ إن صحتُ وا ألمي |
ولا جليسَ تحاكينا أواصرُهُ |
مَن ذا نناديه ، قد كلَّتْ عواطفنا |
وأنت مُذ كنت ما كلَّتْ خواطرُهُ |
الليلُ عسْعسَ ، والأزهار حائرةٌ |
والفكرُ من وجعٍ عزَّتْ زواهرُهُ |
لمن سأقرأ ، والآمال ، ما حملتْ |
إلاك يا أملاً تسعى مصادرُهُ |
رغم الوداع أرى الأنظارَ حاضرةً |
أنظارَ متَّبعٍ شعَّتْ محاضرُهُ |
رَوْضَ الحبائبِ لا عاشت لنا جمَلٌ |
غِبَّ الإمامِ الذي ناحتْ مَقادرُهُ |
بعد الإمام الأب الحاني ببسمته |
محبَّةً أثمرت فينا مفاخرُهُ |
روضَ الحائب يا أربيل بهجتِنا |
هذا فؤادي ، وأنفاسي تؤازرُهُ |
كأنَّما نفحاتُ الأنسِ ترقبنا |
منها تنسَّمَ عِرفاني وخاطرُهُ |
أجلْ أبا فائقٍ روحي الفداء لمن |
روَّى القلوبَ ، لذا قمنا نُسامرُهُ |
يا سيَّدَ الشِّعْر لي عذرٌ بقافيةٍ |
رحيقها يوم ترحالٍ أناظرُهُ |
ماذا يكون لو استأنيتَ في جلدٍ |
ورأفةً بالذي شاخت سرائرُهُ |
كيما نؤوبَ إلى عهد الذرى شرفًا |
عهد السَّعادةِ تهواكم منابرُهُ |
حتى ترى المسجدَ الأقصى وقد زحفت |
له القلوبُ ، ونادتكم عساكرُهُ |
لتبصرَ القدسَ تزهو في مباهجِها |
في حومةِ المجدِ ما لاحتْ مظاهرُهُ |
فيا حبيبُ وداعًا ، خافقي دنفٌ |
هذا المدادُ ، وقد حيَّاكَ شاعرُهُ |
أرثيكَ ، تسألني الأعماقُ طائفةً |
مَن للمُنيبِ الذي نمَّتْ عواطرُهُ |
هواك أخيُلتي ما عشتُ بعدكمُ |
قصيدُكَ المُنتقى دومًا أحاورُهُ |
طوباكَ يا ابنَ " كمال الدين " مُلتحقًا |
بخيرِ ركْبٍ توَلَّتْكم مآثرُهُ |
طوباك يا ابن " كمال الدين " منزلةً |
رضوانُ تخدمكم فيها محاجرُهُ |
طوبى لكلِّ المغاني إذ مررْتَ بها |
وملتقىً لم تزلْ تندى بشائرُهُ |
طوبى لكلِّ فؤادٍ قد بذلتَ لهُ |
لِذا نعاكَ بما ضمَّتْ محاورُهُ |
خلَّفتَ للقومِ بالإرشاد كوكبةً |
شعارُها الصَّفْوُ أغنى الفهَمَ ناظرُهُ |
منهم أصيلُ المعاني عِطرُ روضتنا |
لإنّهُ " فائقٌ " ضاءتْ بواهرُهُ |
فيا أبا فائقٍ أهديك عاطفتي |
فاذكرْ منانا الذي طالت معاذرُهُ |
لعلَّنا الكوثر الرقراق نشربُهُ |
قربَ الأحبَّةِ تروينا مصادرُهُ |
ولا أقولُ ختامًا غيرَ قافيةٍ |
بالأمسِ جاد بها المعنى هوامرُهُ |
( أحببْتُ وجهَ الثرى إذ أنتَ زائرُهُ |
وقد رحلتَ فمَن يبقى أسامرُهُ ) |