ماذا لو لم يكن في العروض وتدٌ مفروق ؟
اسمحوا لي أن ( أشخبط وألخبط ) قليلا على الورق , وأنا أفكر مع نفسي حول دائرة المشتبه وهي الدائرة الرابعة من دوائر الفراهيدي والتي أنتجت تسعة بحور اعتمد الفراهيدي ستة منها وأهمل ثلاثة. إضافة لما قرأته في كتاب (علم العروض ومحاولات التجديد) للدكتور محمد توفيق.
اعتمد الفراهيدي فيها بحرا أسماه السريع وتفعيلاته ( مستفعلن مستفعلن مفعولاتُ ) وقرر أن الوتد المفروق هو آخر تفعيلة ( مفعولاتُ ) , لكنه اشترط أيضا أن يستخدم هذا البحر وجوبا ( مستفعلن مستفعلن فاعلن ) والذي شككت بانتمائه لهذه الدائرة بل هو من أوزان بحر الرجز , وكل ما أصابه من علة في ضربه هو حذف سبب خفيف منه.
وبنظرة لما ورد فيها من بحور ولنأخذ أساسا بحر الخفيف :
فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن ... فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن
وبتمعن في هذا الوزن نرى توالي أسباب ثلاثة في حشو البيت رغم أن الفراهيدي وضع قاعدة عدم جواز ذلك , ولكي يخرج من هذا كان لابد من القول أن مستفعلن فيها وتد مفروق ( مستفع لن ) عندها لا تتوالى ثلاثة أسباب لأن الثالث أصبح جزءا من الوتد المفروق.
نحن نعلم أن العرب كانت تقول الشعر قبل اكتشاف علم العروض من قبل العبقري الفراهيدي , والعرب شبهت بيت الشَّعر ببيت الشِّعر ( الخيمة ) وعناصر بنائه هي الأوتاد والأسباب , وبينوا أن الأوتاد ثابتة ومشابهة لأوتاد الخشب التي تثبت بها الخيمة , والأسباب هي الحبال التي تربط الخيمة بالأوتاد ليتكون البيت ( الخيمة ) , ولم تذكر العرب أن للأوتاد نوعين هما المجموع والمفروق بل الأوتاد هي أوتاد , والأوتاد في الشعر لا يصيبها إلا العلل وهي القطع أو الزيادة , أما الزحافات فهي التي كانت تصيب الأسباب أو الحبال بتقصيرها لغرض الربط.
والعرب لا تعرف أن هناك أنواعا من الأوتاد بل الأوتاد هي أوتاد مشابهة للأوتاد الخشبية التي تدق في الأرض لتثبيت البيت وتختلف عن بعضها خاصة ما يأتي في الضروب بقطع الرأس أو الذيل أو الإضافة ومعروف أن مثل هذه الأوتاد تأتي في الطرف المقابل لباب الخيمة, وهي واحدة ولا توجد لها أنواع. أما الأوتاد في الحشو فهي التي تبقى كما هي بدون أي تغيير.
وإذا افترضنا أنه لا يوجد وتد مفروق في الشعر العربي , فماالذي سينتج ؟
ولنجر محاولة تدوير وزن بحر الخفيف دون وتد مفروق وكما يلي :
فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن ( الخفيف )
تن فاعلاتن مستفعلن فاعلا
مستفعلاتن مستفعلن فاعلن ( مستفعلن مفعولات مستفعلن ) المنسرح أو أن نعتمد تفعيلة مستفعلاتن في تفعيلات العروض.
علن مستفعلاتن مستفعلن فا
مفاعيلن مفاعيلن فاعلاتن ( القريب أو المنسرد ) أهمله الفراهيدي
تن مفاعيلن مفاعيلن فاعلا
فاعلاتن فاعلاتن مستفعلن ( الغريب أو المتئد ) أهمله الفراهيدي
علن فاعلاتن فاعلاتن مستف
فعولن مفاعيلن مفاعيلاتن ( وزن يمكن إهماله ) أو اعتماده ( فعولن فعولن فاعلن مفعولن )
تن فعولن مفاعيلن مفاعيلن
فاعلاتن مفاعيلن مفاعيلن ( المطرد أو المشاكل ) أهمله الفراهيدي
لن فاعلاتن مفاعيلن مفاعي
مستفعلن فاعلاتن فاعلاتن ( المجتث )
تن مستفعلن فاعلاتن فاعلا
مفعولن فعولن فعولن فاعلن ( مفعولات مستفعلن مستفعلن ) المقتضب أو أن نعتمد تفعيلة مفعولن في تفعيلات العروض.
