قضى " أبو عبد الله " طفولته ، ومن ثمّ ريعان شبابه ، وهو يستمعُ ويشاهد " صور من المعركة " أو " فين الملايين " أو " لاحت رؤوس الحراب " ،
وذات مساء ثمانينيٍّ جميل ، أطال وأمعن النظر إلى والده وهو يقوم بإدامةِ سلاحه الشخصيّ الذي كان مُعتادًا على تلميعه بين الفَينة والأخرى ، أكمل عمله
وأعاد المخزن الخالي من العتاد إلى مكانه ، ثمّ ركن بندقيّته جانبًا ، وغادر فجر اليوم التالي إلى حيث جبهات القتال .
بعد أسابيع عدّة ، سمع الجيران صياحًا وجلبةً وأصواتًا من هنا وهناك لرجالٍ ونساء ، منهم من يهلّل ، ومنهنّ من تزغرد ، ومنهم من يقول " أذكر الله .." .
كان صاحبنا " أبو عبد الله " قد أخذ سلاح والده ، وفي ظنّه أنّه ما زال خاليًا من العتاد ، فصوّبه – مازحًا – إلى رأس أخته ، ولكنَّه أخطأ الهدف ،
وما زال أثر الرصاص باقيًا على الجدران للذكرى وللذاكرة .