أَلَا يَا شِعْرُ هَلْ أَطْفَأْتَ نُورِي وَآثَرْتَ الظَّلَامَ عَلَى بُدُورِي وَأَحْبَبْتَ انْصِرَافَكَ عَنْ دِيَارِي كَأَنَّكَ مَا سَكَنْتَ مَعِي قُصُورِي أَلَمْ تَكُ قَبْل تَشْرَبُ مِنْ مَعِينِي وَتَقْطِفُ مِنْ بَسَاتِينِي زُهُورِي فَتَعْصِرُهَا عَلَى فِكْرِي وَرُوحِي لَتَخْرُجَ مِنْ فَمِيْ بِشَذَا عُطُورِي وَتَرْقُصُ فَوقَ أَورَاقِي تُغَنِّي وَقَدْ ثَملتْ حُرُوفُكَ مِنْ خُمُورِي فَكَيفَ تَوَقَّفَتْ أَنْغَامُ بَوْحِي وَعَنْ أَعْشَاشِهَا ابْتَعَدَتْ طُيُورِي وَكَيفَ أَذَبْتَ أَنْفَاسِي وَتَدْرِي بِأَنِّيَ قَدْ صَنَعْتُكُ مِنْ بُحُورِي أَجِبْ يَا شِعْرُ عَنْ سُؤْلِي فِإنِّي أَرَى الخُذْلَانَ يَنْخرُ فِي جُذُورِي لِمَاذَا كُلَّمَا سَطَّرتُ شِعْرِي عَلَى الصَّفَـحـَاتِ بَدَّدَنِـي شُعُـورِي وَأَرْسَلَنِي مَعَ الحَسَرَاتِ وَحْدِي أُفتِّشُ فِي الهَوَامِشِ عَنْ سُرُورِي فَلَا شَيءٌ يَدُّلُ عَلَى وُجُودِي وَلَا أَثَرٌ يُشيرُ إِلَى حُضُورِي كَأَنِّي كُلَّمَا اشْتَقْتُ القَوَافِي تَرَكْتُ التِيهَ يَحْكُمُ فِي مَصِيرِي وَأنِّي مَا كَتَبتُ الشِعْـرَ إِلَّا لِتَصْلبَنِي الحُرُوفُ عَلَى سُطُورِي