علن مفعولن فعولن فعولن فا
مفاعيلن فاعلاتن مفاعيلن ( المضارع )
لن مفاعيلن فاعلاتن مفاعي
فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن
وكما نرى ما نتج وهو :
1 – كل بحور دائرة المشتبه نتجت هنا عدا بحر السريع ( لأنه لاينتمي لها )
2- توالي 3 أسباب كما هو لفظا في الخفيف.
3 – ظهور تفعيلات وهي ( مستفعلاتن , مفاعيلاتن, مفعولن ) بسبب قبول توالي ثلاثة أسباب.
وأضيف إلى ما طرحه الدكتور إبراهيم أنيس كما ورد في كتابه موسيقى الشعر ص 139 – ص 140 والذي اطلعت عليه في مرجعي (علم العروض ومحاولات التجديد) للدكتور محمد توفيق, أن المنسرح هو :
مستفعلاتن مستفعلن فاعلن ... مستفعلاتن مستفعلن فاعلن
وهذا جاء ضمن رؤيته في موسيقى الشعر التي أختصر فيها بحور الشعر إلى عشرة بحور فقط وأسقط بحرين هما المضارع والمقتضب باعتبار أنهما محشوران حشرا ولا أصل لهما في الشعر العربي , إضافة لإهماله ثلاثة بحور بتبرير أنها صيغ أخرى من بحوره العشرة وهي الكامل والوافر والهزج , وأعتمد التفعيلات الإضافية التالية :
مستفعلاتن
فعولاتن ( وهي مكافئة لمفاعيلن )
وأهمل تفعيلات متفاعلن , مفاعلتن , وأهمل الوتد المفروق في كتابة ( فاع لاتن ) و ( مستفع لن ) ..وهذا صحيح لفظا وشعرا إذ لا يظهر الوتد المفروق فيهما.
والتفعيلات التي اعتمدها هي ثلاثة فعولن , فاعلن , مستفعلن
ومنها اشتق ثلاثة تفعيلات أخرى بإضافة سبب خفيف ( فعولاتن , فاعلاتن , مستفعلاتن )
ويظهر من التدوير أعلاه إمكانية عدم الإعتماد على الوتد المفروق في الشعر العربي لكن أن يعتمد على توالي الأسباب الخفيفة الثلاثة والتفعيلات الجديدة الناجمة عنها.
كما أنه لم يتطرق للسبب الثقيل الذي حذفه وحذف تفعيلاته , وهذا سيلزمنا باستحداث زحاف جديد وهو تحريك الساكن الثاني في ( مستفعلن ) لتصبح ( متفاعلن ) ليغطي النظم في الكامل وكذلك تحريك الخامس الساكن في ( فعولاتن ) لتصبح ( مفاعلتن ) وتغطي النظم في الوافر. أما الهزج فهو اعتبره من مجزوء الوافر الذي اعتمده ( فعولاتن فعولاتن )
لكنه لم يذكر الوافر ( فعولاتن فعولاتن ) ضمن بحوره , كما أنه أهمل المتدارك بالرغم من اعتماد تفعيلته ( فاعلن )
موسيقى الشعر للدكتور ابراهيم أنيس.
http://lisaanularab.blogspot.com/201...post_5981.html
ولن أتحدث الآن عن بحوره العشرة وهل يمكن تدويرها أم لا وأي الدوائر تجمعها وسأطرحها في وقت لاحق.
علم العروض ومحاولات التجديد للدكتور محمد توفيق.
http://www.neelwafurat.com/itempage....9&search=books
أنا أطرح الموضوع وأعلم أن تبني هذه الرؤية سيسقط ما طرحته في الدائرة السادسة من اعتماد وتدين مفروقين أو حتى ثلاثة أوتاد مفروقة, وما نتج عنه لاحقا.
وأرحب بأي نقاش وحوار حول الموضوع.